بقلم :
في مدن الجحود تصبح الكلمة عبادة، في زمن القهر تصبح الكلمة مقاومة، في زمن الغفلة تصبح الكلمة حد السيف، حد النجاة.

"نون والقلم وما يسطرون" وما زال القسم قائماً لا تضيع فيه البوصلة، أكتبها صدقة، أكتبها لا لأُعجب بل لأوقظ، لأحيي ضميراً غفا، وعقلاً ذوى، إنساناً كاد يسقط من روحه الأخيرة.

القابضون على جمر الحقيقة والمبدأ، يمشون معنا في الصدق، في الموقف، في الصمت إن كان النطق خيانة، وفي النطق إن كان الصمت جريمة.

يقيناً للحق أقدام وخطوات، لا يسمعها إلا من تأخذه الطرقات صوب الواقفين المنتظرين على أبواب وعتبات الحقيقة.

حينما تزعم قول الحقيقة لا تضع قدميك على رقاب الآخرين، حين تكتب عن العدل صافح المظلوم لا الظالم، أهمس الحق ولو كنت وحدك، اغرسه بين عيون العاصفة.

في فتاوى المدن المزيفة، امقت الاسترضاء الذي تمارسه بعض الأقلام في فساد المناصب والمكاسب والتنفيعات، احذروهم، كل تعاريفهم للوطن كاذبة، لا تصدق فتاوى تكذب على الفقراء والكادحين والبؤساء، وتبرر لأبناء الحظوة إياهم.

في مدن التيه مخطئ من يظن تنجو بذات الطريق قافلة أبي سفيان مرتين، الثابت في الحقيقة سيطول وقوف التعساء أمام الله، يعدون بؤس البشرية يريدون تبريراً لها.

في المدن الكاذبة، ثمة نوايا لا تشبهنا، يستيقظ صاحبها كل يوم يظهر كذباً وزوراً نوايا البسطاء، ويتأبط فطرة الناس، وفي الخفاء يمارس "الميكافيلية والفهلوة" بوصفها حد التطابق.

في مدن الكذب والصفقات، وقلم ولسان لا يحمل هموم البؤساء، وجوع الفقراء، لتذهب العقول المستبدة التي تمارس "دعارة الكلمة" إلى أن جهنم تختارها.

في مدن المهرجين باتت الحقيقة كبقرة بني إسرائيل كل ذنبها تذبح من أجل الحقيقة، فتحايلوا عليها تارة بالماهية وأخرى باللون، وما كانوا يؤدون.

في مدن التيه، يبدو أخطأنا عندما قدرنا الكلمة، وأن حروفنا افرطت في شرب الحبر، الثابت فيها القابضون على المبدأ يقفون لوحدهم في المعركة، وهنا أظن والظن عند العرب بمعنى اليفين، دائما الأشياء العظيمة تبقى لوحدها، يحترمها حتى الخصوم، وتُنصف ولو بعد حين.

"نون والقلم وما يسطرون".. ما زال القلم قسماً، وما زال بعضهم يكتبون كي لا نضيع جميعاً، أكتب حتى وإن انطفأ الضوء، قل حتى وإن صموا آذانهم، أزرع نورك حتى في أرض تأنف النور، وتحارب الحقيقة، فربما تبعث الحياة من تحت الركام، ربما ذات يوم تثمر كلمة، وتنقذ أمة.

في مدن الكذب، وقلم يرتجف، ونوايا وصدر يخبئ ناراً لا تنطفئ، ولسان تحول إلى إلصاق الطوابع، فكل في صحيفتك، والله أنكم "لموقوفون ومسئولون"، وعند رب الناس لا يضيع الحساب أبدا.

• إقرأ أيضاً : عقيد م انور المحارمه يكتب: خطاب جلاله الملك في وقته
• إقرأ أيضاً : النائب هايل عياش يكتب: خطاب الملك في البرلمان الأوروبي .. صوت الحق في زمن الصمت الدولي
• إقرأ أيضاً : د. ذوقان عبيدات يكتب: فريق الهجوم الوطني!!