بقلم : د. أمجد ابو جري آل خطاب
دخل اليوم قرار إعادة هيكلة المركبات حيّز التنفيذ، ما بين الإخضاع والحذر والمنع، وهو قرار يحمل في طيّاته تداعيات اقتصادية واجتماعية ومالية لا يمكن تجاهلها. فأول المتأثرين هم العاملون في المنطقة الحرة وأُسرهم، إذ شكّل قطاع المركبات مصدر رزق لآلاف الأردنيين، من الفنيين والميكانيكيين وتجار السيارات والعاملين في الخدمات المساندة، واليوم يجد كثير منهم أنفسهم أمام خطر فقدان عملهم ودخول نفق البطالة المظلم.

أما قرار منع دخول سيارات الكهرباء التي مضى على صناعتها أكثر من ثلاث سنوات، فهو بدوره سيترك اثراً سلبياً مباشراً على السوق والمستهلك. فكما هو الحال مع قرار الحظر، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السيارات في السوق المحلي، ليكون المتضرر الأكبر هو المواطن الذي يرزح أصلًا تحت ضغط تآكل الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة، في ظل غياب منظومة نقل عام فعّالة وذات كفاءة تغني عن امتلاك المركبة الخاصة.

لكن الإشكالية الأعمق تكمن في إخضاع المركبات لمواصفات أجنبية لا تتناسب مع طبيعة البيئة والمناخ في الأردن. فأن نأخذ بمواصفات خليجية أو أوروبية أو أمريكية كما هي ودون مواءمتها مع ظروفنا المحلية، يعني أننا نكرّر خطأ استنساخ أنظمة لا تعبّر عن خصوصيتنا الجغرافية والمناخية. من الأجدر أن تكون لنا مواصفات أردنية وطنية مستقلة تُبنى على دراسات ميدانية وبيانات محلية، وتراعي التضاريس والمناخ ونمط الاستخدام داخل المملكة.

لدينا في الأردن كفاءات فنية وهندسية عالية، ولدينا مؤسسة المواصفات والمقاييس التي تمتلك القدرة والخبرة لإعداد منظومة مواصفات خاصة بنا، تشكّل مرجعاً وطنياً حقيقياً، وتُسهم في حماية المستهلك وتعزيز الاقتصاد المحلي بدل أن تُثقل كاهله.

فهل نرى قريباً مبادرة حكومية جادة لتأسيس نظام مواصفات أردني الهوية، يُعبّر عن بيئتنا واحتياجاتنا، بدل الارتهان لمعايير واشتراطات وُضعت لمناخات لا تشبهنا؟