حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,1 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9950

علي دراوشه يكتب: الواسطة هل هي موروث جيني أم موروث إجتماعي؟؟

علي دراوشه يكتب: الواسطة هل هي موروث جيني أم موروث إجتماعي؟؟

علي دراوشه يكتب: الواسطة هل هي موروث جيني أم موروث إجتماعي؟؟

29-05-2025 01:46 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : علي محمد الدراوشة
تُعد الواسطة والمحسوبية من الظواهرِ الإجتماعية السلبية في المجتمعاتِ البشرية ،حيثُ تُمنح الخدمات أو التعيينات تبعًا لصلة القرابة أو العلاقات الشخصية مع أصحاب القرار أو المسؤولين بدلاً من منحِها لِمُستحقيها من أصحابِ الكفاءات والقدرات.

رُبما أصبحت هذه الظاهرة تُشكل ثقافة إجتماعية راسخة في مُجتَمعِنا الأردني لا سيما لدى المسؤولين وأصحاب القرار ، فَكَثُرا ما نسمع جملة يكادُ تبدو غريبةً نوعًا ما وهي بأننا "نعترف أن لدينا فساد ولكن ليس لدينا فاسدين" لكن هذه الجملة مثيرة للغاية ،فإمكانية إثبات تهمة الفساد أو مُلاحقة الفاسدين تكاد تكون صعبة للغاية ربما لأن من يمارسها يمتلك السلطة والقرار وفي الغالب الأعم ان يد القانون والمحاسبة لنْ تطالهم.

وتنتشر هذه الظاهرة السلبية في مجتمعنا الأردني في مستويات متعددة وفي جميع الأماكن والمؤسسات سواء أكانت الحكومية أو الخاصة ، حيثُ أًصبحت عنوانًا كبيرًا وسببًا مُعلنًا امام الملأ للترهل والفساد الإداري والفشل أحيانًا الذي يصيب مؤسسات القطاع العام تحديدا ، والذي حرم العديد من الكفاءات من وجودها في الوظائف العامة والقيادية منها.
يمكن أن يعود إنتشار هذه الظاهرة السلبية لعوامل وأسباب كثيرة أهمها : غياب العدالة والنزاهة والشفافية وضعف آليات الرقابة والمُساءلة علاوةً على ذلك الظغط الاجتماعي المُمارس على المسؤولين وأصحاب القرار من قِبل الأهل والعشيرة والذي يشكل سببًا هامًا ورئيسًا في تفشي هذه الظاهرة المُقيتة.
ويبقى السبب الأهم في إنتشار مثل هذه الظاهرة هو غياب
أو ضعف الوازع الديني .
وبإنتشار هذه الظاهرة فأن ذلك قد يكون سببًا رئيسيًا في شعور الأغلبية بالظلم وانعدام العدالة وفقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية مما قد يدفع البعض للهجرة للخارج ويحرم المجتمع من الاستفادة من هذه الكفاءات والخبرات.
لقد ألحقت هذه الظاهرة السلبية الأذى والأضرار العميقة ، كما أنها أوجدت قيمًا وممارسات وسلوكيات سلبية أدت الى الفساد الادراي بكافة مستوياته .

وبعد ما سلف ذكره لماذا لا نطرح على أنفسنا سؤال مفادهُ ، من يتحمل مسؤولية كل هذا الفساد؟؟؟
نجد أن هنالك فئة تجيب على هذا السؤال بالقول أن المسؤولين هم من يتحملوا كامل المسؤولية لكن عند التمحص والبحث نجد أنه لا يمكن أن يتحمل المسؤول كامل اللوم فقط بل أن اللوم يقع على ثقافة المجتمع التي أجبرته على ممارسة مثل هذهِ السلوكيات ، حيث أنها أصبحت جزءًا من الثقافة المجتمعية التي تُجبر المسؤول على خدمة أهلهِ وأقاربهِ حتى وإن كان ذلك على حساب الاخرين.
أما عن باقي أفراد المجتمع فنجدهم يلقون اللوم على الإدارة العامة لمؤسسات الدولة فهي من تتحمل مسؤولية ظبط هذه الظاهرة وتجفيف منابعها وقلعها من شروشِها، فغياب العدالة فيما يتعلق بالوظائف العامة من تعيينات أو ترقيات أو حوافز أو مكافات.... كل ذلك سيؤدي حتمًا إلى إلحاق الضرر العميق بهذهِ المؤسسات وبطبيعة الحال سيبقى المجتمع تحت سيطرة ثُلة قليلة تعتبر نفسها مخلوقات من كوكبٍ آخر وانها تتولى الوصاية على هذا المجتمع.
لابد لنا أن نُبقي هذا السؤال مطروحا لعل أحدهم يُجِيبُنا على ذلك؟؟؟
أن الواسطة والمحسوبية لا تقتل الكفاءات على الفور بل تخدرها أولا ، حيث تضع الشباب المتفوقين في دوامة من الشك مما يجعلهم يتساءلون إنْ كان الجهد مُجديًا وإن كانت الشهادة كالسلاح فكيف يُهزّم صاحب السلاح أمام شخص لا يحمل سِوى هاتفًا متروسًا بأرقام أصحاب المعالي والعطوفة؟؟؟
من المؤلم حقًا أن الكفاءة في الأردن لا تُقاس بإنجازات الإنسان ، وإنما تُقاس بعدد الأرقام المُخزنة في هاتفه ومدى قوة هذه ألارقام في بسط نفوذها.
الواسطة ليست استثناءًا ... بل أًصبحت جزءًا من النظام العُرفي الغير المكتوب ، حيث أنها اصبحت نظام موازٍ يسيرُ جنبًا إلى جنب مع الدستور ، لكنهُ لا يُطبع في الكتب ولا يُدرس في الجامعات.
ومن نافلة القول، لابُد أن نقف جميعًا أمام هذه الظاهرة لمنع تفشيها وازديادها من خلال مجموع من الاجراءات والتي تتمثل بالتالي:
تجريم الواسطة والمحسوبية بناءًا على نصوص قانونية صريحة وتطبيقها على أرض الواقع وليس كتابتها فقط ككلمات مزخرفة ونصوص مُنمقة .
تكثيف الرقابة من قِبل الدولة على المؤسسات العامة وكيفية التعيينات بها.
تمكين الصحافة من تتّبع التعيينات وتقصّي الحقائق.
فصل التعيينات عن التدخلات العشائرية والسياسية.
القيام بحملات توعوية يكون الهدف منها التوعية بخطر تفشي الواسطة والمحسوبية في المجتمع من البرامج ووسائل التواصل الاجتماعي.
اعتماد نظام توظيف الكتروني شفاف ونزيه يقوم بالاعلان عن كل وظيفة ويعرضها أمام الناس مع توضيح الشروط والنتائج ومن تم اخياره وبناءا على ماذا تم اختياره.
نشر اسماء المقبولين والمعايير التي تم القبول بناءا عليها لضمان العدالة.
منع تدخل المسؤولين واصحاب النفوذ بالتوظيف.
تضمين مفاهيم النزاهة والعدالة في المناهج الدراسية والجامعية.
اخيرًا ، إن أردنا الحديث عن هذهِ الظاهرة ونتائجها والحلول والتوصيات المقترحه للحد منها فالحديثُ يَطول ، وأعلم علم اليقين أن هذا السلوك لن يُمحى بين ليلةٍ وضُحاها لكن أولى خطوات الحل هي الإعتراف بالمشكلة وكما يقول المثل الشعبي (الاعتراف بالذنب فضيلة) ، أما إن أردنا السكوت عنها فذلك أول الطريق نحو إنهيار الدولة، فالواسطة والمحسوبية ليستا مُجرد سلوكيات خاطئة بل هُما سرطان خفي ينخرُ في عظامِ الدولة.
حفظ الله الأردن ومليكه المعظم وولي عهده الأمين.
بقلم : علي دراوشه











طباعة
  • المشاهدات: 9950
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-05-2025 01:46 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم