22-09-2022 09:47 AM
سرايا - ربما لم تجر العادة أن يكتب الروائي مقدمة لروايته، إذ كما هو معروف فإن الرواية تبدأ أو حكاية الرواية تبدأ من الصفحة الأولى بعد العنوان الداخلي، وتنتهي أيضا دون خاتمة، كما جرت العادة، ذلك لأن الرواية تتحدث عن نفسها وتترك للقارئ حرية الفهم، حرية التأويل والتفسير، حرية القناعة بنهاية القصة أو الحكاية التي تدور حولها الفكرة.
لكن كاتبنا عطية عبد الله عطية هو من بين القلائل الذين رأوا أن يكون لروايتهم مقدمة، تأتي على شكل تمهيد، ربما للتشويق، أو ربما لاستدراج القارئ إلى زاوية ما، يريد الراوي وضع القارئ فيها حتى يدخل الرواية وهو مستسلم لإغراء الكاتب أو ربما عنصرا للتشويق كي يواصل القارئ القراءة دون ملل في محاولة منه لمعرفة النهاية وفق التسلسل الذي فرضه عليه الراوي.
في روايته الجديدة التي حملت اسم «رويدك يا زمن» للروائي والكاتب عطية عبد الله عطية، نجد ذلك الاستدراج فمن المقدمة التي كتبها عن نفسه، بدأت الحكاية في الفصل الأول وكأن من كان يتحدث في المقدمة هو نفسه الراوي الذي يحكي لنا القصة، فيجعلك تتساءل هل هي قص واقعية والكاتب نجح في الاستدراج المطلوب؟ هل كان يتحدث عن نفسه؟ أم هو للتمويه لمزيد من عناصر الجذب؟
المهم أنك كقارئ استسلمت وبدأت القراءة ودخلت في عالم الراوي، وتسلسلت في الأحداث التي تروى بكل بساطة ودون تعقيد، وبأسلوب سردي خفيف ليس فيه لغة صعبة، لكنها كلمات واضحة وبسيطة، فأدخلك إلى عالمه، بدءا من حفل التوقيع ليسحبك إلى أول عناصر التشويق من خلال تلك المعجبة بهذا الكاتب الذي يروي حكايته معها لنا، ولا أريد كتابة القصة لأتركها أنا أبضا للقارئ، فلا أفسد عليه حلاوة القراءة والتعرف إلى الأحداث والشخصيات بنفسه.
القصة ليست صعبة، بل يمكن تلخيصها بعدة أسطر قليلة، لكن أسلوب الكاتب على لسان الراوي كان هو التحدي في هذه الرواية، وأظن أن أي أسلوب سهل وسلس وسردي هو بحد ذاته أمر فيه مغامرة، لأن بين النجاح وعدمه خيط رفيع يكمن بين الأسطر وبين حسن اختيار الكلمات وعناصر الجذب الأخرى، وأول هذه العناصر بساطة اللغة، تتابع الأحداث، الدخول في بعض تفاصيل الشخصيات، فتح موضوع وتركه مفتوحا حتى تواصل القراءة لبلوغ النهاية، وربط الأحداث مع بعضها البعض، فتح المجال للصدفة في أكثر من موقع ما جعل للدهشة أكثر من تأثير، وقد تكون الصدف في الروايات أمر يقير التساؤل ولكن الصدف التي تقع في الواقع ربما كانت أكثر دهشة عن تلك التي يضعها الكتاب في رواياتهم، لذلك فإن وجود الصدف يثير الدهشة فعلا، ويخلص الكاتب من أي عقدة قد يصل إليها في الرواية.
ورغم أن الراوي تركنا في بعض الأماكن التي نحتاج فيها إلى تفاصيل دون الخوض فيها، وانتقل إلى مواقع أخرى، ربما أراد لنا أ نضع نحن في مخيلتنا التفاصيل لنصنع الرواية في أذهاننا، فبعض الأحداث كانت تجري وتحتاج إلى تسلسل نجد أننا ذهبنا إلى مكان آخر لندخل في حدث جديد، وتكرر هذا أكثر ما تكرر في الحوارات الثنائية، وفي سرد بعض الأحداث، أو ربما أن الكاتب وعلى لسان الراوي لم يرد لنا التشعب والابتعاد عن القصة الرئيسية التي يتحدث عنها لنبقى في إطارها.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا