09-11-2025 08:55 AM
بقلم : د. نضال المجالي
العنوان ليس من أفلام وإنتاج روتانا بل قصة كل من يقصد البحر الميت - زارا–ماعين -منطقة المياه المعدنية- وانا احدهم بشكل اسبوعي مرورا من عمان الى العقبة وبالعكس، والذي يستوجب شد حزام السخرية قبل حزام الأمان، فالمشهد من تقاطع المغطس حتى بقعة المياه الساخنة ويتجاوزها رحلة من الجمال الذي قرر أن يختبئ خجلا من تصرفاتنا. فبين أقواس شواطئ ملحية تشبه لوحات الخيال، يمتد ما يُفترض أن يكون واجهة الاردن السياحية، لكنه تحول إلى مسرح عجيب اسمه: “شرت وشباح وكرسي سامبا”.
كل شيء في المكان جميل إلا نحن. الجبال شامخة، والمياه تفور دفئا، والطبيعة تهمس بالشكر للخالق، لكن ما حولها من “إبداع بشري” لا يوصف إلا بأنه “فن الفوضى”. الأكشاك أُزيلت ألف مرة، لكنها تُبعث في كل موسم تحت أسماء جديدة بين مشروع بديل، تجربة استثمارية او تطوير السياحة المحلية — وكلها عناوين تخفي تحتها نفس الكرسي البلاستيكي المائل -احد أرجله مكسورة- وذات المقلاة التي تطهو “قلايه بندورة” على بعد كيلومتر من البحر الميت!
وعلى امتداد الطريق، تتوزع “الخرابيش” — جمع خربوش، لمن لا يعرف، هو بناء وطني أصيل من عصر بيض الجاج البلدي، نصف قش ونصف طوب، كامل الثقة بالنفس. تفترش الشواطئ الملحية كأنها أكواخ استجمام لطيور مهاجرة، بينما في داخلها يجلس “المستثمر المحلي” يجمع ويعدّ الدخوليّة ويبتسم للسائح المصدوم: بدك طينه ولا كرسي سامبا؟
أما المشاريع الرسمية قريبة الافتتاح التي وعدونا بها، فملامحها بالرغم من "سنوات الضياع" - ولا اقصد المسلسل التركي الشهير- قررت مسبقا أن تقلد المشهد الأصلي بطريقة أكثر أناقة فالخرابيش ستكون أكشاك، والشباح سيتحوّل إلى “سبا حراري”، والشرت في طريقه إلى “منشفة فندقية”، فقط السعر سيتضاعف والمشهد كما هو. فالجميع هم ذات الجمهور على واجهة الطريق لكن ضمن "سياج" ملتصق بالوجه البحري، كأننا نؤكد للعالم أن التجميل عندنا عملية تجميل فاشلة، نفس الوجه، لكن بكلفة أعلى.
إنها عبقرية استثمار أردنية لا تُضاهى، نحول واجهة البحر الميت، ذلك الجمال الذي يليق بالأساطير، إلى استعراض موسمي من البلاستيك والفانيلات وأشباه الشرت لكنه اقرب ان يكون "غيار داخلي" . المطلوب ليس إزالة الأكشاك بل إزالة العقلية التي ترى في الخرابيش مشروعا وطنيا، وفي الكرسي المكسور “معلما سياحيا”.
زارا وماعين لا تحتاج “كرسي سامبا” ولا دخوليّة، بل تحتاج عقلا يعيد احترام المكان. فالجمال هناك، فقط ينتظر أن نزيح عنه “الشرت” ونطوي صفحة “الشباح”.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-11-2025 08:55 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||