07-10-2025 09:09 AM
بقلم : يحيى الحموري
عامان من الجحيم… والعالم يكتفي بالصمت.
عامان والدم هو العنوان، والرماد هو الغلاف، والسماءُ تكتسي لون الحزن من فرط ما رأت.
عامان من الموت المعلّق في الهواء، من الدمار الذي لا يعرف نومًا، ومن رائحةٍ صارت الأرضُ تحفظها كما تحفظ الأمُّ أنينَ طفلها في صدرها.
عامان من القهر والتهجير والتجويع، والعالم يتوضأ بالصمت، يكتب بياناتٍ باردةً على جدرانٍ تئنّ من حرارة القصف.
جيشٌ بلا شرف… وحكومةٌ بلا قلب
هناك، في الأرض التي تفيض قداسةً وتختنق جراحًا، يقف جيشٌ خرج من أحشاء الظلم، يتغذّى على دم الأطفال، ويستقوي على العُزّل باسم “الأمن”.
جيشٌ لو كان للعار ملامح، لكان وجهه، ولو كان للوحشية صوت، لنطق باسمه.
يقتل ثم يعتذر بدمٍ بارد، يقصف ثم يبرّر، يُبيد ثم يتحدّث عن “سلامٍ قادمٍ بعد المجزرة”.
أيّ سلامٍ هذا الذي يُولد على جثث الأبرياء؟
وأيّ أمنٍ يُبنى على صرخات الأمهات تحت الركام؟
رمادٌ يلد الضوء
لكن هناك أيضًا شعبٌ من نارٍ ونور، لا يُشبه أحدًا إلا ذاته.
شعبٌ كلّ طفلٍ فيه قصيدةُ تحدٍّ، وكلّ أمٍّ مدرسةُ صبرٍ تزرع الزهر فوق القبور كأنها تُعلن للحياة: “لن تموتي ما دمنا نحملك بين الضلوع.”
عامان من الرماد، لكنّ الرماد في فلسطين يلد الضوء.
عامان من الحصار، لكنّ الحصار هناك يُنجب الشجاعة.
عامان من الموت، لكنّ الموت عندهم طريقٌ إلى حياةٍ لا تنطفئ.
حين تبكي الحجارة وتبتسم القلوب
السماء بكت، والأرض بكت، حتى الحجارة بكت،
لكنّ القلب الفلسطيني لم يبكِ، بل نهض كجبلٍ من نارٍ يرفض الانكسار.
هناك، تُولد الحياة من رحم الموت، ويُزهر الكبرياء على أنقاض البيوت.
هناك، يتعلّم العالم معنى الكرامة حين يرى الطفل الفلسطيني يبتسم في وجه الرصاص.
فلسطين ليست جرحًا يُعالج بالبيانات،
ولا قضيةً تُنسى مع مرور الأيام؛
إنها الآية التي لم تُغلق بعد،
والصرخة التي تزلزل صمت العالم.
الوصية التي تكتبها السماء كل فجر
فلسطين ليست جغرافيا تُرسم على خرائطٍ باردة،
بل فكرةٌ لا تُطفأ، ونبضٌ لا يُباع، وأيقونةٌ من نورٍ تنكسر أمامها كل الأساطير.
هي القصيدة التي كتبها الله في فجر الخلق،
والأنينُ الذي يعلو حين يصمت العالم،
هي صوتُ الله حين يسكت البشر.
الصمت خيانة… والحياد جريمة
فيا من تصمتون…
اعلموا أن الصمتَ خيانة، وأنّ التاريخ لا يرحم من باعوا دم الشهداء بثمن السياسة.
ويامن تقفون على الحياد، تذكّروا أن الحياد في زمن المجازر جريمةٌ تُكافئ القاتل.
ستبقى فلسطين، وإن تداعت عليها الجيوش،
وستبقى الكلمةُ سيفًا، والصورةُ رصاصة،
والحقُّ كالشمس لا يُطفئه دخانُ الكذب.
فلسطين لا تموت…
لأنّها ببساطة.. صوتُ الله حين يسكت العالم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2025 09:09 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |