حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,21 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 188396

أسفي على زمنٍ .. أصبحنا في زجاجةٍ بلا عنق .. !!

أسفي على زمنٍ .. أصبحنا في زجاجةٍ بلا عنق .. !!

أسفي على زمنٍ  ..  أصبحنا في زجاجةٍ بلا عنق  .. !!

31-08-2013 11:34 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : صفوت سامي حميدات
في المقال السابق "الكل ظالمٌ لنفسهِ مستبدُ .. كلٌ في دائرتهِ .." دائرتنا التي رسمناها بالأمس وقفنا بالمنتصف .. نقيس الدوران والتعب الذي عشناه بالحياة .. إننا بحاجة لانفتاح وتوسيع الدائرة أكثر.. حتى لا تضيق علينا وتخنقنا .. لندفع محيطها للخارج حتى تتسع أكثر فأكثر ..

وإني لأكتب هذه الفقرات وقد ــــ مضغ الزمان عافيتتنا .. واستباح الشيب شعيراتنا .. ــــ في هيبة وحذر خشيةَ أن يقول قائل: ما هذه الرجعة إلى أوهام الأولين ..! ذلك أن المؤلفون في العصر الحاضر يرون القيم والأخلاق من الموضوعات البالية التي لا تصلح لأقلام المُحْدَثين .. لكن قَلِّبْ ما شئت من مؤلفات القدماء فسترى أنَّ المؤلفين كانوا يهتمون في أكثر الأحيان بمحاربة الرذائل الاجتماعية .. لاسيما سوء الخلق .. وأنعدام الفضيلة .. وأنتشار الرذيلة .. وضياع الهيبة .. و ... و ...

يسألني من أرى من الأصدقاء: أين تسهر؟ وأين نراك؟

والسهرات عند هؤلاء هي جلساتٌ سخيفة تؤكل فيها لحوم الناس .. ويجري فيها من السفه والبذاءة ما يندى له الجبين ..! ويا ويل من تكرم عليه نفسُه .. فلا يشترك في لغو الحديث.. فهو عندهم ثقيل الظل .. بارد الأنفاس ..!

أين أسهر؟ أنا أسهر في بيتي حيث آنس بوحشة الليل .. فقد ضجرت من إخوان الزمان .. وعادت الوحدة أحبَّ إلى نفسي من صحبة من يلبسون ثوباً للمحضر.. وثوباً للمغيب ..

أمَّا وقد تبدَّلَ الزمن .. وَتقلصت قدرةُ القطط على النيل من الفئران .. وتحولتْ إلى "دمىً" تطيبُ ملاطفتُها فحسب .. باتَ "توم وجيري" وحدهما يذكران بالعَداوة الأزلية بين الهرِّ والفأرة .. ويحتلان حيزاً يثيرُ الدهشة في عقول الكبار والصغار سواءً بسواء .. فلست أملك من الحول والقوة إلأ أن أقول عفوا أخلاقنا .. إنكِ خارج الخدمه مؤقتا..!! فلترقدي بسلام فليس الزمان زمنكِ .. فأسفي على :

أسفي على زمن .. أصبح فيه سب الرب تعبيراً عن الغضب ..!

أسفي على زمن .. إرتفع فيه صوتنا على من تعب في تربيتنا ..!

أسفي على زمن .. أرقى ثقافاته جعلت سب الوآلدين مزحة ..!

أسفي على زمن .. أصبح الإسلام ثقافة فلكلور وطقوس وعادات وتقاليد وتراث .. نملك عاطفة إسلامية .. أم تطبيق لا يوجد أبداً ..!


أسفي على زمن .. ضاعت فيه الأخلاق تحت الأقدام جرفتها سيول الضغائن والبلادة في دروب المزبلة ..!!

أسفي على زمن .. يكون المتكلم صادقاً والكلام كاذب .. وقد يكون المتكلم كاذباً والكلام صادق .. كيف ؟

أسفي على زمن .. الانسان النزيه محارب مغترب .. مقهور .. لايُحترم .. إلا حينما ينسلخ عن جلده ..!!

أسفي على زمن .. أظهر الناس العلم وضيعوا العمل .. تحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب ..!

أسفي على زمن .. تجد المديح من أرقى مستوى .. أحلى من العسل .. فإذا سُؤل عن هذا الذي مدحه في حضرته بعد ساعة.. مط شفتيه أو رفع حاجبيه أو تكلم كلاماً قبيحاً ..!

أسفي على زمن .. التطرف فيه هو مضغ أخبار الأدباء والشعراء والمؤلفين ..!

أسفي على زمن .. يعتبر المحتال فيه ذكيا فلبس صوف الخراف فوق إحتيال الثعالب ..!

أسفي على زمن .. بات الإنسان يحاول فيه إخفاء أنه دين .. يحاول أن لا يظهر بمظهر ديني .. وأن لا يصلي أمام الناس..!

أسفي على زمن .. فيه مكتبات ضخمة .. مكتبات مقروءة .. مكتبات مسموعة .. مكتبات مشاهدة .. موجود كل شيء .. رسائل محاضرات جامعات كليات .. كتب ملخصات تدريبات كل شيء موجود .. أما التطبيق فلا يوجد !

أسفي على زمن .. جعلنا الدنيا فيه هي الأصل .. نجعل الدين في خدمتها وطريقاً إليها.. نتوصل إلى الدنيا من خلال الدين .. نداخل بين الدين وبين الدنيا .. نلبس الدنيا لبوس الدين .. نلبس الدين لبوس الدنيا ..!

أسفي على زمن .. أصبحت فيه المرجلة تقاس بكم يحوي جوالك أرقام بنات ..!

أسفي على زمن .. شباب اليوم أفراد يعيشون من هذا الرزق الحرام .. فهم زينة الأندية الرقيعة.. ولا تعرف زواياها غيرَ الإفك والبهتان من عبث القيل والقال ..

يقول لك: الرزق قليل .. هل فتشت عن المعاصي والآثام ؟ هل فتشت عن الكذب والتدليس ؟ عن إخفاء العيوب ؟ عن بضاعة لا ترضي الله ؟ وعن الخداع في البيع والشراء ؟


لن تصلح حياتنا .. ولن تصلح تجارتنا .. ولا تعليمنا .. ولا كل نشاطاتنا .. إلا إذا تحرينا الصدق .. لابد من تمحيص .. لابد من تدقيق .. لابد من مراجعة .. لابد من تحقق .. إذا كنت تحترم ذاتك ينبغي أن تعتقد ما هو صحيح لا أن تجاري الناس في معتقدات فاسدة .. لا أن تجاري الناس في الكذب .. لا أن تجاري الناس في النفاق .. لا أن تجاري الناس في الدجل .. إذا كنت تحترم ذاتك لا تعتقد إلا حقاً .. ولا تقول إلا صدقاً.. ولا تفعل إلا فعلاً مطابقاً لما تعتقد ..

لاأحد يتكهن بما يحدده الزمن .. هناك في نهاية المطاف ليس سوى إنسان مطعون بكرامته .. كبريائه .. ومبادئه .. يسحق .. يضغط على أعصابه ليتجرد من إنسانيته ..


في المحطة الأخيرة .. يقف الانسان الشريف في زماننا هذا على قبر أخيه قائلاً في حسرة "ليتني كنت مكانك" ..! لفرط الألم .. الحزن .. والغربة في عالم وحشي يصارع بنوه بعضهم بعضاً وهو غير قادر على الاندماج بهم والانسجام معهم .. فبتنا اليوم في زجاجةٍ بلا عنق ..!


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 188396
هل ستشارك في الانتخابات النيابية
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم