حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13102

العمال يتساقطون كأوراق الخريف

العمال يتساقطون كأوراق الخريف

العمال يتساقطون كأوراق الخريف

19-08-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

  الخريف جاء مبكرا هذا العام ولكنه لم يحمل لنا غيوما أو أمطارا أو يسقط أوراق شجر بل هبت رياحه على البشر، غير المحصنة بالأبنية ذات الحجر. ويبدو لي أن ليس الرياح وحدها هي من تسقط الأوراق وتغير اتجاه الرياح بل شمس آب اللهاب قادرة على فعل هذا أيضا . فقد صارت رياح الغلاء تهز جيوبنا وتنعفها دون أن ندري فلا نعرف كيف تضع ورقة الخمسين دينارا في جيبك وكيف تنفقهم دون أن تدري ، أما جيوب البنطال فلم تعد تخرخش لفترة طويلة فركوب حافلة واحدة يكفي لتفريغ كل الفراطة التي فيها ، حتى الأثرياء يشكون من تساقط خريفي مبكر وصل إلى استغلال معارفهم ومحاسيبهم كي يوفروا لهم مقاعد في المدارس الحكومية . هذا ما يحدث للموظفين والتجار والحرفيين الصغار الذين تتعدد دخولهم وتكفي رواتبهم للتجديف حتى نهاية الشهر فكيف بالطبقة العاملة الأكثر إهمالا والمعدومة إنصافا ، وإن كنا ندرك جشع أصحاب المصانع الذين استعبدوا مواطنينا بمئة دينار قد تزيد عشرين أو خمسين وكذلك تلك المصانع التي سميت استثمارا وكانت دمارا علينا بحيث استغلت مواردنا وشبابنا وفتياتنا وأعطتهم الفتات "وأطلعنا مثل مصيف الغور" ولكن ما فعلته الحكومة بإهمالها لاضرابات العمال التي تعدت الستة عشر حتى تساقطوا كأوراق الشجر تدعونا بأن نشعر بالغضب والتساؤل وليس الاستنكار والأسف. أشياء كثيرة سقطت هذا الصيف إلا أن أكثرها ألما تساقط عمال المياومة في إضرابهم الأخير عن الطعام بعدما فشلت إضراباتهم العادية وقد تلقفتهم أرصفة الشوارع وغرف الطوارئ وهم يقعون أرضا من الجوع ولم تبكي عليهم سوى أشعة الشمس . حملوا إلى المستشفيات لأنهم رفضوا أن يموتوا جوعا في بيوتهم وأردوا أن تشاهد بطونهم العاجزة عن التقاط طبق عدس وأن يقولوا لنا إن نحن سقطنا جوعا فكيف بأطفالنا. أين النواب والوزراء والإعلام من هذا المشهد أين النقابات والأحزاب الستة عشر التي تنظر الأربعة ملايين لدعمها على أحر من الجمر ؟ أين المستثمر الكبير وزير العمل ووالد المستثمر رئيس مجلس النواب والتعاطف الشعبي لفئة تقاتل وتعترض من أجل الفتات وراتب لم يعد يكفي لأجرة البيت فقط يريدون معيشة آمنة ومساواة في التوظيف وتثبيت يزيل عنهم رعب المياومة . بعضهم لم يعترض حتى على الراتب القليل بل طالبوا بتثبيتهم وإعطائهم حقوق الموظف ثمنا لحر الشمس وهجرة المكاتب ومن ثم سيأتي علينا البعض قريبا ليقولوا ( الأردني كسول يحب أن يعمل فقط في المكتب) . الرد الحكومي جاء باعتقال المناضل محمد سنيد عدة مرات و الذي صار يشبه حالة قد تسمى "جيفارة الأردن" ، فهذا العامل الذي قضى 18 عشر عاما من عمره يعمل بالمياومة بدأ بجدية تحقيق حلمه بتحصيل حقوقه وزملائه بالتثبيت . السنيد لم يستسلم لأي اعتقال ،لأنه يعتبر نفسه معتقلا اقتصاديا مثلما يضرب زملائه إجبارا عن الطعام ، وقد يعجز معظمهم عن شراء طبق فول يفطر منه كل صباح ، فكلنا نعرف ماذا يعني راتب العمال وماذا سيكفي ويكفي. في كل أسبوع يطالبني أحد العمال بان نكتب ونطالب بحقوقهم وأخرهم كان صديق يخبرني بأنه اقترب من التقاعد وما زل يعاني من خصم كلما طلب إجازة . هذه ليست ثروة بروليتاريا أو بلشفية أو مايوية وليست يسارية نسجلها لتيار خرج حديثا بل هي مطلب حقيقي لمئات الآلاف من العمال في الحكومة والمصانع والأسواق تصرخ بكلمة واحدة فقط مختصرها دعونا نشبع فاشبيعهم أيتها الحكومة ولا تهمليهم ولا تصيبك حساسية الليبرالية أو البرجوازية . Omar_shaheen78@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 13102
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-08-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم