سرايا - بعد فوزه بمنصب عمدة نيويورك، يفتح زُهران ممداني فصلاً جديداً من المواجهة مع منصة إير بي إن بي، التي باتت على أعتاب أكبر اختبارات وجودها داخل المدينة، لاسيما مع اتهاماته لها بتأجيج أزمة السكن ورفع الإيجارات.

وتعهد ممداني بتشديد القيود على الإيجارات القصيرة الأجل، في خطوة قد تعيد رسم خريطة الإقامة السياحية في واحدة من أكثر مدن العالم جذباً للزوار، بينما يعد في الوقت ذاته بخطة موازية لإنعاش السياحة قبل مواعيد كبرى أبرزها كأس العالم 2026.

وفاز زهران ممداني (34 عاماً) في الانتخابات البلدية التي أُجريت الثلاثاء الماضي، متفوقاً على حاكم الولاية أندرو كومو والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا، بعدما حصد أكثر من 50% من الأصوات، ليصبح أصغر عمدة في تاريخ نيويورك وأول مسلم يتولى المنصب، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.


معركة السكن قبل السياحة
ورغم الشعبية العارمة التي تحظى بها "إير بي إن بي" عالمياً، تواجه الشركة في نيويورك قبضة تشريعية متزايدة الصرامة، يرجّح أن تشتد أكثر في السنوات الأربع المقبلة، ما قد يدفع بآلاف الإعلانات إلى الخروج من المنصة بالكامل.

اتهم ممداني، خلال حملته الانتخابية، منصة الإيجارات بالمساهمة في تضخم أسعار العقارات ورفع كلفة المعيشة على السكان المحليين، مؤكداً أن المدينة ليست فندقاً مفتوحاً للمستثمرين على حساب سكانها.

ويأتي ذلك رغم أن تكلفة الليلة الفندقية في نيويورك بلغت في 2024 ما يقارب 318 جنيهاً إسترلينياً، ما دفع كثيرين للبحث عن بدائل عبر منصات الإيجار قصير الأجل، لا سيما العائلات والمجموعات.



غير أن العثور على سكن عبر "إير بي إن بي" داخل مناطق الجذب الرئيسية مثل سنترال بارك وتمثال الحرية ومبنى إمباير ستيت، بات اليوم أشبه مهمة مستحيلة، إثر تطبيق القانون المحلي 18 (LL18) عام 2023، الذي فرض حزمة من القيود أبرزها: "تسجيل كل العقارات لدى المدينة قبل طرحها للإيجار، حظر المنصات من قبول الحجوزات غير المسجلة، وجود المالك داخل العقار أثناء الإيجار، عدم استضافة أكثر من ضيفين في الوحدة".

أمام هذا التضييق، يلجأ بعض الزائرين إلى الإقامة في نيوجيرسي القريبة، رغم ما يستلزمه ذلك من تنقلات طويلة إلى وسط مانهاتن.

حملة إعلامية
في سبتمبر (أيلول) الماضي، خصصت "إير بي إن بي" نحو 765 ألف جنيه إسترليني لحملة إعلامية انتقدت فيها المرشحين الثلاثة، وكان ممداني أكثرهم تصادماً مع خطاب الشركة.



وقال المتحدث باسم الحملة، مايكل بلاوشتاين، إن: "المرشحين يروّجون لرواية مضللة تربط المضيفين بأزمة الإسكان رغم غياب الأدلة".

في المقابل، تبنى مدير السياسات في إير بي إن بي، ناثان روتمان، نبرة أكثر دبلوماسية، قائلاً: "نشارك العمدة قلقه حيال القدرة المعيشية، ونتطلع للعمل معه لدعم السياحة والنمو الاقتصادي وعائدات الضرائب".

مونديال قد يغيّر المشهد
العمدة الجديد، الذي هاجر من أوغندا إلى نيويورك في سن السابعة، وهو نجل المخرجة ميرا ناير والأكاديمي محمود مامداني، أعلن عزمه إعادة تنشيط السياحة عبر تعزيز مكتب السياحة المحلي، وتعيين "منسّق لكأس العالم 2026"، التي ستنطلق في 11 يونيو (حزيران) المقبل.


وقال ممداني خلال حملته: "الفنادق تعاني من غرف شاغرة.. وحتى معالم مثل إمباير ستيت قد لا تجد عندها طوابير، كأس العالم فرصة ذهبية لتغيير هذا الواقع".

وستستضيف 11 مدينة أمريكية مباريات البطولة، من بينها نيويورك (نيوجيرسي)، لوس أنجليس، ميامي، سياتل، بوسطن، فيلادلفيا وغيرها.

ترامب يدخل على الخط
مع اقتراب البطولة، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً بتصريحات تعهّد فيها بـ"تأمين" مدينتي سان فرانسيسكو وسياتل للمونديال، واصفاً إداراتهما بأنها "تُدار من قبل متطرفين لا يعرفون ما يفعلون".


كما هدد بإرسال قوات فدرالية إلى شيكاغو، رغم عدم استضافتها مباريات بالمونديال، وهي خطوة كان اتخذها سابقاً في لوس أنجليس وواشنطن العاصمة.