حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,3 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 12840

ترويض الوحش

ترويض الوحش

ترويض الوحش

15-11-2018 09:54 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سعيد ذياب سليم
تنتشر في الزوايا ، على رفوف المكتب و طاولته وحوش هادئة لكنها مخيفة، أحدهم يربض أمامي ينظر في صفحة وجهي ويحدثني بصمت، هدوؤه يقلقني ، يتسلل إليّ السأم فأترك التحديق به و أهرب بنظري بعيدا، لأسمع حفيف أشجار الحديقة ،التي تقف في العراء ، تأسرني تنهداتها و تسرقني منه همساتها ، ترى ما شكواها ؟ تتمايل ببطء أمام هزات الريح لها، حركتها العشوائية تُسقط ورقة .. ورقتين ، إنها رياح الخريف تزيل عنها ثوبها العتيق لتقف عارية أمام زمهرير الشتاء ، ثم يأتي "أدونيس" بثوب جديد في الربيع القادم.
وجدت نفسي أمعن النظر في الفقرة الثالثة من الصفحة، لا أدري كيف وصلت إلى هنا، عدت أدراجي للفقرة السابقة و أعدت قراءتها، أضيع من جديد تأخذني الذكريات بعيدا و أعيش خيالات حسبت أنني عشتها في سنوات الدراسة قد تكون من أحلام الطفولة التي نسيتها فبت أعدها ذكريات من حياتي السابقة، أجمع شتات نفسي من جديد و أعيد قراءة الفقرة الثالثة للمرة الألف وهذا الوحش فاغر فاه لا يمل من ملاحقتي .
ربما أحتاج للقليل من الشاي ، نهضت أعد فنجانا منه، أثناء ذلك أخرجت هاتفي و تصفحت عدد من رسائل البريد الالكتروني التي بدورها أعادت توجيهي لعدد من الصفحات على tumbler و twitter و Facebook نصوص مختصرة مكثفة اختيرت بدقة و عناية فائقة صممت في لوحات جميلة معبرة مع خلفية موسيقية ، فيها المعلومة و الطرفة و الخبر بواجهة مبتسمة تدخل القلب و تلامس الروح ، صنعت فنجاني و عدت أدراجي إلى مكتبي أرتشف الشاي وأبحث عن آخر جملة قرأتها و في أي الفقرات.
هذه الكيانات الصغيرة التي تستحوذ على اهتمامنا و تأسرنا كما لو كنا منومين مغناطيسيا فلا نستطيع إلا أن نعود إليها رغما عنا، نعود يغذي ذلك اللهفة تارة و الفضول تارة أخرى، نصنع علاقة خاصة مع مجموعة الشخصيات التي تعيش بين الأسطر فوق هذه المساحات البيضاء، يدفعنا الحنين لمتابعة أخبارها و معرفة ما آلت إليه الأحداث في الفقرة تلو الفقرة ، نشعر معها إن كانت في مأزق أو حالة عاطفية حتى أننا نسقط معها في حفرتها و نعاني ما تعانيه من حزن; شوق أو غضب ، حتى إذا طُويت الصفحة الأخيرة من الكتاب أغرقنا الحنين.
هذه الحكايات التي تسردها تلك الكائنات تشكل حيواتنا ، تغيّر فينا شيئا و تجعلنا أكثر رقة و فهما للحياة و تكون لنا نماذج نحاول أن نحذو حذوها، نسير في دروبها حاملين رسائلها و ما تبشر به.
حتى نتناغم مع السرد نحتاج لأن نروّض النفس لنسير مع إيقاع الأحداث ونقترب من شخصياته فلا يلهينا صوت أو حركة ، هذه الوحوش الصغيرة تحتاج منا أن نروّضها لنحولها إلى كائنات أليفة نستطيع التعايش مع ما تسرده علينا من حضارة ، ترى من يمسك بزمام الآخر هي أم نحن ! إنها الكتب يا سادة تواجه التحدي في أن تستمر أو تسقط في هوّة النسيان.








طباعة
  • المشاهدات: 12840
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم