حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 12906

نادية سعدالدين يكتب: إعادة تدوير "صفقة القرن" المشبوهة

نادية سعدالدين يكتب: إعادة تدوير "صفقة القرن" المشبوهة

نادية سعدالدين يكتب: إعادة تدوير "صفقة القرن" المشبوهة

22-09-2025 08:32 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
صحيحٌ أنها لم تُبعث رسمياً إلى العلن حتى الآن بعد تعرضها سابقاً لموجة انتقادات فلسطينية وعربية واسعة النطاق؛ إلا أن «صفقة القرن» تعود للواجهة مُجدداً من بين ثنايا التحركات الأميركية – الصهيونية المُريبة لإحيائها، ولكن هذه المرة في ثوب مُغاير أكثر قتامة، ونسخة مُستحدثة أشد تطرفاً وانتقاصاً للحقوق الوطنية الفلسطينية، في خضم التوترات المتصاعدة بالمنطقة.


وما يسعى نتنياهو لتنفيذه في فلسطين المحتلة يُعد تطبيقاً أميناً لروح المبادرة الأميركية التي طُرحت خلال الولاية الرئاسية الأولى للرئيس «دونالد ترامب» (عام 2022)، بهدف فرض واقع سياسي جديد في الإقليم عبر الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكيان المُحتل، ومنح الأخير السيادة على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وإقامة دولة فلسطينية محدودة السيادة ومنزوعة السلاح ضمن «كنتونات» متفرقة، وتبني المنظور الصهيوني «للسلام الاقتصادي» كبديل عن الحقوق السياسية، على حساب الحقوق الفلسطينية.
لقد جاءت «صفقة القرن» وقتها من قبل إدارة الرئيس «ترامب» في إطار سلسلة مواقف مُعادية للحقوق الوطنية الفلسطينية، بدءاً من قرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة الكيان الصهيوني، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها عشية ذكرى «النكبة» الفلسطينية، في 15 أيار (مايو) 2018، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتقليص حجم المساعدات الأميركية المقدمة للسلطة الفلسطينية، بما يصب في مصلحة الاحتلال.
ولإضفاء الرؤية اليمينية المتطرفة على الخطة؛ يُعيد نتنياهو تدوير «صفقة القرن» عقب استنساخ أفكارها الأساسية بواجهات مختلفة وتكتيكات مُحدّثة تتماشى مع المتغيرات الراهنة، سبيلاً لتنفيذها على وقع سياقات سياسية وجيوسياسية متشابكة، أبرزها؛ استمرار حرب الإبادة الجماعية الصهيونية ضد قطاع غزة، تصاعد مخاطر تهجير الفلسطينيين، مساعي ضم الضفة الغربية أو المساحة الأكبر منها في المرحلة الأولى، ومحاولات أميركية لفرض ترتيبات أمنية إقليمية ودولية مرتبطة بضغوط التطبيع ومساعي توسيع نطاق «اتفاقات أبراهام» في المنطقة.
وتتسلل الصفقة المشبوهة من جديد من خلال الحديث عن ترتيبات جديدة لحكم غزة تحت الوصاية الإقليمية بعد حرب الإبادة، ووعود فضفاضة لتمويل إعادة إعمار القطاع بشروط سياسية، ومشروع «ريفيرا الشرق الأوسط» لتكريس الفصل بين غزة والضفة الغربية وديمومة الانقسام الفلسطيني، وفرض السيادة الصهيونية على أكثر من 82 % من أراضي الضفة الغربية، واستكمال مخطط تهويد القدس المحتلة، فضلاً عن الضغوط الأميركية على السلطة الفلسطينية لإعادة «هيكلتها» ودمج قيادات جديدة في المشهد، بموافقة أميركية وصهيونية طبعاً.
وتعتقد العقلية الأميركية– الصهيونية أن الوقت مناسب الآن لفرض «صفقة القرن» المُعدلة بهدف إسقاط قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين من أي مطالب حقوقية فلسطينية وعربية، وضم المستوطنات بشكل نهائي للكيان المُحتل، والإبقاء على منطقة الأغوار تحت سيطرة الكيان المُحتل بوصفها مكسباً إستراتيجياً بالنسبة إليه. أما الحديث عن «حل الدولتين» فقد انتهى زمنه في عهد نتنياهو الذي يجد الفرصة مواتية لتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد.
وبطبيعة الحال، ليس بالضرورة أن يكون هذا المسار حتمياً كما يتخيلون؛ فهناك العديد من العقبات التي تُواجه الخطة مرة أخرى، لا سيما الرفض الشعبي الفلسطيني القاطع لأي مقترح لا يلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، والحكومة اليمينية الصهيونية المُتطرفة التي ترفض أي حل قد يهدد سيطرتها على أرض فلسطين المحتلة، مثلما تُناهض فكرة تقديم أي تنازل لا تعتقد أنها مُلزمة به، بالإضافة إلى تضارب المصالح الإقليمية، وغياب الثقة في الدور الأميركي «كوسيط نزيه» أو مُحايد، في ظل دعم واشنطن المُطلق لجرائم الاحتلال ومجازره الدموية بحق الشعب الفلسطيني.
إن عودة «صفقة القرن» للواجهة السياسية مجدداً تعكس حجم التحولات الكبيرة الجارية في المشهدين الإقليمي والدولي، ومساعي فرض ترتيبات سياسية جديدة في الإقليم. ولا يُغير كثيراً من حقيقتها مسألة إعادة تدويرها أو تشكيلها بوصفها مشروعاً سياسياً مشبوهاً ومشروطاً قائماً على تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية.
وما لم تتغير المعادلة السياسية الأساسية التي تنتقص من حقوق الفلسطينيين؛ فإن أي نسخة جديدة، مهما تغيرت لغتها، ستُواجه نفس مصير سابقتها: الفشل والرفض. إذ لا أمن ولا استقرار في المنطقة ولا «صفقة» أو تسوية قابلة للحياة بدون الاعتراف الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة، وما دون ذلك، فلن ينعم الكيان الصهيوني بمقومات استمراريته المُتصدعة.











طباعة
  • المشاهدات: 12906
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-09-2025 08:32 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم