حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,29 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5038

مقدادي يكتب: خطاب العرش السامي… بوصلة الدولة ورسالة الحسم في مواجهة التحديات وترسيخ النهج الإصلاحي

مقدادي يكتب: خطاب العرش السامي… بوصلة الدولة ورسالة الحسم في مواجهة التحديات وترسيخ النهج الإصلاحي

مقدادي يكتب: خطاب العرش السامي… بوصلة الدولة ورسالة الحسم في مواجهة التحديات وترسيخ النهج الإصلاحي

27-10-2025 02:47 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس ثائر عايش مقدادي
في لحظة سياسية فارقة من عمر الدولة الأردنية، جاء خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة ليشكل وثيقة وطنية شاملة، حملت معاني الاستمرارية والثبات، مقرونة برسائل واضحة للداخل والخارج، ومؤطرة لرؤية ملكية تستند إلى ثوابت راسخة وإرادة لا تلين. لم يكن الخطاب بروتوكولًا افتتاحيًا عابرًا، بل خريطة طريق تؤكد أن الأردن يدخل مرحلة جديدة من العمل، عنوانها دولة قوية، واقتصاد منتج، واحترام سيادة القانون، وترسيخ الهوية الجامعة، والدفاع عن القضايا المصيرية وعلى رأسها فلسطين.

منذ الفقرة الأولى، بدت ملامح الثقة وقوة الاتجاه واضحة؛ فالملك وضع مجلس الأمة أمام مسؤولياته الدستورية، مؤكدًا أن المرحلة القادمة هي مرحلة إنجاز لا أقوال، وبناء لا تعطيل، وأن الإصلاح السياسي ليس ملفًا للاستهلاك، بل مشروع دولة يتم استكماله بثبات، وبما يعزز المشاركة الشعبية ويؤسس لحياة حزبية برامجية قيادةً وفعلًا. وهنا يمكن قراءة الرسالة الداخلية بأن الزمن السياسي القديم قد انتهى، وأن القادم يتطلب أداءً مختلفًا وسلوكًا مؤسسيًا يتجاوز الفردية والارتجال.

على المستوى الاقتصادي، وضع الخطاب النقاط على الحروف، محددًا أولوية الأولويات: تحسين واقع المواطن المعيشي، ومحاربة البطالة، وخلق بيئة إنتاج وتقليل البيروقراطية، وتعزيز سيادة القانون كشرط لجذب الاستثمار. الملك، كعادته، لم يقدم عبارات إنشائية، بل تحدث بلغة الإنجاز وربط الاقتصاد بالإدارة، والإدارة بالمساءلة، والمساءلة بالشفافية والعدالة. وهذا بحد ذاته يحمل رسالة حاسمة: لا إصلاح اقتصادي بلا إصلاح إداري، ولا دولة منتجة بلا دولة منضبطة ومؤسسات فاعلة.

أما البعد الإقليمي، فقد ظهر في الخطاب بوضوح وعمق، وبالأخص تجاه القضية الفلسطينية، التي بقيت ـ كما كانت دائمًا ـ في قلب الموقف الأردني. فالأردن، بقيادة الملك، لا يساوم على الثوابت، ولا يقبل بتصفية الحقوق، ولا يسمح بتمرير المشاريع التي تستهدف الهوية والقدس والمقدسات. وقد أعاد الملك التذكير بأن الدعم الأردني لفلسطين ليس موقفًا عاطفيًا أو موسميًا، بل التزام تاريخي وسياسي وديني يمس هوية الدولة الأردنية ودورها الأصيل. وهنا تجلت الرسالة الإقليمية الأبرز: الأردن ثابت في موقعه، ولن يحيد عن مبدأ الحل العادل وقيام الدولة الفلسطينية، مهما تغيرت الظروف أو مالت الموازين.

في المحور الأمني والعسكري، كرّس الخطاب مكانة الجيش العربي والأجهزة الأمنية باعتبارها العمود الفقري للدولة وضمانة استقرارها، مؤكدًا أن حماية الأردن، وحدوده، وقراره الوطني، وسيادته، خطوط حمراء لا تقبل النقاش. وهذه ليست مجرد جملة بروتوكولية، بل رد مباشر على كل من يجهل أو يتجاهل حقيقة أن قوة الأردن تبدأ من أمنه، وأن أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو إصلاحي يفقد قيمته إن لم يكن مسنودًا بجيش قوي وأجهزة محترفة وهيبة كاملة للقانون.

أما على المستوى الاجتماعي والوطني، فقد أعاد الخطاب التأكيد على الهوية الوطنية الجامعة، ومحورية دور الشباب، وضرورة بناء دولة المؤسسات لا دولة الأشخاص، دولة الفرص لا المحسوبيات، ودولة القانون لا الاستثناءات. وهنا تتجلى الرسالة الأعمق: الأردن ماضٍ نحو بناء عقد اجتماعي جديد يرتكز على الحقوق والواجبات، ويعيد الثقة بين المواطن والدولة عبر العدالة والكفاءة والشفافية.

اللهم يا رب العرش العظيم، يا من لا يُضام من اعتصم بحبله، ولا يَضلُّ من اهتدى بنوره، نسألك أن تحفظ الأردن أرضًا وشعبًا وجيشًا وقيادة.

اللهم احفظ عبدك، سيّد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وأيّده بنصرك، وألبسه ثوب الصحة والعافية، وأطل في عمره، وسدّد رأيه، واجعل عمله خالصًا لوجهك الكريم، وقرّ عينه بولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.

اللهم احفظ الأردن واحة أمنٍ وأمان، وثراء إيمان وإحسان، واجعل رايته عالية خفّاقة، واحطْه بملائكةٍ تحفظه من كل سوء، وأدم عليه نعم الأمن والاستقرار.

اللهم احفظ جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية، درع الوطن وسيفه، وأيدهم بالقوة والبصيرة، ووفقهم لحماية أرضه وحدوده وشعبه.

اللهم اجعل لهذا البلد فوق كل أرض وتحت كل سماء من الخيرات ما يُبهج القلوب ويُعلي البناء، وافتح لأبنائه أبواب الرزق والبركة والتوفيق، ووحّد صفوفهم على الخير والمحبة، واصرف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم كما حفظت الأردن منذ النشأة، فاحفظه في كل مرحلة، واكتب له النصر والرفعة والمنعة، وكن له يا رب العالمين ظاهرًا ونصيرًا.

اللهم آمين… اللهم آمين… يا رب العالمين.











طباعة
  • المشاهدات: 5038
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-10-2025 02:47 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم