حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,29 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5220

أ. د. صلاح العبادي يكتب: كيف ستكون إيران الجديدة ؟

أ. د. صلاح العبادي يكتب: كيف ستكون إيران الجديدة ؟

أ. د. صلاح العبادي يكتب: كيف ستكون إيران الجديدة ؟

29-06-2025 09:34 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. صلاح العبادي
في اثني عشر يوماً فقط سقطت رواية وحدة الساحات وتعرّت حقيقة المحور.. إيران خاضت حرباً مباشرة، ولأول مرة دون درعٍ ٍ لبناني أو ردٍ حوثي يذكر أو تصعيد من الجبهة العراقيّة، رفعت الصوت، لكنّ الوكلاء خفضوا الرؤوس.


هل انتهى زمن الحرب بالوكالة ؟ هل صار الحلفاء عبئاً بدل أن يكونوا ذخيرة؟ هل نشهد نهاية النفوذ الإيراني على مستوى المنطقة ؟!


نحن اليوم أمام روايتين إحداهما تقول إن إيران صمدت وتحولت إلى دولة تفاوض وتقاتل في آن وهذا زادها قوة، أمّا الرواية الثانية أنّ إيران أضعف من أن تفرض شروطها حتى على حلفائها ووكلائها! أيهما أقرب إلى الحقيقة إذاً وأين تتجه إيران ودورها في المنطقة؟!.


المواجهة العسكرية الإسرائيليّة الإيرانيّة والأمريكيّة الإيرانيّة فرضت واقعاً جديداً على إيران. فالبلاد تعرضت إلى ضربات قويّة أدت إلى أضرار في برنامجها النووي، وخسائر بشريّة في صفوف قادتها وعلمائها النووين.


كما أنّ المواجهة الأخيرة أكدت تراجع نفوذها في المنطقة، وتفكك محورها؛ إذ أنّ أيا من أذرعها لم يدخل على خط هذه المواجهة. كيف تبدو إيران الجديدة؟ و مع أي واقع سيتعامل المرشد الإيراني بعد خروجه من مخفئه الذي احتمى به طوال اثني عشر يوماً من الضربات الإسرائيليّة على البلاد؟


وهل سيتمكن من تجاوز التحديات ؟ وكيف ستكون سياسات إيران الجديدة داخلياً وخارجياً؟!


يبدو واضحاً بأنّ طهران تشعر بأن وكلائها تخلّوا عنها، بأنّها واجهت ودخلت هذا التصعيد لوحدها؛ فهي تشعر بالخذلان من الوكلاء، بعد أن وصلت النيران إلى عُقر دارها، وهو ما يشير إلى أنّ إيران فقدت أذرعها في المنطقة سواء في لبنان أو بعد تحييد الساحة العراقيّة أو حزب الله في سوريا، التي خرجت من هذهِ المعادلة بعد سقوط نظام بشار الأسد، إضافة إلى الحوثي في اليمن الذي كان له الـدور الرمزي.


واضح بأنّ إيران تخلّت عن دورها الذي كان ذريعة لها في مرحلة سابقة تجاه قضيّة غزّة والقضيّة الفلسطينيّة، وهو ما اتضح بعد الحرب الدائرة في القطاع دون أن يكون لإيران أي دورٍ يذكر.


كما أنّ إيرن تنصلت من دورها تجاه حزب الله في لبنان الذي كان يعد بمثابة العصى الغليظة التي تمتلكها إيران؛ خصوصاً وأنّ الحزب ابتعد عن المواجهة مع إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار، دون أن يكون سنداً إيرانيّاً قوياً.


من شاهد سقوط حزب الله وقيادته وحتى مقتل حسن نصر الله، يدرك أنّ إيران خدعت هؤلاء وكان لها الدور في ممارسة تضليلهم، بعد أن كانوا يعتقدون بأنّ إيران ستقوم بمساندتهم والوقوف في وجه إسرائيل، لإيقاف تغولها، في وقت إنهار حزب الله وقتلت قيادته وانسحب خلف الليطاني.


وكذلك النظام السوري السابق الذي فرّ هارباً وتلاشى ما كان يسمى الهلال الشيعي، ووحدة الساحات والذي كان يعتبر ركيزة دولة موالية لإيران، ويتبع ولاية المرشد الأعلى الإيراني، وعندما إنهار وقفت إيران موقفاً متفرجاً.


إيران هي من تركت هؤلاء لقمةً سهلةً بيد القوات الإسرائيليّة وحتى مساندة القوات الأمريكيّة، وبالتالي أصبح هنالك خذلان كبير سواء كان متبادل أم من جانب إيران، فإن ذلك ربما يعني فك الارتباط، لأنّ إيران أوصلت رسائل غير مباشرة لوكلائها في المنطقة بأنّها لا يمكن أن تدخل حرباً لأجلهم؛ لا بل كانت تستخدمهم ذراعاً لتحقيق أهدافها.


عندما دخلت إيران في المعركة بشكلٍ مباشر لم يكن هنالك قوّة، وإيران لو استخدمت قوتها للدفاع عن حزب الله لما إنهار الحزب بهذه السرعة، ولتغيرت المعادلة من الناحية العسكريّة.


لكن إيران خلال العامين الماضيين تركت إسرائيل تنفرد في ذلك الطرف أو ذاك، كلٌ على حدى، وهو ما أدى إلى إنهاء أذرع الأخطبوط الإيراني.


قبل السابع من تشرين أول ٢٠٢٣ كان هناك ترويج كبير لمفهوم وحدة الساحات، هذا المفهوم الذي إنهار ولم يعد قائماً.


دول المنطقة كانت تخشى من النفوذ والتمددّ الإيراني أكثر من البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يعني أنّ إيران اليوم بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقها وحلفائها على مستوى المنطقة، خاصّة في ظل مواقف دول المنطقة في ظل هذا التصعيد الأخير.


مستقبل الدور الإيراني يشير إلى أنّ الدول العربية كانت تخشى من إيران، التي لا يوجد لها صديق أو قريب.


إيران اليوم لا تمتلك أدوات إقليميّة فاعلة، لذلك لا إيران وقفت إلى جانب وكلائها في المنطقة ولا هم وقفوا إلى جانب إيران عندما تعرضت للنيران الإسرائيليّة والأمريكية.


كما أنّ إيران أدركت بأنّها دولة شبه معزولة، وهذهِ حقيقة واقعيّة لا بد أن تدركها.


جميع الشعارات التي طرحت خلال الفترة الماضية كانت تطالب بتغيير سياسات إيران في المنطقة ولم تطالب بتغيير النظام، وهو الأمر الذي هو مطلوب في هذه المرحلة.


الإيراني ينشغل اليوم في إعادة ترتيب البيت الداخلي، بعد أن سقط شعار تصدير الثورة الذي أصبح جزءاً من التاريخ، ولا يمكن أن يتحقق بالطريقة التي سلكتها إيران، خصوصاً وأنّها خسرت حلفائها جميعاً بعد أن صرفت المليارات عليهم، وقدمت وساعدت على حساب لقمة عيش المواطن الإيراني ؛ فكيف بالقوى المحايدة والمعارضة التي كانت تتدخل بها وهي تعاني الأمرين منها! إيران لم تعد تمتلك المقومات التي كانت تمتلكها في السابق.


البيت الداخلي الإيراني مفكك، خصوصاً بعد الكشف عن آلاف الجواسيس والعملاء للموساد في الداخل الإيراني، وهي ظاهرة شكّلت مفاجأة حتى للنظام الإيراني نفسه!


إيران اليوم في موقف صعب بعد خسارتها لأكثر من عشرين قائداً من قيادات الصف الأول، إضافة إلى علماء الذرة الذين تم تصفيتهم خلال الساعات الأولى من الهجوم الإسرائيلي، وهو الأمر الذي حيّد الكثير من القوى القريبة من النظام الإيراني، والشعب الإيراني الذي يدفع ثمن شعارات لا صحةٍ لها في موضوع تصدير الثورة أو الهلال الشيعي أو تحرير فلسطين!


كلها تبينت شعارات واهية للتضليل، الأمر الذي يؤكّد بأنّ إيران الآن في مرحلة تتطلب أن تضمد جراحها وأن تلملم أوراقها، وأن تعيد حساباتها بعد أن تبين عدم وجود صديق لها في المنطقة.


وأن ما جرى من مواقف عربية مساندة لها في إدانة العدوان الإسرائيلي عليها هو يأتي في إطار الجانب الإنساني والأخلاقي، وهو أمر ليس مرتبط في الدول العربيّة فحسب، وإنما من دول أوروبيّة، وينطلق من روابط حسن الجوار والحفاظ على الروابط الأخلاقية، وهو لا يعني أن الدول العربيّة راضية على دور إيران وسياساتها وشعاراتها المرتبطة في تصدير الثورة، وصناعة الصواريخ البالستيّة والنووية.


السلوك الإيراني هو الذي وضع إيران في هذا المأزق، والمواقف السياسيّة الرافضة للنظام الإيراني لا يعني بأنّها ضد الشعب الإيراني، خصوصاً وأن إيران لا تمتلك إلا القبول في التعايش بواقع جديد على أساس المصالح المتكافئة واحترام الجوار.


إيران نجحت في وصول الصواريخ البالستية إلى قلب تل أبيب، وهو ما أدى إلى تأليب الرأي العام الإسرائيلي ضد حكومة بنيامين نتنياهو، من خلال إيقاع خسائر بشرية ومادية، رغم أن من المسؤولين الإسرائيليين العسكريين لم يقتل في هذهِ الحرب، بعكس ما جرى في إيران التي تكبدت خسائر فادحة في صفوف قادتها العسكريين خلال ساعات.


إيران لم تعد كما كانت بعد أن فقدت قدرتها على الردع، وباتت أجواؤها مكشوفة أمام الولايات المتحدة وإسرائيل.


من المتوقع أن يركز المرشد الإيراني اليوم على إدارة المفاوضات مع واشنطن التي تصرّ على وقف التخصيب كلياً، والتخلي عن البرنامج النووي.


أمام إيران تحدي إعادة لملمة الخراب الذي حلّ بالبرنامج الصاروخي الإيراني جراء الضربات العسكريّة المركّزة.


كما يتوقع التركيز على إعادة بناء المؤسسّة العسكريّة، التي خسرت قيادات واكتشاف الخروق الإسرائيليّة عبر شبكة العملاء.


إيران الجديدة سيكون تركيزها على إعادة الإعمار بعيداً عن أحلام التوسع الخارجي التي رافقتها منذ الثورة، خصوصاً وأنّ إيران خاضت حربها الأخيرة منفردة بوجه أعدائها، دون تدخل أي من وكلائها الذين أنفقت عليهم مليارات الدولارات لمثل هذهِ اللحظات التاريخيّة.


كما أنّ المرشد اليوم يقع عليه عاتق إعادة ترتيب البيت الداخلي وسط صراعٍ بين تيارين، أحدهما مؤيد للدبلوماسيّة بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، وآخر يرفضها خصوصاً بعد الحرب.


وتبقى الأسئلة التي تدور كيف سيكون شكّل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكيّة وإيران الجديدة ؟ وهل ستبقى إيران دولة مارقة خارج النظام الدولي أم ستعود للمجتمع الدولي من جديد ؟!

الراي











طباعة
  • المشاهدات: 5220
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
29-06-2025 09:34 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم