حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,21 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30612

طابور الكذب الواطي!!

طابور الكذب الواطي!!

طابور الكذب الواطي!!

14-09-2015 04:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس عصمت حداد
من دون أدنى شك، عُرف الأردنيون عبر تاريخهم بصفات أخلاقية عالية لاسيما في التعامل مع بعضهم البعض، فالشجاعة والطيبة والمحبة والنخوة والشهامة والكرم والمروءة ونجدة المحتاج وغيرها، صفات تميز بها الأردني ربما أكثر من الشعوب الأخرى. ولكن علينا أن نتصارح ونتكاشف ولا نبقى نردد الشعارات الوردية المعطرة، والأحاديث الناعمة الرقيقة، بعد أن أصبحنا نرى بعض الظواهر السيئة في مجتمعنا، ونمو لسلوكيات وأفكار منحرفة، وتراجع وتدهور في قيم التقدم، نتيجة الظروف العالمية والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نمر بها كباقي المجتمعات والأمم، والأخطر في هذا المجال تحوّل هذه الظواهر المنحرفة مثل الكذب، النفاق، التظليل، الافتراء، والتدليس وما شابه، إلى حالات متداوَلة ومقبولة، لا يعترض عليها المجتمع، بل يحسبها بعضهم نوعا من الشطارة لضمان الحاضر والمستقبل، في ظل تراجع خطير لقيم الفرد، بل للقيم الإنسانية جمعاء.

إنّ امتنا الجميلة مريضة الآن، لكنّ المرض ليس أبدياً، والكذابون موجودون في كل زمان ومكان ولكنهم كثيرون هذه الأيام، وطابور الكذب الواطي موجود في كل مجتمع وفي كل دولة، وأولئك أصحاب النفوس الضعيفة لا يشكلون نسبة عالية بالمجتمع على الأعم الأغلب، لكنهم يشكلون حالة استثنائية تثير الشعور بالغرابة نتيجة سلوكياتهم المهزوزة ومفاهيمهم ذات الطابع المريب. هذه الفئة من المجتمع يحكمها سيكولوجيا عامل الخوف على الحياة بالدرجة الأولى، والخوف على الوظيفة والمركز، وهذه الشريحة الاجتماعية جعلت من جملها الفضفاضة نوع من الحماية الذاتية الغامضة لنفسها، تتلخص بمبدأ واحد "كل من يتزوج أمي يصير عمي". وكلامها العام ينطوي على التهادن والتخاذل كأن يقول البعض منهم "ما علينا بالذي يجري ونحن لا حول لنا ولا قوة" أو "ما دخلنا بالسياسة"...إنها حالة نفسية بحتة يتحكم فيها عنصر الخوف المتأصل بها روحياً وفكرياً وجسدياً.

نعم ..عيبنا أننا نكذب، وسيد العيوب الكذب، ومشكلتنا أنّ كذبنا من النوع الثقيل الأسود الذي يدفع الوطن نحو الخراب والدمار، ويزرع الفتنة في كل بيت وشارع ومؤسسة، ومحنتنا الكبرى، أنّ كذبنا أوصلنا إلى أسفل درجات الانحطاط، وأصبحنا بفضله الأمة الأكثر ضحكاً عليها، ولا زلنا نتمسك به، باعتباره السمة الأبرز التي تميزنا عن الآخرين. فالمسؤول لا يستطيع الوصول إلى ما يريد إلا إذا ارتقى سلّم الكذب، والشعب لا يحلو له النوم إلا بين أحضان التصريحات الكاذبة، وبعض الموظفون لا يعرفون الحياء، فهم يكذبون على المواطن ليلاً ونهاراً، والنخب المثقفة تبيع الأخضر واليابس عندما يخطف نظرها بريق الدولار، فتمارس كذبها في السر والعلن، كلهم يكذبون على الفقراء والمساكين، ويطلقون فقاعات كذبهم في سماء الوطن الملبدة بغيوم القهر والمرض كل يوم، والشعب الذي يعاني من والفقر والبطالة، يكذب بعضه على البعض الآخر، وكذبة تجرّ وراءها كذبة، حتى انقلب الذوق العام وما فيه إلى كذبة كبيرة، نغفو على شخيرها ليلاً، ونستيقظ على نباحها نهاراً.

يا أبناء وطني الشرفاء: إن الكذب عنوان عريض للفساد والطمع والجشع ودناءة النفس، لدينا موظفون ومسؤولون يكذبون ولا يبالون، فتعالوا نحارب الكذب ونجرمه، لأنه اكتسب حصانة وشعبية في المجتمع خاصة في المكاتب الحكومية وعند المسؤولين، والمؤسف أن هناك من أخذ يشرعن للكذب.. البعض يجيز الكذب على الناس والمواطنين إذا كان وجيهاً أو موظفاً عاماً، ولا بأس أن يدمر المجتمع بالكذب تحت مبرر إصلاح ذات البين وهو يكذب كل يوم بين الناس أو موظفيه كوسيلة وخبرة إدارية للبقاء.

أيها الشرفاء: إن الرؤوس الفارغة تماماً من العشق الوطني لا يمكن لها أن تبني وطناً، والأيادي الكاذبة التي لا تعرف الأمانة يوماً، ليس بمقدورها أن تحافظ على أموال الشعب، وتصون كرامته، وتراعي حقوقه، فمتى سيرتفع إحساسنا أمام الكذب بشكل عام ليصبح عندنا الكذاب كذاباً يخسر كل شيء ولا يحظى بالاحترام والتبجيل؟.. نحن لا نحتاج إلى رغيف الخبز، بقدر ما نحتاج إلى اجتثاث جذور الكذب، ومن يريد للوطن خيراً، عليه أن يشهر سيفه، ليحارب به الكذب وأهله، والنفاق وأصحابه، عندها سيكون الله إلى جانبنا، وتكون الدنيا قد أقبلت علينا بكل ألقها ونضارتها، والحياة قد استفاقت من كابوسها، فخلعت عنها كل أسمال الكذب والزيف والفساد.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 30612
هل ستشارك في الانتخابات النيابية
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم