حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,17 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 24978

تاريخنا الأبيض قبل يومهم الأسود

تاريخنا الأبيض قبل يومهم الأسود

تاريخنا الأبيض قبل يومهم الأسود

11-10-2016 10:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد الدويري
لا يمكن لأحد أن يُعمم الطابع العنصري على المجتمع الاردني لتعدد أطيافه مهما تخلل التاريخ من اشكالات لأحداث ومناوشات سياسية سوداء، ليس للعلاقات الاجتماعية الآخوية بين الاطياف المشاركة في بناء وطن مكتمل الاركان كما هي المملكة الاردنية اليوم منها "لا ناقة ولا جمل"، ففي الوقت الذي يعيش فيه الجميع على نبض واحد لا يمكن التخلي عنه، لأنه مُقدس وينبعُ من ضمير عروبي حي ومخلص لأعظم حقوق الانسانية على وجه البسيطة، وهو أن فلسطين قضية أمة على اختلاف دياناتها واعراقها والاصول والمنابت فيها.

هنا وفي هذا السياق السهل الممتنع على الكثيرين ممن يلوكون حجر الصوان، يأتي الضررُ والخطر خلسة كما الافعى من تحت الوسادة، للدغ وحدة النسيج الاردني، وذلك عندما يوظف كُتّابٌ ومدونين بعض الأزمات التي قادتها حركات ومنظمات عاثت في صفاء نسيج العروبة خراباً وثقوباً، لتُكشّف حقائقها السوداء اتجاه الانسانية والقضية الأزلية، بتصرافات ونوايا خبيثة أجّجت فتيل الصراع العربي العربي في الماضي، لتكون نقطة العار وأداة للنعر في جبين وحدتنا، ليخرج علينا اليوم جهابذة، يسوقوا النعرات في الوقت الذي يغيب عنهم الوعي الكافي حول حقيقة الصلة التاريخية التي تجمع شعب واحد كما هو الاردني الفلسطيني، الذي يفصله نهر جفت مياهه بسب تخاذل أفكار المأجورين الهادفة لتشويه الوحدة الوطنية.

لا .. وليس هكذاً فقط، بل يرفدونها بترسبات فكرية بالية، تعمل على تمزيق مجتمع يقتات على الانسجام بين اطيافه الذي أوجده التقارب والنّسب، على امتداد عقود مضت وتعدت بتاريخها شر النكبة، وامتزج الدم بالدم ليروي ثرى معركة الكرامة ضد الاحتلال الصهيوني عقب النكسة، وهي المعركة التي نستند عليها عندما نتكلم عن تاريخ الشعب الواحد، ولم ولن ينسى التاريخ تضحيات أبطال خطوا على صفحة العروبة الخالصة "من أجل الحق المقدس، صفاً واحداً ويد بيد "، ويأتي اليوم من يخنث العلاقة الطيبة في مجتمع واعي، ويسند التاريخ على أحداث أيلول الأسود، كأداة سامة للنعر والتفرقة وتشتيت الوحدة، "فتاريخنا الأبيض قبل يومهم الأسود".

لم تتوقف ادوات النعر الممنهجة لكتّاب ومدونين ضد الوحدة الوطنية عند أحداث أيلول السبعين من القرن الماضي فقط، بل حالة البؤس لديهم استدعتهم أن يستعينوا بسُكر اللعبة العالمية، بتحويل العنصرية الممتعة في كرة القدم الى انشقاقات في مكنون المجتمع الواحد وتقطيع أوصاله، وتعقيباً على هذا التفكير المنتقص أقول : لا يمكن أن تكون مباراة لكرة قدم معياراً يمكن أن يقاس على اساسه درجة النزعة العنصرية بين أطياف مجتمع مترابط ويعتاش على حب الأخر، فعلى طاولة مقهى وسط البلد ذو العبق التاريخي، الأخ يعادي أخاه إبن أمه وأبيه ويقاطعه أياماً، من أجل سقطة غبية منه بورقة تريس (رقم ثلاثة في ورق لعبة الشدة) الخائنة، لتفتح المجال لهجمة شرسة من شيخ الكبّة ليقلب موازين لعبة تركس عابرة في عطلة نهاية الاسبوع، وينتصر الفريق المنافس، لتحصل مماحكة ومناكفة من خلال رسائل نصية عبر وسائط التواصل الاجتماعي يتوعدُ كل طرف الآخر، ويدعوه للإستعداد لحين عطلة نهاية الاسبوع القادمة لمواجهة جديدة، فهل يمكن هنا أن تكون هذه اللعبة معياراً لتفكك أسري ؟؟!!

لنتسامى في تفكيرنا عندما نتكلم عن تاريخ أمة، ولنحاول أن لا نكون فأر تجارب للدول الاستعمارية في إنجاح نهجهم الذي يتخذ من "فرق تسد" وسيلة للفوز على قضيتنا التي ننصرها بالفطرة، ولنسعى لتعزيز الثقة فيما بيننا، ونردم الأبواق الخبيثة من أبناء جلدتنا الذين يدسون سم التفرقة في شرّيان الوحدة الوطنية.

ولنقف معاً أيضاً على جبال الاردن وتلالها، ونعتلي نواصي قلاعها، ونوجه أنظارنا نحو القضية الواحدة، لتشق حدود المُغتصب، وتكسّر حواجز الاحتلال، وتحطم جبروت الظلم والطغيان، فمن قلعة الكرك جنوباً سنداعب مدينة الخليل بدياناتها الثلاث، ومن جبال عمّان سنلقي التحية على القدس ليرد بريق قُبتها السلام، ومن تلال السلط سنتعانق مع جبل النار وعش العلماء في ملكة فلسطين الغير متوجه "نابلس"، ولنسير معاً نحو الشمال الاردني لنسهر ليلاً مقمراً ببدره مع نسمات بحيرة طبريا.
فنظرة صادقة للقضية المقدسة، ستنبت بداخلنا شجرة العودة الشامخة، لتأتي أجيال المستقبل صامدة .. لا بائسة.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 24978
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم