حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,29 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30790

"الأمّة تـنام مع أهل الكهـف وتتـرك الفلسطينييـن والأردنييـن لِمواجهـة مصيرهـم"

"الأمّة تـنام مع أهل الكهـف وتتـرك الفلسطينييـن والأردنييـن لِمواجهـة مصيرهـم"

"الأمّة تـنام مع أهل الكهـف وتتـرك الفلسطينييـن والأردنييـن لِمواجهـة مصيرهـم"

24-03-2014 09:54 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الأستاذ عبد الكريم فضلو العزام
مُنــذ أن خَلـق الله الكَـون، وأسكَـن فيـه آدم وذريتَـه، اختَار مَكـة والجَـزيـرة العربيـة لتكـون أرضاً مُقدسـة وربط قُدسيتها وطهارتها بقـدسيـة القُـدس وفلسطيـن، ولا أدَل على ذلك من أن المُصطفى (ص) عندما انطلـق في رِحلـة الإسـراء والمِعـراج، بَـدأت رحلتـه من مكـة، وبـدأ مِعراجه إلى السَّماء من القُـدس.
قبل ذلك كانت فلسطيـن مسكناً للأنبياء ومهبطاً للرسالات، ففيها عاش سيدنا ابراهيـم، ولـوط، وموسى، وشعيـب، وهارون وعيسى عليه السلام رسـول المحبـة والسلام.
فيها تجلى الله لموسى على جبل الطـور وفيها كلـم الله مريـم وابنها في المهـد وفيها أجـرى نهـر الأردن ليتعمـد فيه السيـد المسيـح.
وحتى تظـل فلسطيـن مُستقراً لهذه الكرامات تهفـو إليها أفئـدة المؤمنيـن وغيـر المؤمنيـن حباهـا الله بمناخ قَـلّ نظيـره وموقـع جغرافـي يتوسـط العالـم.
هذه المُميزات الربّانية لفلسطيـن جعلها ومنذ فجر التاريخ أرضاً لا تهدأ، محط أنظار الغُـزاة والطامعين، فقد اجتاحتها جيـوش بابل ونبوخـذ نصَّـر، وجيـوش الإغريق والرومان، والكثيـر من الأمم، إلى أن فتحها المسلمـون في عهـد الخليفة الراشدي عمـر بن الخطَّـاب (ض) وهو الذي تسلم مفاتيح القدس بنفسه وأعطى العهدة العمريـة لبطاركتها حتى تظل رمزا للسلام والتعايش بين الأديان إلى يوم الدين.
لكن فلسطيـن كما كانت محـط أنظار الطامعيـن فإنها كانت دائماً تلفـظ وتطـرد كل الغُـزاة مهما طال أمدهـم، كانت وستظـل لا تقبـل إلا سُكانهـا الأصلييـن الذين عرفتهـم مُنـذ فجـر التاريـخ؛ الكنعانييـن والفلسطينيـين العـرب الذين بنـوا حضارتها وعمّـروها على مـدى آلآف السنيـن.
إن كُـل احتلال واجتياح لفلسطيـن على مـدى العصـور كان يُقـاوم بمنتهى القُـوة والصُّمـود، فقـد روى أهلهـا ومَـن جاورهُـم أرضَها بدمائِهـم في كُـل غزو، كان شعبها رأس الحَـربـة التي لا تنكسِـر، يُقاتِـلُـون حِينـاً ويلجأون إلى إخوانِهـم في دُول الجِـوار حِينـاً آخَـر عندما تتكالـب عليهـم الجيـوش ليعـودوا مـرة أخـرى فاتِحيـن تستقبلهـم أرضهـم بأحضانهـا ويُـزهِــر لهـم الرَّبيـع الذي لا تُنبتـه إلَّا لهم.
نعـم: إن تاريـخ فلسطيـن يرتبط إرتباطاً عضوياً بِدول الجوار فهي جزء من بلاد الشام التي باركها الله لأنها أكناف بيـت المقدس، وهي جزء من المشـرق تتأثر بِكل أحداثِـه، لهذا كانت دول الجوار دائماً خَـط الدّفاع الثاني لفلسطيـن تستقبِـل هِـجراتها إذا اشتـد الخَطـب وتُـعين أهلها على الكَـرِّ مَـرَّات ومَـرَّات حَتـى يَعُـودوا.
واليوم فقد ابتُليت فلسطيـن بِغـاز ومُحتَـل طامِع لم تألَفـه على مدى تاريخِهـا الطـويل، مُحتل تدعمُـه كُـل دُول العالـم مِن شَـرقها إلى غَـربِهـا، تدعمُـه بالمال والسّلاح وأحدث المخترعات العسكرية والمدنيّـة، مُحتل مُتجبّـر يعلـو في الأرض، لا يعطي للإنسان قيمة إلا اذا كان من أبناء جلدته وديانته. احتل فلسطيـن في وقت كانـت ترزح فيه تحت نيـر الاستعمار، هي وكـل العـرب من المحيـط إلى الخليج ليُسلِّمها المستعمـر بعـد ذلك إلى اليهـود، الذين تجاهلـوا أن فلسطيـن فيهـا شعـب وأصحـاب أرض فأخـذوا يقتُـلـون ويطـردون حتى تمكنـوا مـن بنـاء كيانهـم الدخيـل مستفيديـن من ضعـف العـرب وتعاطـف العالـم.
ومنذ ذلك التاريـخ والفلسطينيـون ومعهـم العـرب كانـوا دائماً يُطالبـون بِعـودة فلسطيـن إلى أهلِهـا وما زالوا، لكن الأمة تقف اليوم أمام غازٍ ماكِـر، وأمام عالم ينظُـر كُـل من فيه إلى الحـق من خلال مصلحتـه.
منذ ذلك التاريـخ والعـرب يعتبـرون قضية فلسطيـن قضيتهـم الأولى، وقضيتهـم المركزية لكن اليهود وأعوانهـم عرفـوا كيف يقتلـون هذا الشِّعار، وكيف يُـفرِغُــونه من مضمونِـه على الأقَـل، فقد هيَّأ المستعمِـر لليهـود كُـل الظروف: قسَّـم العـرب إلى دُول وزرع بينها الفِتـن والأحقـاد، كما زرع بذور الفِتنَـة بيـن العــرب وجيرانِـهم حتى يَظلـوا ضِعافاً لا تقُـوم لهم قائِمة، واليـوم جاء اليهـود وأعوانُهم ليُكمِلـوا المشوار، فهم يسعـون إلى تقسيـم المُقسّـم وتَجزِئـة المُجَـزَّأ، لا بل أكثر من ذلك فقد زرعوا الفتـن بين أبناء الدولة الواحدة، حتى صار مُبتغى كُـل دَولـة أن تظـل متماسِكة وبأقـل الخسائِـر، ثم جاء المستعمِـر الذي لا ينسى دوره وإن غادرنا؛ جاء ليصنـع لنا ربيعاً عُشبـه وزهـره وثمـره من زقــوم لأنه يشرب من دمائنا ودماء شبابنا ونسائنا وأطفالنا، لا يعني المستعمـر كيـف يكون ربيـع العـرب ولكنـه مَعنِـي بِنتـائج هذا الربيـع على اليهـود، فكما خَـطط لربيعنا أن يُـروى بالـدَّم، خَـطط لربيـع يَهـودي صهيـوني يَـشـرب من عـذب الحياة، يـروي ظمأ كُـل يهـودي ويُحقّـق آمال كُـل صهيـوني مُتغطـرس، ربيـع يَهـودي ينسجُـون مِنْـه قُبعـات لِرؤوس المتطرّفيـن ويأكلون من برتقال يافا وحيفا ما يُنبِـت لِحاهم الكثَّـة وجدائلهم المترامية على أكتافِهـم.
نَسِـي العـرب اليـوم قضاياهم، ونسـوا أنفسهـم ونسـوا حتى الشهـور والمواقيـت، صاروا يتنافسـون على القـرب من المُستعمِـر، ويتنازلـون حتى عن أكبر مواريثهـم من الأرض والأخلاق.
فكيف لا ينسـون فلسطيــن وقضيتها.
فلسطيــن التي تعاني اليـوم القتـلَ والتشريدَ والتجويـعَ تنتظِـر ما هو أعظـم، إنَّـه السَّطـو على المُقدسـات، ويَهوديـة فلسطيـن، ومَحـو تاريخها إلـى الأبـد لِتلحَـق بالأندلـس.
إن فلسطيـن التي تعاني ما تُعانيه قد لا تجد من يكابد مُكابدتها ويَحمل كُـل هُمومها إلَّا الأردن؛ رضي أم أبى، فقد جمعه القـدر بفلسطيـن كالتوأم الذي يعيـش بقلـب واحِـد ويتنفّـس من منخـر واحد.
الأردن الذي كُتِـب عليـه أن يستقبِـل هجـرات فلسطيـن بَعـد كُـل غـزو واحتلال وكُتِـب عليه أن يَظَـل مُنْطلقـاً للتَّحـرير والعَـودة، إنه الأردن الذي يصبـر صبـر الجمال ومع ذلك تنهشـه كل الضواري.
لَـكِ الله يا فلسطيـن ولَـكَ الله يا أردن، تُرِكتُـما وَحدكُمَا اليـوم تُقارعـون في معركـة السَّلام كما قارعتـم في معركـة الحـرب، والأمة مُستغْـرِقَـة في نومِها مع أهـل الكَـهـف فانتظروها قادِمَـة تشتـري بورقها طعاماً ولكنها لن تأكل ولن يُبنـى عليها مسجداً.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 30790
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم