28-05-2025 10:51 AM
بقلم : أ.د. زياد ارميلي
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لعبت قناة الجزيرة دوراً محورياً في نقل الحقيقة إلى العالم، كاشفة فظائع الاحتلال بحق المدنيين العزّل، وسط تعتيم عالمي كبير وهيمنة صهيونية واضحة على الإعلام الدولي. وبينما يتساءل كثيرون عن سر استمرار الجزيرة في البث وكشف هذه الجرائم، فإن الجواب لا يكمن فقط في الاحتراف المهني، بل في إرادة إلهية ظاهرة.
لطالما استخدمت إسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة، أدواتها الإعلامية لإخفاء جرائمها، وتزييف الرواية، وتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي. وقد أشار المفكر الأميركي نعوم تشومسكي إلى هذه الهيمنة بقوله: "الإعلام الغربي لا ينقل الحقيقة، بل ينقل ما يتماشى مع مصالح القوى المسيطرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل".
ومع وجود هذا النفوذ الضخم، قد يتساءل البعض: لماذا لم تتمكن إسرائيل وأميركا من إسكات قناة الجزيرة؟
والإجابة ببساطة: تقنياً وسياسياً، يمكنهما فعل ذلك. إلا أن استمرار القناة في البث وتزايد تأثيرها العالمي هو دليل على أن الله عز وجل أراد للحقيقة أن تقال، وللظلم أن يفضح، وللحق أن يظهر رغم أنف الطغاة.
قال تعالى:
"وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" [الأنفال: 30].
وقال سبحانه:
"لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" [الأنفال: 8].
إن ما تقدمه قناة الجزيرة من مشاهد وتقارير من قلب المأساة في غزة ليس مجرد محتوى إعلامي، بل وثيقة تاريخية وأخلاقية وإيمانية، تسجل بالصوت والصورة ما يحاول الإعلام الغربي طمسه أو تحريفه. كما قال الصحفي البريطاني جون بيلجر: "الجزيرة هي القناة الوحيدة التي قدمت تقارير حقيقية من غزة، رغم محاولات خنق الحقيقة".
ويقول الباحث الألماني ميشائيل لودرز: "وسائل الإعلام الألمانية خاضعة للرؤية الإسرائيلية، والجزيرة كسرت هذه القاعدة بعرضها للحقائق الميدانية".
لقد أصبحت الجزيرة منبراً لصوت المستضعفين، تكشف النفاق الدولي، وتفضح ازدواجية المعايير، وتنقل للعالم ما يجري فعلاً على أرض الواقع. وهذا التمكين لا يمكن فهمه بعيداً عن قول الله تعالى:
"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" [يوسف: 21].
إننا اليوم نشهد مرحلة فاصلة، تقام فيها الحجة على العالم. فكل مشهد طفل يخرج من تحت الأنقاض، وكل صوت أُمّ تبكي أبناءها، هو آية من آيات الله في فضح الظالم، ورفع الغطاء عن زيف الحضارة الغربية التي تدّعي الإنسانية.
إننا حين ننظر إلى هذا المشهد، ندرك أن ما يحدث ليس عشوائياً، بل هو جزء من تدبير إلهي، يظهر فيه الله الحق، ويسقط الأقنعة، ويمهل الظالم ليأخذه بعدله. وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة".
في النهاية، تبقى الحقيقة قائمة: ما كان للجزيرة أن تبقى، ولا للحقيقة أن تنتشر، لولا أن الله أراد لها أن تكون نوراً في زمن الظلام، وصرخة حق في وجه آلة القتل والتزييف.
قال تعالى:
"وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" صدق الله العظيم.
بقلم: أ. د.زياد محمد ارميلي/استاذ جامعي/ كلية علوم الرياضه/ الجامعه الاردنيه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-05-2025 10:51 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |