حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,29 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6679

اسماء صقر السردي تكتب: قراءة في خطاب العرش: الأردن بين الإرادة والإصلاح

اسماء صقر السردي تكتب: قراءة في خطاب العرش: الأردن بين الإرادة والإصلاح

اسماء صقر السردي تكتب: قراءة في خطاب العرش: الأردن بين الإرادة والإصلاح

27-10-2025 02:39 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : اسماء صقر السردي
خطاب العرش لهذا العام لم يكن مجرد تقليد دستوري متكرر، بل حمل رسائل سياسية عميقة أراد الملك أن تصل إلى الداخل الأردني قبل الخارج. الخطاب كان صريحًا، مباشرًا، خاليًا من المجاملات الزائدة، وكأنه يضع النقاط على الحروف في مرحلة مفصلية تمر بها الدولة.
أول ما يلفت الانتباه هو النبرة التي استخدمها الملك حين قال: "يقلق الملك، لكنه لا يخاف إلا الله... ولا يهاب شيئًا وفي ظهره أردني". هذه الجملة وحدها تختصر فلسفة الحكم في الأردن اليوم — دولة لا تقوم على الرهبة، بل على الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب. أراد الملك أن يعيد تعريف العلاقة بين الطرفين: ليس علاقة أوامر وطاعة، بل علاقة شراكة ومسؤولية.
في المقابل، لم يخفِ الملك قلقه من بطء بعض مسارات الإصلاح. فحين قال: "ما زال الطريق أمامنا طويلاً ويتطلب عملاً منقطع النظير"، كانت تلك إشارة واضحة إلى أن الخطط وحدها لا تصنع التغيير، وأن على المؤسسات التنفيذية والتشريعية أن تترجم الرؤى إلى نتائج ملموسة. الرسالة هنا موجّهة لمجلس الأمة تحديدًا: المسؤولية مشتركة، والوقت لم يعد يسمح بالمماطلة.
أما في البعد الاقتصادي، فقد ركّز الخطاب على رؤية التحديث الاقتصادي كأولوية وطنية لا تحتمل التراجع. فالحديث عن المشاريع الكبرى، وفرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة لم يأتِ كشعارات، بل كالتزام مباشر. الملك أراد أن يذكّر الجميع بأن الإصلاح السياسي لا قيمة له من دون قاعدة اقتصادية متينة تحفظ كرامة المواطن.
وفي الشق الإقليمي، جاء الموقف من غزة والقدس تأكيداً على ثوابت الأردن التي لم تتبدل رغم الضغوط. عبارة "سنواصل الوقوف إلى جانب أهلنا في غزة وقفة الأخ مع أخيه" لم تكن مجرد تضامن إنساني، بل تأكيد على أن البوصلة الأردنية ما زالت ثابتة تجاه فلسطين والوصاية الهاشمية. هذه فقرة حملت شحنة وجدانية عالية لكنها في الوقت نفسه رسالة سياسية موجهة للعالم: أن الأردن لا يساوم على القدس، ولا يتنازل عن دوره التاريخي.
الخطاب بمجمله كان أشبه بجرس إنذار ناعم: هناك إنجازات تحققت، لكن هناك أيضاً مسؤوليات ثقيلة تنتظر التنفيذ. والملك بدا كمن يقول بوضوح: “كفى انتظارًا، آن أوان العمل.”
من وجهة نظري كناشطة سياسية، أرى أن هذا الخطاب يعيد ضبط إيقاع الدولة الأردنية. فهو يدعو إلى عقلية جديدة في الإدارة، وإلى مسؤولين يملكون الجرأة على الإنجاز لا على التبرير. وفي الوقت ذاته، يُعيد ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة، تلك الثقة التي تتغذى على العدالة، والفرص، واحترام الإنسان.
الأردن كما وصفه الملك: “وُلد في قلب الأزمات”، لكنه لم يكن يوماً رهينة لها. واليوم، ونحن أمام مرحلة تتقاطع فيها التحديات الداخلية مع الإقليمية، يبدو أن الملك أراد أن يقول بوضوح: لا مكان للخوف، بل للجدية. لا مكان للترف السياسي، بل للإنجاز











طباعة
  • المشاهدات: 6679
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-10-2025 02:39 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم