07-06-2025 08:53 PM
بقلم : د. حسين سالم السرحان
السمة الغالبة لعالم تتكالب فيه التحديات الوجودية، من الحروب والأوبئة إلى التفكك القيمي والغزو الإعلامي، تبقى الثقافة أهم الحصون للأفراد وللمجتمع إذا إبتعدت عن كونها زخرفةً لغوية أو ترفًا نخبويًا وصارت بنية عميقة تشكّل الوعي، وتنظّم العلاقة بين الفرد والجماعة، وتُعيد تعريف ما هو ممكن أخلاقيًا وسياسيًا.
وفي زمن التغيرات السريعة والانهيارات الصامتة، تصبح الثقافة فعلاً لبناء الحاضر واستشراف المستقبل، وليس لحماية الماضي فحسب،
ومن عوامل الانحدار حين يختار المثقف “السلامة”، ويستبدل “الحق” بـ”النفوذ”، ويقدم الصمت على القدرة في التفكيك وينعطف ليجمّل الاختلالات باسم الوطنية.
هذا التحوّل لا يحدث فجأة، بل يتم تدريجيًا،وغالبًا عبر تبريرات براجماتية عقلانية منها " أن الوقت غير مناسب للمواجهة”، “العدو الخارجي أخطر”، وغيرها من الحجج التي تُخدّر الضمير وتُطيل عمر الفساد ومنظوراته المتعددة .
وهنا يتجلى السؤال المقلق هل يمكن استعادة المثقف كقوة مواجهة؟
الجواب ليس بسيطًا، فإعادة إنتاج المثقف كقوة مواجهة تستلزم شروطًا ثقافية ومادية، تبدأ بالاستقلال عن سلطة المال وانتهازية البحث عن منصب، ولا تنتهي عند بناء مساحات حرة للفكر والتعبير، كما تتطلب وعيًا ذاتيًا من المثقف بدوره التاريخي، وجرأة في الاعتراف حين يخطئ، وموقفًا لا يُشترى.
المثقف الحقيقي هنا يجب أن يظل حاملًا للوعي وليس صانعًا للتبرير
فمنذ صعود “المثقف الحديث” في أعقاب التنوير، ارتُبط دوره بفكرة التنوير الاجتماعي والسياسي. إذ كان المثقف يوصف بـ”صاحب الالتزام”، ذلك الذي لا يرضى بأن يكون على هامش المواقف أو ضمن ديكور الصورة وإطارها
ظهر عبر التاريخ طيف من المثقفين:
أولئك الذين اختاروا، صراحة أو مواربة، أن يكونوا جزءًا من بنية الخلل تارة بدافع الخوف، وتارة بحثًا عن الأمل بالامتياز، وتارة تحت شعار الواقعية السياسية أو “درء المفاسد”. وهنا، تنقلب المعادلة: من المثقف كضمير المجتمع، إلى المثقف كموظف ..ينتظر العطايا والمكافآت ولو على حساب الوطن !!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-06-2025 08:53 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |