28-09-2025 04:11 PM
بقلم : روشان الكايد
في لحظات التاريخ الفاصلة، لا تأتي النهايات دفعة واحدة، بل تتسلل على هيئة تصدعات داخلية، أزمات متراكمة، وانكشاف استراتيجي أمام العالم .
إسرائيل، التي لطالما حاولت أن تقدم نفسها كـ"دولة قوية لا تُهزم" في قلب الشرق الأوسط، تبدو اليوم وكأنها تدخل مرحلة التآكل التدريجي الذي قد يشكل بداية النهاية لمشروعها الاستعماري .
منذ قيامها عام 1948، اعتمدت إسرائيل على ثلاث ركائز رئيسية لضمان بقائها :
الدعم الغربي المطلق، وحدة جبهتها الداخلية، والتفوق العسكري والاستخباراتي .
لكن مع مرور الوقت، أخذت هذه الركائز في التصدع فالغرب لم يعد قادراً على تبرير سياسات الاحتلال أمام شعوبه، خصوصاً مع المشاهد اليومية من غزة والضفة التي تكشف الوجه الحقيقي للآلة العسكرية الإسرائيلية .
أما على الصعيد الداخلي، فالمجتمع الإسرائيلي ينقسم بحدة بين تيارات دينية متشددة وعلمانية، وبين أجيال تبحث عن الهجرة وأخرى تتمسك بمشروع استيطاني هش، مما يضع الكيان أمام أزمة هوية وشرعية متفاقمة .
أما الركيزة الثالثة، وهي القوة العسكرية، فقد فقدت بريقها؛ فما كان يُسوَّق كجيش لا يُقهر، بات غارقاً في حروب استنزاف مع فصائل صغيرة لكنها ذات إرادة صلبة؛ التكنولوجيا المتقدمة لم تحسم المعركة، بل كشفت محدودية القوة عندما تواجه صمود الشعوب وإصرارها على المقاومة .
الأخطر من ذلك، أن إسرائيل لم تعد قادرة على إخفاء حقيقة كونها كياناً معزولاً في محيط يزداد وعياً بمصالحه .
فالمعادلات الإقليمية الجديدة لا تسمح لها بالتمدد كما كان في السابق، بل تدفعها إلى موقع دفاعي متراجع . حتى محاولات التطبيع، التي روجت لها كـ"انتصار استراتيجي"، لم تحقق عمقاً شعبياً أو استقراراً دائماً، بل بدت وكأنها مسكنات مؤقتة في جسد يترنح .
إن ما نشهده اليوم ليس سقوطاً فورياً، بل تصدعاً بنيوياً يزداد اتساعاً مع كل حرب، وكل فضيحة سياسية، وكل انقسام داخلي .
بداية النهاية لإسرائيل ليست حدثاً آنياً، بل مساراً تاريخياً تتضافر فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية .
ويبقى السؤال: هل يدرك العرب أن لحظة التحول التاريخي هذه قد تفتح نافذة لإعادة رسم مستقبل المنطقة، أم سيبقون أسرى التردد والانقسام، ليُفوّتوا فرصة سقوط آخر مشروع استعماري استيطاني في العصر الحديث ؟؟
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-09-2025 04:11 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |