03-06-2025 09:10 AM
بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
ضمن جهود الدولة الأردنية في مجال التحديث الإداري، تم إجراء مراجعة شاملة للتشريعات الناظمة لعمل الإدارة وذلك من حيث إنشائها وممارستها لمهام عملها، مع التركيز على العنصر الأهم فيها، وهم الموظفون العموميون الذي يعملون في هذه الإدارات الحكومية ويقومون بتقديم الخدمات العامة للمواطنين. فجرى إعادة هيكلة ديوان الخدمة المدنية ومراجعة الأدوار المنوطة به وآلية التعيين في الوظائف الحكومية لصالح التدرج في إلغاء مفهوم "الدور"، والاستبدال به نظام الإعلان المفتوح والتنافس الحر بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة.
ومن أبرز التعديلات التي رافقت عملية الإصلاح الإداري إصدار نظام جديد يحكم العاملين في مجال الوظيفة العامة، هو نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام لعام 2024 الذي حل محل نظام الخدمة المدنية. وقد خضع هذا النظام منذ صدوره لسلسلة من التعديلات كان أهمها تضمينه كافة النصوص والأحكام التي تطبق على الموظف العام، وذلك بعد أن كانت موزعة مع نظام الخدمة المدنية، ليتحقق بذلك مبدأ وحدة التشريع الذي يحكم الوظيفة العامة.
ويبقى التحدي الأهم في مجال تنظيم شؤون الوظيفة العامة تحقيق العدالة والمساواة بين الموظفين العموميين والعاملين في القطاع الخاص مع مراعاة الاختلاف البيّن في مراكزهم القانونية. فالعاملون في المؤسسات والشركات التجارية يخضعون لقانون العمل وتمتاز علاقتهم الوظيفية مع أرباب العمل بعدم الثبات والاستقرار، في حين دائما ما يتغنى الموظف العام المثبت في الخدمة الدائمة بالأمان الوظيفي.
لذلك، فقد حرص المشرع الأردني على تقديم مميزات إضافية للعاملين في القطاع الخاص بما يوازي نظرائهم في القطاع العام؛ فخضع قانون العمل لسلسلة من التعديلات على نصوصه وأحكامه كان أبرزها المراجعة الأخيرة له في مشروع القانون المعدل لعام 2024، الذي أقره مؤخرا مجلسا الأعيان والنواب.
فقد جرى تعديل الأحكام الخاصة بمدة إجازة الأمومة للعاملات في القطاع الخاص بأن أصبحت مساوية للموظفات في الدولة. فالمادة (51) من نظام إدارة الموارد البشرية تنص صراحة على أن "تستحق الموظفة الحامل إجازة أمومة مدتها تسعون يوما متصلة قبل الوضع وبعده وذلك بناء على تقرير طبي"، في حين تنص المادة (70) من قانون العمل قبل تعديلها على أن "للمرأة العاملة الحق فى الحصول على إجازة أمومة بأجر كامل قبل الوضع وبعده مجموع مدتها عشرة أسابيع". فتم قبل أسابيع تعديل هذا النص وزيادة مدة إجازة الأمومة في القطاع الخاص لتصبح تسعين يوما.
كما تم ادخال حكم مستحدث على قانون العمل يتعلق بحق العامل في الحصول على إجازة مدفوعة الأجر مُدتها ثلاثة أيام في حال وفاة أحد أقاربه من الدرجة الأولى. وهذا النص التشريعي الجديد يتوافق مع المادة (53) من نظام إدارة الموارد البشرية التي تعطي الموظف العام الحق في الحصول على إجازة عرضية لمدة ثلاثة أيام مدفوعة الراتب في حال وفاة أحد أقاربه من الدرجة الأولى، ولمدة يومين في حال وفاة أحد الأقارب من الدرجة الثانية، ولمدة يوم واحد في حال وفاة أحد الأقارب من الدرجة الثالثة.
في المقابل، فقد شهد التعديل الأخير على نظام إدارة الموارد البشرية خروجا عن النهج التشريعي الهادف إلى تحقيق المساواة بين موظفي القطاعين العام والخاص، وذلك فيما يخص الإجازة السنوية. فقد أقر مجلس الوزراء تعديلا أخيرا على المادة (49) من النظام تنص على أنه "يجوز منح الموظف إجازته السنوية كاملة أو مجزأة وفقا لظروف العمل ومتطلباته، وتحسب أيام الأعياد والعطل الرسمية من الإجازة إذا وقعت في أثنائها".
إن النص القانوني قبل التعديل كان يعتبر أيام الأعياد والعطل الرسمية غير محتسبة من الإجازة السنوية للموظف العام إذا وقعت خلالها وبشكل يتوافق مع أحكام المادة (61) من قانون العمل. إلا أن المراجعة الأخيرة لنظام إدارة الموارد البشرية أحدثت فارقا في النصوص الناظمة للإجازات السنوية، وفرضت واقعا مغايرا على موظفي الدولة مقارنة مع العاملين في القطاع الخاص، إذ سيضطر الموظف العام إلى تقديم أكثر من نموذج إجازة سنوية لتفادي أيام العطل الأسبوعية والرسمية إن وقعت خلالها.
وتجدر الإشارة إلى أن موقف المشرع الأردني من احتساب أيام الأعياد والعطل الرسمية من الإجازة السنوية كان متباينا خلال السنوات الماضية؛ فنظام الخدمة المدنية التي تقرر إلغاؤه مع صدر نظام إدارة الموارد البشرية في عام 2024 كان ينص في المادة (99) منه على ألا تُحسب أيام الأعياد والعطل الرسمية من الإجازة السنوية إذا وقعت أثناءها، في حين أن النظام الأسبق له لعام 2007 قد تبنى النهج ذاته الذي جرى إقراره مؤخرا باحتساب العطل الرسمية من الإجازات السنوية.
إن الحاجة ماسة إلى تحقيق الاستقرار في النصوص القانونية الناظمة للوظيفة العامة، واستكمال النهج القائم على تحقيق المساواة النسبية بين موظفي القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بشؤونهم الوظيفية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-06-2025 09:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |