02-12-2025 02:05 PM
بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
الأردن الذي نحبه جميعًا لا يُبنى بالتخوين ولا بتصنيف الآراء، بل يُبنى بالصدق وبالشجاعة في النقد وبالحرص على المصلحة الوطنية العليا. الخطر الحقيقي ليس في تعدد وجهات النظر، وإنما في ثقافة الاستبعاد التي تغلق الأبواب بدل أن تفتحها. لقد قدّم الأردنيون عبر تاريخهم نموذجًا فريدًا في الانتماء والوفاء لوطنهم، فمن معان إلى إربد ومن الكرك إلى جرش ومن البادية إلى الأغوار ظل الأردني يضع مصلحة الوطن أولًا ويجعل من العطاء والتكافل هوية عملية تتجاوز الشعارات. هذا المخزون الشعبي هو القوة الحقيقية التي تحمي الدولة وتحصّنها من أي هزات. إن النقد حين يُمارَس بروح وطنية يصبح أداة بناء لا هدم، فالمواطن الذي يسائل السياسات العامة لا يقل حبًا لوطنه عن الذي يصفق لها، بل إن المراجعة الصادقة بروح إيجابية هي سر استمرار الدول وازدهارها. السردية الوطنية الاردنية هي تاريخ حضارة بنيت بالالاف السنين فلا ننسى ما يميز سرديتنا كسوسنة الاردن السوداء وطائرها السيناوي ولا ننسى قصص شيوخنا وكبار البلد ممن عاصروا الاحداث وكتبوا مذكراتهم ولا ننسى كل ذرة من تراب هذا الوطن خطت احرف العنفوان والفخر بما أنجز وصنع وتحقق لحماية هذا الوطن بهويته وسرديته .
الأردن ليس بحاجة إلى أصوات تُلغي بعضها بل إلى قلوب تعرف أن قوتنا في احترام الرأي الآخر والعمل معًا لمصلحة واحدة. المواطنة هنا ليست مجرد بطاقة تعريف بل عقد أخلاقي عميق يربط كل فرد بوطنه، أن تكون أردنيًا يعني أن تحترم تنوع مجتمعك وأن تفخر بجذورك وأصالتك وأن تؤمن أن الغد لا يُصنع إلا بالتكاتف، فلا تعارض بين أن نحب عشيرتنا وأن نخدم دولتنا ولا بين أن نحمل خصوصيتنا الثقافية وأن نعيش مواطنة متساوية. الإصلاح في الأردن لم يكن يومًا شعارًا عابرًا بل مسارًا متواصلاً، وكل مرحلة من مسيرة الدولة كانت محطة لإعادة التفكير والتطوير، والنقد البناء للمؤسسات لا يُنقص من قيمتها بل يؤكد حرصنا على أن تبقى قوية وعصرية قادرة على الاستجابة لتحديات الزمن. الأردن ليس ملكًا لفئة دون أخرى بل هو بيتنا المشترك وهو أغنى من أن يُختزل في رؤية واحدة وأكبر من أن يُؤطر في خطاب ضيق، فلنُبعد أصابعنا عن الماضي المثقل باللوم ولنوجّه عقولنا وطاقتنا نحو المستقبل الذي نريده معًا، مستقبل يقوم على الاحترام والعدالة وسيادة الدولة. وسيبقى الأردن بإرادة أبنائه وطنًا يُصغي لأصواتهم ويكبر بتضحياتهم ويزدهر بتنوعهم، فلنشكر الله على نعمة هذا الوطن ولنكن أوفياء له بالفعل قبل القول، فالأردن وطن للجميع ومستقبله لا يُكتب إلا بأيدي جميع أبنائه .
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-12-2025 02:05 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||