28-09-2025 04:18 PM
بقلم : م. محمد العمران الحواتمة
في عام 2025 يقف الأردن على مفترق طرق تاريخي حيث تتشابك التحديات الداخلية مع الازمات الاقليمية ، ليصبح أمام إختبار وجودي يتطلب توازن دقيق بين الحفاظ على مصالحه الوطنية ودوره المحوري في الدفاع عن القضايا العربية ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية هذا التحدي المزدوج لم يكن مجرد ظرف عابر بل هو معركة على جبهتين متوازيتين ، الدفاع عن المصالح العليا والقضايا الاقليمية وخاصة فلسطين وغزة وفي الوقت ذاته تسريع التحديث الاقتصادي وتحقيق تنمية مستدامة ترفع مستوى المعيشة وتحفظ كرامة المواطن الاردني الذي تجاوز عددهم 11 مليون نسمة ، منهم أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ من فلسطين وسوريا والعراق واليمن ، هذه المعادلة ليست رفاهية بل ضرورة وجودية لأن أي خلل فيها قد يقود الى إنهيار داخلي أو ضعف في الموقف الخارجي وهما سيناريوهان لا يمكن لأي دولة في هذا الأقليم تحملهما .
الأردن ليس مجرد رقعة جغرافية ، بل هو قلب نابض في قلب الامة العربية يحمل على كتفيه تاريخاً من الصمود ويقف أمام التحديات الاقليمية كحائط صلب ، فلسطين ليست قضية رمزية بل هي شريان حياة بالنسبة للأردنيين والقدس خط أحمر والمسجد الاقصى رمز خالد وكل صاروخ يسقط في غزة وكل دمعة طفل فلسطيني على اطلال بيته يشعر بها الاردني كما لو كانت في بيته ويزداد إحساسه بالمسؤولية تجاه شعب لم ولن يترك وحده ، فمنذ عقود والقيادة الهاشمية حملت على عاتقها حماية القدس والمقدسات والدفاع عن حقوق الفلسطينيين منذ تأسيس الدولة وهذا لم يكن مجرد إلتزام دبلوماسي بل واجب أخلاقي ووطني يتجاوز كل الحسابات السياسية .
على الجانب الأقتصادي يواجه الاردن ضغوطاً هائلة فالدين العام بلغ نحو 42 مليار دينار اي ما يعادل حوالي 90 % من الناتج المحلي الاجمالي وتجاوزت نسبة البطالة 22 % مع ارتفاع ملحوظ بين الشباب والنساء ، حيث بلغت نسبة البطالة بين الشباب 46.1 % وبين النساء 30.9 % هذه الارقام ليست مجرد احصاءات بل واقع يومي يضغط على حياة المواطنين ويجعل من حماية لقمة العيش قضية وجودية لا تقل أهمية عن حماية القدس ، المواطن الاردني يريد ان يرى اثر التضحيات التي يقدمها دفاعاً عن فلسطين على حياته اليومية على دخله على فرص عمله على خدماته التعليمية والصحية وعلى أمنه الغذائي والمائي .
وفي هذا السياق تبرز حكومة الاردن الحالية بقيادة جعفر حسان كحكومة ميدانية تفعل المستحيل حكومته ليست بعيدة عن الشارع او معزولة عن واقع المواطنين بل تمشي بين القرى والمحافظات تراقب المشاريع على الارض تشرف على سير العمل وتتابع كل تفاصيل التنمية من اقصر الطرق الى ابعدها انها حكومة تقرر وتنفذ وتراقب بنفسها حكومة ترى ان الفعل الميداني هو الطريق لتحقيق الانجاز حكومة لا تكتفي بالكلام او الوعود بل تحول كل خطة الى واقع ملموس على الارض لتكون صلة الوصل بين الطموح الوطني وحياة المواطن اليومية .
مشاريع التحديث الاقتصادي في الاردن مثل رؤية الاردن 2030 تمثل الأمل الاكبر وتهدف الى رفع النمو الاقتصادي الى 5 % سنوياً وخلق مليون فرصة عمل جديدة خلال العقد المقبل واستقطاب استثمارات تصل الى 41 مليار دولار وربط الاردن بشبكات الطاقة والمياه والتكنولوجيا الحديثة مشاريع الطاقة الشمسية والرياح تهدف الى تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة بنسبة 90 % وتوفير نحو 1.2 مليار دينار سنوياً من فاتورة الطاقة في حين تعمل مشاريع تحلية المياه والطاقة المائية على سد الفجوة الحالية البالغة نحو 500 مليون متر مكعب سنوياً وضمان الامن المائي لملايين المواطنين .
قطاع التعليم يعد العمود الفقري لمستقبل الاردن حيث يتم التركيز على توسيع المدارس الفنية والمهنية وربط التعليم بسوق العمل لضمان تحويل الشباب الاردني الذي يمثل اكثر من 70 % من السكان تحت سن الثلاثين الى قوة انتاجية وليس عبئاً ، البرامج التدريبية المتخصصة في مجالات التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة والبنية التحتية ودعم رواد الاعمال والمبتكرين تجعل الشباب الاردني قادراً على مواجهة تحديات العصر وتحويلها الى فرص للنمو الاقتصادي والتميز الاقليمي .
وفي قطاع الاستثمار يسعى الأردن الى تطوير المدن الصناعية الجديدة في العقبة ومعان واربد ومادبا لتصبح مراكز جذب للاستثمارات الاقليمية والدولية مع التركيز على الصناعات التحويلية والتكنولوجية والطاقة المتجددة ، الحكومة الاردنية تخطط لجذب استثمارات تصل الى اكثر من 41 مليار دولار على مدى السنوات القادمة ما سيخلق آلاف الوظائف ويعزز النمو الاقتصادي ويحول الاردن الى عقدة لوجستية وتجارية في المنطقة ويضمن له تاثيراً اكبر في صناعة القرار الاقليمي والدولي .
على الصعيد الاقليمي التحديات اكثر تعقيداً خاصةً في غزة حيث استشهد اكثر من 65000 فلسطيني منذ اكتوبر 2023 ويعيش اكثر من مليوني شخص في حصار خانق منذ 18 عاماً بدون كهرباء منتظمة او مياه صالحة للشرب وبنقص غذائي حاد وفي اوضاع صحية كارثية اي انهيار او تفاقم في غزة يؤدي مباشرة الى موجات لجوء جديدة الى الاردن وضغوط اضافية على الخدمات وازمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وربما صراعات داخلية لا يمكن السيطرة عليها لذلك الموقف الاردني ليس مجرد خيار سياسي بل ضرورة وجودية فالدفاع عن غزة وفلسطين مرتبط مباشرة بامن واستقرار الداخل الاردني .
القيادة الهاشمية تمضي في خطين متوازيين الخط الاول سياسي صلب يرفع راية القدس ويؤكد للعالم ان الاردن لن يتنازل عن حقوق الفلسطينيين وان غزة لن تترك وحدها والخط الثاني اقتصادي داخلي يسعى لتحديث البنية التحتية وتعزيز الاستثمار ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة واطلاق برامج تدريبية للشباب واصلاح الادارة ومكافحة الفساد وضمان بيئة تشجع على النمو والابتكار هذا التوازن ليس رفاهية بل هو صميم القدرة على الصمود فالنجاح في الخارج يعتمد على القوة الداخلية والنجاح الداخلي يعزز المصداقية في الخارج .
الارقام الاقتصادية ليست مجرد بيانات جامدة بل هي نبض حياة فجوة تمويلية تزيد على 1.5 مليار دولار سنوياً ، اعتماد الاردن على الطاقة بنسبة 90 % ، أكثر من 3 ملايين لاجئ يعيشون على اراضيه ، الدين العام 42 مليار دينار البطالة 22 % نسبة الفقر 24 % ، الشباب تحت الثلاثين يمثلون 70 % ، وأكثر من 65000 شهيد في غزة ، ملايين يعيشون في حصار كل رقم يحمل معنى وكل رقم يوضح حجم المعركة ويظهر كيف ان الدفاع عن فلسطين لا يمكن ان ينفصل عن بناء اقتصاد داخلي متين ومستدام .
في التجارة يسعى الاردن لتعزيز التبادل التجاري مع دول الجوار والعالم ويستهدف الوصول الى حجم تجارة يزيد عن 30 مليار دولار سنوياً ، ويعمل على توقيع اتفاقيات حرة للتصدير والاستيراد بما يعزز قدرته على دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة ، وفي الزراعة يسعى لتحقيق الامن الغذائي من خلال تطوير المشاريع الزراعية الذكية وتحسين انتاجية المحاصيل والاستفادة من التقنيات الحديثة لتغطية نسبة اكبر من استهلاك الغذاء المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي جزئياً .
على الصعيد السياسي والدبلوماسي يتحرك الاردن بلا كلل للدفاع عن فلسطين وحقوق الفلسطينيين من خلال تحركاته في الامم المتحدة والتحالفات الاقليمية والدولية ومراقبة التطورات الامنية والسياسية في غزة والضفة القيادة الاردنية تعرف ان اي تقصير في هذا المجال سيؤدي الى انهيار المنطقة لان الاستقرار الاردني مرتبط بشكل مباشر بالاستقرار الفلسطيني واي تهديد لغزة يعني تهديداً مباشراً للاردن على حدوده الغربية .
كل مشروع اقتصادي وكل تحرك سياسي وكل كلمة في الامم المتحدة وكل زيارة للملك للقرى والمحافظات وكل قرار لتحديث المستشفيات او المدارس وكل خطوة تنفذها حكومة جعفر حسان الميدانية هي صمود لدولة والدفاع عن الكرامة والجمع بين الواجب الخارجي والواجب الداخلي هذه الحكومة التي تفعل المستحيل تقف على الارض بين الناس تتحقق من كل مشروع تشجع الفرق الميدانية وتضمن ان كل وعد يتحول الى واقع ملموس .
الاردن اليوم يكتب صموده بعزيمة واصرار فلا يلين عين على غزة ويد تبني مصنعاً عين على القدس ويد تشق طريقاً برياً جديداً ، عين على اللاجئين ويد تطلق برامج تعليمية ، عين على البطالة ويد تفتح فرص عمل ، عين على الطاقة ويد تطلق مشاريع شمسية ورياح ، عين على المياه ويد تدير مشاريع تحلية ومياه مستدامة ، عين على الاقتصاد ويد تدعم التجارة والصناعة والزراعة والتعليم ، وكل ذلك بجهود حكومة ميدانية تفعل المستحيل بقيادة جعفر حسان لتثبت ان الدفاع عن فلسطين لا يتعارض مع بناء اقتصاد قوي ومستدام وان الحلم الوطني يمكن ان يتحقق اذا اجتمعت الارادة القيادة والشعب معا في قلب الصمود الواحد لا ينتهي صمود لن يكتب له الزوال يسطره كل اردني بافعاله وعزيمته وصموده لتبقى راية الاردن شامخة فوق كل التحديات حامية للمقدسات صانعة للامل ومثبتة ان الارادة الصلبة لا تعرف المستحيل .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-09-2025 04:18 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |