28-09-2025 01:02 PM
بقلم : محمد علي الزعبي
منذ عقود طويلة، ظلّت القضية الفلسطينية عنوانًا للعدالة المؤجّلة، وميزانًا يختبر صدقية المجتمع الدولي وقدرته على الانتصار لحقوق الشعوب. واليوم، تتسارع خطوات الاعتراف العالمي بدولة فلسطين، في تحولٍ سياسي وقانوني يرسّخ وجودها على الخريطة الدولية، ويضع الاحتلال أمام حقيقة لا يمكن إنكارها: فلسطين ليست قضية إنسانية عابرة، بل حقٌ وكيان وسيادة لا تسقط بالتقادم.
لقد أدركت العديد من الدول أنّ المماطلة لم تعد خيارًا، وأن الصمت لم يعد مقبولًا، فبدأت موجات الاعترافات تتوالى من دول أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا. هذا الزخم ليس مجرد مجاملة سياسية، بل هو انتصار للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة التي طالما نصّت على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي قلب هذا المشهد يقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، ثابتًا على العهد، صلبًا في الدفاع عن فلسطين وحقوق شعبها. لم يكن صوت الأردن في المحافل الدولية صدىً لغيره، بل كان موقفًا راسخًا ينطلق من التاريخ والجغرافيا والشرعية. جلالته، بصفته الوصيّ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، حمل راية الدفاع عن هوية القدس، وعن حق الفلسطينيين في السيادة، وعن عدالة القضية التي لا تسقط مهما تعاقبت الحكومات أو تبدّلت السياسات.
لقد قدّم الملك عبدالله الثاني للعالم خطابًا صريحًا: لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ولا سلام دون دولة فلسطينية مستقلة تعيش بأمن وكرامة إلى جانب إسرائيل. وفي كل منبر، من الأمم المتحدة إلى القمم العربية والدولية، ظل جلالته يؤكد أن الاعتراف بفلسطين ليس منّة من أحد، بل هو التزام بالعدالة، وتجسيد لإرادة شعوبٍ لم تعد تقبل بسلام منقوص أو مستقبل غامض.
إن الدور الأردني لم يقتصر على الدبلوماسية الخطابية، بل امتدّ إلى حراك سياسي ضاغط، وعمل تنسيقي مع الدول الكبرى، واستثمار ثقل الأردن في الإقليم لإبقاء فلسطين على رأس الأولويات. وهنا تكمن فرادة الدور: التوازن بين الحكمة والصلابة، بين القدرة على بناء التحالفات وبين وضوح الموقف الذي لا مساومة فيه.
اليوم، ونحن نشهد اعترافات متزايدة بدولة فلسطين، ندرك أن الطريق ما زال طويلاً، لكن خطواته باتت أثقل من أي وقت مضى. والفضل في هذا لا يعود فقط إلى نضال الشعب الفلسطيني وصموده، بل أيضًا إلى قيادات عربية وفي طليعتها جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي جعل من الدفاع عن فلسطين قضية وجود، لا مجرد ملف سياسي.
ففلسطين في ضمير الأردن قدر ومصير، والقدس في وجدان الملك أمانة لا تُساوم. ومع كل اعتراف جديد بدولة فلسطين، يثبت للعالم أن صوت العدالة لا يمكن إسكاتُه، وأن الحق مهما طال غيابه سيعود ليفرض حضوره.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-09-2025 01:02 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |