بقلم :
سألتني وريقات الأشجار التي بدأت بالاصفرار قليلا، سألتني وقد بدأت تتساقط رغما عنها بفعل غزارة المطر --ولم ينضج خرفها بعد-، فما زال أمام بعضها وقتا لتتحول إلى الألوان النارية بدرجاتها ، لكن المطر داهمها وانتزع حقها في النضوج إلى درجة الخرف ، انتزع حقها في تعليمنا درسا إضافيا حول النهايات والبدايات.
كم هو جميل صوت المطر!لكن الأجمل منه هو تلك المقدمات التي يهيئ فيها الخريف حاسة السمع لاستقباله، صوت الريح هو الذي يخلق الشوق لانتظار حبات المطر..والأوراق الصفراء التي تتشبث بالأغصان حتى آخر رمق..
أوراق ذهبية تغطي الأرض قد ندوسها بأقدامنا أحيانا وأحيانا نحاذر الاقتراب منها لأنها تضفي على مداخل البيوت والشوارع جمالا من نوع خاص، سيمفونيات خريفية مكتملة النضوج تعزف وتطربنا حين تتحد نهايات أغصان الأشجار مع الرياح في تشرينّي الخريف .
خريف هذا العام رحل في بداياته ولا أستبعد أن يكون قد انتحر انتحارا إيثاريا كي يفسح الفرصة أمام المطر، كي يمنح الأرض العطشى والناس العطاشى أملا في موسم شتائي مختلف، موسم الخير.....
أيها الخريف : يا أصدق الفصول وأروعها وأكثرها شفافية نعزي أنفسنا برحيلك المبكر ، رحيلك غير المتوقع، تضحيتك التي لم تهيئنا للتكيف مع ما تتركه من شعور بفقدان الفصل الذي نعشق . أيها الحقيقي الذي يضعنا في مواجهة حقيقية مع دورة الحياة:
ما الرسالة التي ترغب في إيصالها إلينا في انتحارك الفجائي؟ هل ترغب وهل تجد أنه بات من الضروري أن نتفهم حقائق أخرى؟ كإن نتوصل إلى قناعة بأن المنطق الحق يكون في مخالفة المنطق والتوقعات في بعض الأحيان؟ وأن قمة العطاء تكون في بعض الأحيان بالانسحاب ؟ رحلت، أو انتحرت "إيثاريا" ومنحت فصل الشتاء وقتا إضافيا أطول وميلادا مبكرا لكننا سنفتقدك ....سنفتقدك ونفتقد دفء الألوان التي تضفيها على الأماكن.... maisa_rose@yahoo.com
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا