حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11275

مبادرة / "تقارب .. من أجل الأردن"

مبادرة / "تقارب .. من أجل الأردن"

مبادرة  / "تقارب  ..  من أجل الأردن"

26-08-2018 09:06 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فؤاد مزهي عبدالله القضاة
لاتخفى على أحد المكانة والأهمية المتزايدة التي بات يحتلها حالياً

(مجتمع الفضاء الافتراضي) في الاردن والتي ساهمت فيها الثورة الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات ، كما لا يخفى دور مواقع التواصل الاجتماعي المتصاعد والملموس في الحياة العامة لدرجة اننا لا نبالغ حين نقول انها ساعدت في احتلال المواطن "العادي" موقعه الصحيح كشريك "حقيقي" فاعل في الحياة السياسية بل وحتى في صنع القرار في عدد غير قليل من الحالات نذكر منها على سبيل المثال :
المساهمة في سحب مشروع قانون ضريبة الدخل السابق ، فرملة نزق الحكومة لرفع الأسعار واستباحتها المطلقة لجيب المواطن ، تعليق قرار نقابة الاطباء رفع تسعيرة الكشفية، استدراك وايقاف قرار تعيين شقيق احد النواب بوظيفة مستشار دون التقيد بالاجراءات المرعية … وغيرها كثير من الأمثلة.
ولا يخفى على أحد ان المجتمع الالكتروني مؤخراً قد سحب البساط من تحت أقدام الجهات الرقابية التقليدية جميعها والتي برهنت مؤسساتها دوما على عدم قدرتها القيام بمهام الرقابة التي وجدت من أجلها (مجلس النواب، هيئة النزاهة ومكافحة الفساد،. ديوان المحاسبة) فبات "المواطن الالكتروني" يمثل بشخصه جهة الرقابة الأولى التي تحسب لها الحكومة كل حساب ، وفي نظر الكثيرين أصبحت مداولات (البرلمان الشعبي) على صفحات مواقع التواصل تمثل وتعبر عن رأي المواطن وتطلعاته وهمومه ومواقفه من القضايا العامة بشكل يعكس الواقع الى حد كبير على خلاف برلمان العبدلي الذي خذل قواعده وناخبيه في جميع الاستحقاقات التي كان ينبغي فيها الانحياز بشكل واضح لجانب المواطن في مواجهة التغول الحكومي .
هذا التأثير النشط والمتزايد لمواقع التواصل تعاملت معه الحكومة بذكاء تارة ممثلة بشخص الرئيس الرزاز وبعض وزرائه بأن "عاموا" مع تيار الحداثة فدأبوا على التواصل مع الجمهور بلغة العصر ، وهذا يسجل للحكومة الحالية. لكن في تارات اخرى خان الحكومة التوفيق حينما استخدمت عصاها الغليظة الممثلة ب (قانون الجرائم الالكترونية) في أكثر من مناسبة بتوقيف بعض الناشطين في رسالة مضمونها واضح للجميع. ‏
على ان المراقب لأحوال "مواطننا الالكتروني" في بلدنا لا يحتاج كثيرا من الفطنة كي يلاحظ أن هنالك حالة واضحة من الاستقطاب الشديد والانقسام الحاد بين مكونات هذا "المجتمع" بمختلف شرائحه وتصنيفاته الدارجة والمتداولة رغم انها في معظمها "اعتباطية" :
(معارضة ، موالاة ، سحيجة ، اجندات خارجية ، ذباب الكتروني .. الخ). بل انك تدهش لحجم الانقسامات داخل التيار الواحد أيضا !!
وهي تقسيمات من شأنها بالتأكيد وضع العصا في عجلة عربة الوعي والعمل الجمعي وأن تبطئ قطار السعي نحو الاصلاح ، والأخطر ان من شأنها الاضرار بالأمن والسلم المجتمعي .
لكن الخبر الجيد من وجهة نظري المتواضعة :
اننا اذا تفحصنا التقسيمات المذكورة نجدها جميعها تقريبا غير واقعية ، ونلاحظ ان الحدود الفاصلة بين هذه المكونات في معظمها متحركة وغير ثابتة، بل "وهمية" أيضا ، نعم وهمية!!
فكلنا ، وأعني كلنا (قطع بت) تجمعنا قيم وطموحات واحدة (الخير، الحق، العدل)، كما تجمعنا كلنا نفس الثوابت :
حب الاردن والانتماء لترابه الطيب والاستعداد لبذل الغالي والنفيس للذود عن حماه ، وتقديس الوحدة الوطنية ، والاعتزاز بقيادتنا الهاشمية ، وقبل كل ذلك التزامنا بمكارم الاخلاق وقيمنا الأصيلة .
ولنقرب الصورة قليلا اسمحوا لي ان أسأل :
* هل هناك من لم يخالجه الغضب والحزن لاستشهاد أبنائنا في عمليتي الفحيص والسلط؟
* هل هناك بيننا من يروق له الفساد المستفحل في مفاصل الوطن وشرايينه وبقاء الفاسدين آمنين مطمئنين دون حساب بفضل تراخي وتطنيش الحكومة الواضح وعدم جديتها في مكافحة الفساد؟
* وهل هناك من هو مرتاح لمستوى الضرائب والغلاء الفاحش في الاسعار ومعدلات البطالة ؟
* وفي المقابل ، هل هناك من لم يرفع القبعة للرزاز حينما ألغى قرار الحكومة السابقة الجائر بحرمان المرضى غير المقتدرين من العلاج في مركز الحسين للسرطان ؟ أو حينما عالج كارثة بركة البيبسي البيئية؟
(بالنسبة لي، كنت أول المصفقين والمسحجين للحكومة في هاتين المناسبتين، وأتمنى مخلصاً أن تقدم لنا الحكومة شيئا آخر من الانجاز يجبرنا على مزيد من التصفيق) .
المهم، أؤكد جازماً ان الأسئلة المذكورة أعلاه لو طرحت جميعها على من يصنفون بأنهم "موالاة" أو "معارضة" فستجد الجواب "واحدا" دون شك عند الأغلبية . اذا فالحد الفاصل بين من يسمى "معارض" وبين من يسمى "مسحج" هو حد مائع، متحرك ومتغير. المعارض اليوم قد ينقلب في مناسبة اخرى الى مسحج والعكس صحيح . لا شيء ثابت.
الاختلاف بيننا في "التفاصيل" موجود، هذا صحيح، وهو صحي وضروري ويثري كل حوار . لكننا لا نرى اختلافا في الجوهر والأصول ، وهذا هو المهم.
ما أردت قوله ان تقسيم وفرز الناس الى معارضة وموالاة بناء على مواقف وآراء في معظمها "متغيرة" هو العبث بعينه ، ولا يستند لشيء من المنطق، ومصدره الوحيد هي تلك الحدة المبالغ فيها بلغة الحوار فيما بيننا، وعدم قبول الآخر ، وافتراض سوء النية على الدوام بمحاورينا خصوصا حينما يخالفوننا الرأي.
الخلاصة :
* لو اننا فقط نتفق على "مدونة سلوك" أو "ميثاق شرف" يتعهد فيه الجميع بالالتزام بالحوار الحضاري الحر الهادئ الهادف البناء القائم على الاحترام المتبادل تحت سقف هذا الوطن دونما تخوين ولا إساءة أو شخصنة، ونبذ البذاءة ، ومقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة . نلتزم بحماية حق الجميع في التعبير عن الرأي كما نتعهد بالإصغاء للآخر دون التزامات مسبقة . لا حصانة لأي مسؤول من النقد. فكل من يشغل موقعا عامّا لا بد أن يتسع صدره لتقبل النقد وعليه شخصيا (أو من يفوضه) الإجابة عن الأسئلة بقدر الإمكان ولو كثرت . ومن باب أولى طبعا فلا حصانة لفاسد ، لا حصانة لفاسد .
ونؤكد هنا اننا لسنا بصدد التماهي مع قانون الجرائم الالكترونية سيء الذكر أو أي ما من شأنه تكميم الأفواه كما قد يتبادر لذهن البعض ، كل ما نطمح اليه هو دستور أو (كود) أخلاقي لضبط قواعد الحوار بيننا بالدرجة الاولى ونأمل أن يسهم إذا تم تبنيه (من الجميع كما نأمل) في تجاوز الخلافات وإذابة الجليد والحواجز النفسية بيننا كشركاء في هذا الوطن، وبالتأكيد نأمل في محو تلك التصنيفات السخيفة من ذاكرتنا. ومن يعلم ، فربما نتمكن قريبا من انشاء كيان أو جسم قانوني جامع يضم جميع من كانوا يوما فرقاء كشركاء تحت مظلة واحدة !
* لو اننا فقط نركز قليلا على الانطلاق مما (يجمعنا) لكان هناك الكثير الكثير مما يمكن لنا تحقيقه، فلدى شبابنا وشيابنا مخزون هائل من الأفكار تنتظر فرصة لرؤية النور ، لكن ليس قبل أن نبذل كل الجهد لتوحيد جميع ألوان الطيف التي تشكل نسيج مجتمعنا ، فهذا له الأولوية حاليا . علينا أن نطوّق خلافاتنا الشكلية هذه طالما يسهل علينا ذلك كونها تنحصر داخل الفضاء الافتراضي (حتى الان على الأقل) ، لكن لا أحد يضمن ما ستكون العواقب إن خرجت الانقسامات من هذا الإطار وتسربت الى الشارع !
على أحد ما أن يعلق الجرس قبل أن تتعمق هذه الخلافات وتتحول لشيء لا يخدم أي مشاريع أو أجندات (وطنية).
نحن أحوج ما نكون الآن لبادرة حسن نية من (الجميع) لنمضي يداً بيد في ممارسة الدور الحضاري المنتظر والمؤمل منا كمواطنين أردنيين نحث الخطى للحاق بركب الألفية الثالثة الى حقبة نكون فيها رقيباً شعبياً "صارماً ومنصفاً" على مجريات الحياة العامة ، نحاسب الفاسد ونوبخ ونقرع المقصر، وبالتأكيد نصفق ونشد على يد النزيه والمجتهد والمخلص والمبدع .
كما ذكرت هي مبادرة متواضعة (إن جاز لي التعبير) لتقريب المسافات وتوحيد القلوب والجهود ، والله من وراء القصد .
الفكرة مفرطة في المثالية والرومانسية ولن يكون لها نصيب من القبول لدى المتلقي ؟! ربما ، لكننا لن نتأكد من مدى جدواها ما لم نجرب، فالمكافأة المنتظرة (التضامن) تستحق منا عناء المحاولة وتحمل العواقب ، ولدينا أمل أكيد بأن نرى قريبا بعضا من "الخصوم التقليديين" (والمؤثرين) سواء في عالم "السوشيال ميديا" أو عالمنا المادي يضربون مثالا يكون قدوة للجميع في كيف تكون ثقافة الاختلاف وكيف يكون التواصل الحضاري مع المخالفين قبل الموافقين لنا في الرأي . كما نأمل أن نراهم يسلطون شيئا من الضوء على نقاط "الاتفاق" وهي موجودة دوماً بالتوازي مع تسليط الضوء على بؤر الاختلاف .
الاختلاف العقلاني المعتدل "غير المتطرف" هو ما سوف يقودنا بالتأكيد الى الوفاق المنشود .
مع خالص محبتي واحترامي للجميع .



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 11275
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم