بقلم : الدكتور مدين جمال المحاسنة

 تسري نصوص قانون التنفيذ والمتعلقة بالغاء حبس المدين بشكل مطلق فيما يتعلق بالالتزامات التعاقدية والابقاء على الحد الادنى في حالات معينة للحبس مثل الحقوق العمالية او عقود الايجار واي التزام غير تعاقدي وقيمته فوق الخمسة الاف دينار اردني وبصفتي انني كنت مامور تنفيذ عمان ومامور تنفيذ مادبا والان كمحامي فان هذا القانون بعد سريان تعديلاته عليه العديد من الملاحظات التي سوف اوردها وهي :

1: ان القانون لم يميز بين المدين المتهرب والمدين المتعثر حيث انه يجب التمييز بين هذين النوعين فالمدين المتعثر تستطيع المحكمة ومن خلال الجلسات الاجرائية ومن خلال اوراق تثبت انه كان يعمل وقد تعثر تستطيع المحكمة ببساطة عدم اصدار قرار بحبسه، لكن المدين المتهرب والذي لا يمكن ان يثبت تعثره فتصدر المحكمة قرار بحبسه حيث لا يملك سجل تجاري مثلا او تعاملات تجارية او ارصدة بنوك جارية تشير الى انه قد كانت له الملاءة المالية للسداد فكان على المشرع ان يحدد الالية للتفريق بين هذين النوعين من المدينين .
2:ان هذا القانون لن يؤثر على قطاع المحامين فقط بل سوف يؤثر على عجلة الدورة الاقتصادية في الاردن فاغلب التجار هم تجار بسطاء يشترون البضاعة بضمانات مالية مثل الكمبيالات او الشيكات فكيف سوف تكون هناك ثقة ما بين التجار اذا لم يكن هناك حماية للتجار من المدين المتهرب ونحن نعلم ان تاثير هذا القانون سوف تكون كبيرة على الثقة في التعامل ما بين التجار .

3: القانون لا توجد به اشكالية بالنسبة للديون الموثقة برهن عيني لكن الاشكالية بالديون التي لا يوجد بها رهون عينية او ممن لا يملكون اموالا بكل الاحول ولنعلم ان نسبة الديون الصغيرة اكبر من نسبة الديون الكبيرة.

4: ان تطبيق هذا القانون اعطى مهلة ثلاث سنوات ليتم تطبيق مثل هذه التعديلات ولكن هل تم عمل دراسات كم سدد من الاشخاص الذين تقل مبالغهم المالية عن خمسة الاف دينار ؟الجواب بالتاكيد لا ولكن اجزم ان النسبة لن تتجاوز اصابع اليد الواحدة والسؤال المهم ماذا سوف يحدث بعد سريان نصوص هذا القانون لحقوق الدائنين ؟؟

الجواب ببساطة ان تحصيل هذه المبالغ سواء كانت باحكام قضائية او بسندات تنفيذية ولو كانت بملايين الدنانير واساسها تعاقدي لن تحصل وخاصة ان لم تكن موثقة برهونات او كان المدينون ليست لديهم املاك فما هو الحل لهذه المشكلة الكبيرة ؟؟؟

الحلول :
1: عقد حوار وطني في الاردن من جميع القطاعات القانونية والاقتصادية ليتم وضع الحلول لهذه المشكلة وتقدير الضرر الكبير نتيجة صدور القانون ونفاذه وعدم السماع لمن يهونون المشكلة وكان شيئا لن يكون .

2: تفعيل الاعدام المدني وخاصة للمتهربين من السداد مثل عدم قدرته على اصدار شهادة رخصة السوق او شهادات ميلاد لابنائة او عدم قدرته على فتح حسابات بنكية وغير ذلك من الاجراءات .

3: تعديل نصوص قانون التنفيذ من خلال الزام قضاة التنفيذ بعقد جلسات اجرائية للتمييز بين المدين المتعثر والمدين المتهرب وفي حال اثبات انه متهرب يتم اصدار قرار بحبسه حسب قيمة المبلغ وخاصة نحن نعلم ان المتهربين عند اصدار قرارات بحبسهم تخرج الاموال من بطن الحوت .
4: بالنسبة للمدين المتعثر عدم اصدار قرار بحبسه ويتم تقسيط المبلغ على اقساط شهرية مع ضرورة تخفيض نسبة عرض التسوية الى 10% بدل من 15%.

5: لا يكون الحبس بعد عقد الجلسات الاجرائية بالنسبة للمدين الذي يثبت تهربه الا بعد اعطاؤه مهلة شهر لتصويب اوضاعه ويصار بعد ذلك الى اصدار قرار بحبسه في حال عدم تصويب اوضاعه .

ان الغاء الحبس بالمطلق سيؤثر على تحصيل الحقوق ونحن نعلم ذلك جيدا لاننا نعيش وضع الشارع فالقضايا التي لا يملك المدينين شيئا للسداد ما هو مصيرها بعد ان قام القانون بالغاء اهم ضمانة لتحصيل الحقوق وهي الحبس نحن لسنا اوروبا او امريكا الذين لديهم طرق اكثر ايلاما من الحبس لتحصيل الحقوق ، الشارع الاردني يتحدث فهل من مجيب ؟؟؟

المحامي الدكتور مدين جمال المحاسنة
كلية الحقوق جامعة الاسراء