حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,25 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 519

قطاوي تكتب : ما بعدَ الشعاراتِ

قطاوي تكتب : ما بعدَ الشعاراتِ

 قطاوي تكتب : ما بعدَ الشعاراتِ

24-09-2025 08:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

سرايا -  الكاتبة الشابّة: جنى قطاوي- تعدُ حقوقُ الإنْسَانِ مِنَ القَضَايَا الجَوْهَرِيَّةِ الَّتِي شَغَلَتِ البَشَرِيَّةِ عَبْرَ العُصُورِ ، فَقَدْ سُجِّلَتْ فِي صَفْحَاتِ التاريخِ آلاف الوقائع والأَحْدَاثِ الَّتِي كَشَفَتْ مَآسٍ دَامِيَةٍ، وانتهاكاتٍ صارخةٍ، وقِصَصًا مُؤْلِمَةً عَكْسَتْ حَجْمَ العُنْفِ وَالظُّلْمِ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ الإِنْسَانَ فِي أَزْمِنَةٍ وَأَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ مُخْتَلَفَ الثَّقَافَاتِ وَالْعَقَائِدِ الإِنْسَانِيَّةِ قَدِ اعْتَنَتْ بِالإِنْسَانِ؛ لِأَنَّهُ يُولَدُ وَمَعَهُ حَقَّهُ الفِطْرِيُّ فِي الحَيَاةِ وَالحُرِّيَّةِ وَالكَرَامَةِ، فَبِصْلَاحِ الْإِنْسَانِ تَعْمُرُ الْأَرْضُ وَتَزْدَهِرُ ، وَبِهَدْمِهِ يَسُودُ الشَّرُّ وَيَنْتَشِرُ . وَمَا كُلُّ تِلْكَ الانْتِهَاكَاتِ وَالحُرُوبِ، إِلَّا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَمْ تَكُنْ دَوْمًا مَصُونَةً. قَالَ تَعَالَى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وحَمَلنَاهُم في البر والبحر ورزقناهم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وفَضَّلناهم على كثيرٍ مِّمَّن خَلَقْنَا تفضيلا} [الإسراء : ۷۰] ، فَتَكْرِيمُ الْإِنْسَانِ أَصْلُ ثَابِتٌ لا يُجَوزُ انْتِهَاكُهُ، وَهُوَ مِيزَانُ العَدْلِ الَّذِي لَا تَسْتَقِيمُ الْحَيَاةُ بِدُونِهِ.

مِنَ الشَّواهِدِ الواقِعِيَّةِ الَّتِي أَظْهَرَتِ التَّمَسُّكَ بِحقُوقِ الإِنْسانِ، قِصَّةُ زعيمِ جَنُوبَ أَفْرِيقِيَا نيلسُونَ مَاندِيلا الذي  قَضَى عُمْرَهُ رَمزًا عَالَمِيًّا لِلصُّمُودِ وَالسَّلَام . فَقَدْ عانى سِنِينَ طَوِيلَةً فِي السُّجُونِ مُقَاوِمًا نِظَامَ الْفَصْلِ العنصري، وَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا الثَّبَاتَ عَلَى مَبَادِئَ الْحُرِّيَّةِ وَالمُسَاوَاةِ دُونَ خُنوعٍ لِلْجَوْرِ أَوْ تَرَاجُعَ أَمَامَ القَمْعِ. وَعِندَمَا خَرَجَ إِلَى الْحَيَاةِ الْعَامَّةِ بَعْدَ سِجْنِهِ ، لَمْ يَرْفَعَ شِعارَ الانتقامِ بَلْ دَعَا إِلَى المُصَالِحَةِ وَالْوِحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ، فَأَصْبَحَ قُدْوَةً لِلشُّعُوبِ كُلها في كيفية الانتصارِ للكَرَامَةِ الإِنْسَانِيَّةِ دُونَ إِرَاقَةِ مزيدٍ مِنَ الدِّمَاءِ (قناة التلفزيون العربي ).

إن حقوقَ الإنسَانِ هِيَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْمَبَادِئِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الَّتِي أَقْرُهَا الْمُجْتَمَعُ الدَّوْلِيُّ لِتَضْمَنَ كَرَامَةَ الإِنسَانِ وَحُرِّيَّتَهُ (الأمَمُ المُتَّحِدَةُ ، (١٩٤٨م)) . وقد تَبَنَّتِ الجَمعِيَّةُ العَامَّةُ لِلْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ عَامَ ١٩٤٨م الإعلانَ العَالَمِيّ لِحُقُوقِ الإِنسَانِ الَّذِي نَصَّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ البَشَرِ يُولَدُونَ أَحرارًا مُتَسَاوِينَ فِي الْكَرَامَةِ وَالْحُقُوقِ. وتُظهِرُ الإحصائياتُ العالميةُ أنَّ حَوَالَي ١١.٧ مليون سَجِينٍ يُحْتَجَزُونَ فِي سُجُونِ العَالَمِ، وَيُسجِّلُ فِي بَعضها حالاتُ تعذيبٍ، ومعاملةٍ قاسِيَةٍ، كَمَا تَعَرَّضَ حَوَالَي ۷۰۰۰۰۰ امرأةٍ وفتاةٍ للعنفِ والقتلِ حولَ العالمِ على مدارِ السنواتِ الخمسَ الماضيةِ (الأمم المتحدة للمرأة، (۲۰۲۳م)) وأَصْبَحَ الإِعْلَانُ مرآةً للنَّصْالِ مِنْ أَجْلِ الحُرِّيَّةِ وَالعَدَالَةِ، وَمَرْجِعًا تَسْتَندُ إِلَيْهِ الدُّولُ في وضعِ دساتيرِها وقوانينِها .

   ولا ننسى شعارَ الملكُ الحسينَ بِن طلالِ طيّبَ اللهُ ثراه :{الإنسانَ أغلى ما نملك}، الَّذِي يُعْكِسُ التزامَ المَمْلَكَةِ الأردنيَّةِ الهَاشِمِيَّةِ بِصَوّن ِكرامةَ الإنسانِ وحمايةَ حقوقِهِ. وقد كفلَ الدستورُ الأردنيُّ حقوقَ الإنسانِ وَكَرَامَتَهُ، فَأَكَّدَ على المساواة ِأمام َالقانُونِ، وَحُرِّيَّةِ الرَّأْي والتعبيرِ ، وَحَقِّ التَّعَلُّمِ وَالعَمَلِ، وَضَمَانَ العَدَالَةِ والأمان (الدستور الأردني،(١٩٥۲م)). ولم يقتصرْ الأَمرَ عَلَى ذَلِكَ، بَل عَزَّزَ مَبَادِئُ الْمُشَارَكَةِ فِي الْحَيَاةِ العامَّةِ وَحِمَايَةَ الحُرِّيَّاتِ الأَسَاسِيَّةِ، مُجسِّدًا إرادةَ الدولةِ في صَونِ كرامةَ الفَرْدِ، وَبِذَلِكَ يُشَكِلُ الدستورُ الأردنيُّ مَرْجِعًا أَسَاسِيًّا يَحْمِي حقوقَ الإنسان   ِوَيُعَزِّزُ قِيمَ المُوَاطَنةِ والانتماءِ (الدستورُ الأردنيُّ، ١٩٥٢م).

   تتكررُ صورُ المعاناة ِالإنسانِيَّةِ في كثيرٍ مِنَ البُلدانِ : أطفالٌ يُحرَمُونَ مِنَ التَّعْلِيمِ، نِسَاءٌ تُسلَبُ حقوقُهُنَّ الأساسيةِ، ومجتمعاتٍ يفتقرُ حاضِرَها إلى العدالةِ والمساواةِ. فحقوقُ الإنسانِ ليست شعاراتٍ تُرفعُ في المؤتمراتِ، بلْ مسؤوليةً مشتركةً بين الدولِ والشعوبِ. وبين تزايدَ العنفِ وانتهاكَ الكرامة ِالإنسانيةِ، تغدو الحاجة َملحةً لتعزيزِ العدالةِ وضمانِ مجتمعٍ يُقدِّرُ الإنسانَ قبل كُلِّ شَيءٍ، فالعدلُ تاجُ الحكمةِ، وحقوقُ الإنسانِ هي الحصنُ الذي يقي الأممُ مِنَ التَّفَكَّكِ والفوضى، وكما قال أفلاطون: "لا يُمكِنُ أَن يَكُونَ هُناكَ مجتمعٌ عادلٌ إذا لم يُحترمْ الإنسانَ فيه، (أفلاطون، الجمهورية، ۳۸۰ ق.م). وَمِن رأييِ، يَجِبُ عَلَى كُلِّ فرد أن يبدأَ بنفسِه في احترامِ حقوقَ الآخرينَ ونشرِ الوعيَ حولَها، لأنَّ حمايةَ حقوقِ الإِنسَانِ لَيسَت مسؤوليةَ الدولةِ وحدَها، بل مسؤوليةَ كُلُّ إنسانٍ يسعى لمجتمعٍ عادل ٍومزدهرٍ. فَلتَتَساءلَ كُلُّ نفسٍ: هل نحنُ اليومَ نصنعُ العدالةَ والكرامةَ، أم نتركهما مجردَ كلماتٍ على صفحاتِ التاريخِ؟.   









طباعة
  • المشاهدات: 519
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
24-09-2025 08:20 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم