حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 6384

عندما يصبح أطفالنا دروعاً بشرية - الجزء الثالث

عندما يصبح أطفالنا دروعاً بشرية - الجزء الثالث

عندما يصبح أطفالنا دروعاً بشرية - الجزء الثالث

30-06-2011 05:57 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 إنه وفي غمرة حديثنا عن كارثة إضراب المعلمين عن العمل وترك الأطفال والمراهقين من الطلبة يجوبون الأزقة والحارات، ويقفون بحزن على أبواب مدارسهم بعيون يملؤها الاستغراب وموقف من عدم الفهم لما يدور حولهم، وما رافق ذلك من تبعات أخرى كثيرة على مستوى الوطن. فإننا قد اتفقنا على أنها سابقة خطيرة في مسيرتنا النهضوية التي بذل لها الغالي والنفيس حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من نمو وتطور في مختلف القطاعات التربوية والاقتصادية والبرلمانية ومجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير... ومع علمنا بأننا لا زلنا في بداية الطريق لكنه الطريق الصحيح. ولذلك يقوم كل منا بواجبه بانتقاد الأخطاء، ويصف بموضوعية تلك الخطى التي خرجت عن هذا الطريق المقدس بهدف المحافظة على المكتسبات ودفع المركب التنموي إلى الأمام.

إن إضراب المعلمين عن العمل كان كارثة بكل معنى الكلمة، وقد أشرنا في الجزأين السابقين لأهمية الوقوف والتأمل والتفكير بحيثيات هذا الإضراب والإجابة عن السؤال الأكبر: ما الذي أوصل مربي ومعلم الأجيال إلى هذه المرحلة الصعبة؟ ونحن نعلم أن التربية والتعليم (على المستوى الرسمي) هي أساس الدولة الناجحة، وأن المعلم الناجح هو العامل الحاسم في تقدم الأمة ورقيها، وأن الدولة التي لا ترعى ذلك بدقة فإنها لن تتقدم ولن يصلح حالها، ومع إيماننا المطلق بهذه الحقائق فإننا مطالبون بحل المشكلة الآن وعدم التأجيل.

إننا وكما أشرنا سابقاً فنحن بحاجة إلى قيادات تربوية عملاقة على مستوى مديريات التربية، ونؤكد هنا على ضرورة العناية الفائقة والشفافية في تعامل هذه القيادات مع العناصر الأكثر ارتباطاً بالميدان( مدراء المدارس والمعلمون). إن مدراء المدارس بحاجة إلى تأهيل تربوي، وتأهيل على مستوى العلاقات الإنسانية وحقوق الإنسان، وممارسة العمل الإداري وفق منظور ديمقراطي، مع التسليم بصعوبة ذلك، وخاصة في بداية الأمر، إلا أن المدراء يجب أن يتحلوا بالصبر والشجاعة الكافية لتطبيق هذا النهج، لأننا نهدف في النهاية إلى توفير أجواء نفسية تتسم بالحرية والاحترام وبالتالي دفع المعلم إلى الإنتاج الحقيقي داخل غرفة الصف وليس الإنتاج الوهمي الذي يقيّمه المشرف التربوي مرة في العام.

إن المعلم الذي يتعامل مع العقل البشري وهو مطمئن ومرتاح ويشعر بالحرية والاحترام يقدم للوطن نتاجات من الطلبة قادرة فعلاً على حمل الرسالة بمسؤولية، تبحث عن المعرفة ذات المعنى والإبداع الحقيقي غير المقيد بمتغيرات الزمان والمكان والإطارات السياسية الفارغة.

إن فكرة الصبر التي نسوقها هنا نابعة من فهمنا لحقيقة أن المعلم بحاجة إلى تدريب على مبادئ الديمقراطية والحرية، وإنه ولعدم ممارستها عملياً فهو بحاجة إلى وقت وتدريب حتى يعرف حقوقه وواجباته جيداً ويعرف الخطوط الفاصلة بين هذه المساحات، وكل ذلك يترافق مع تنامي شعوره بالثقة في تعليمات وتوجهات وفلسفات الإدارة المدرسية وما فوقها.

فالديمقراطية بحاجة إلى ممارسة فعلية ونضج معرفي، وعلينا أن نبدأ بها الآن من خلال مدراء مدارس مؤهلون لهذا العمل الصعب. إن العنصر الأهم في المعادلة التربوية هو المعلم، والمعلم كما أشرنا بحاجة ماسة للشعور بالاحترام والرضا الوظيفي، وقد أشارت نتائج الدراسات الأردنية المتعلقة بذلك إلى أن المتغير المادي( الدخل) هو عامل حاسم ومهم في رضا المعلم الوظيفي طردياً. ومع إيماننا بأهمية وحيوية دور المعلم في تقدم ورفعة الدولة، فإننا لا نرى في هيكلة الرواتب الجديدة ما يحفز المعلم، ولا حتى إقراراً بأهمية مهنة التعليم. وبقي أن نشير إلى تحمل المعلمين جزءاً من المسؤولية، فالمعلم ورغم كل ما تقدم مطالب بتطوير نفسه، والتدريب على أحدث الطرق والاستراتيجيات التعلّمية والتعليمية، وعدم العزوف عن الدورات التدريبية التي تقدمها الوزارة( وإن كانت قليلة) والبحث عن طرق أخرى لتطوير قدراته الخاصة.

فالطالب الذي أصابه الملل في الصف ولم يعد يجد نفسه فتسرب من المدرسة أو تحول إلى طالب مشاغب، هو في النهاية طالب لم يجد لدى بعض المعلمين ما يجذبه ولم يجد لدى بعضهم الآخر شيئاً يستحق الاهتمام. والكلمة الأخيرة التي نود إيصالها للمعلمين هو أن الكثير من الفرسان في المعارك ورغم ما يتلقونه من ضربات قوية من العدو إلا أنهم لا يقتلون هذا العدو عندما يقع سيفه، والسبب في ذلك أنهم يتحلون بأخلاق الفرسان، ومعنى ذلك أن أخلاق الفرسان التي حملتها أجيال عملاقة من المعلمين الأوائل مطلوبة الآن(والحديث عن الإضراب). فمع تأكيدنا على تراكم المصائب على رأس المعلم إلا أن الأمة تنتظر منه أن يكون(فارســــــاً).


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 6384
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-06-2011 05:57 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم