13-10-2025 11:11 AM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
نظم قانون انتخاب مجلس النواب رقم 4 لسنة 2022 آلية الطعن بقرارات الهيئة المستقلة للانتخاب، وهي على اختلاف بحسب موضوعها، فمنها طعون خاصة بعملية تسجيل الناخبين وهذه من اختصاص محاكم البداية، وطعون خاصة برفض الهيئة المستقلة لترشيح القائمة، وهذه من اختصاص محكمة استئناف عمان حصرا، كذلك تنظر محاكم الاستئناف حسب اختصاصها المكاني في الطعون المتعلقة بوقوع خلل في عملية الاقتراع والفرز قبل اعلان النتائج النهائية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن قرارات المحاكم بهذه الطعون قرارات قطعية لا يطالها الاستئناف، اما الطعن بصحة النيابية بعد اعلان النتائج النهائية فمعقود لمحكمة التمييز حسب نص المادة 71 من الدستور.
ولسنا هنا بصدد بحث هذه الطعون على اهميتها، لكن ما يرمي اليه المقال طعونا أخرى تختلف بطبيعتها عن ما مر ذكره، وهي تلك الطعون الخاصة بقرارات الهيئة الصادرة وفق نص المادة 58 من قانون انتخاب مجلس النواب المتعلقة بملء المقاعد الشاغرة في مجلس النواب على مستوى الدائرة العامة، لا سيما أن قانون الانتخاب لم يشر إلى كيفية الطعن بها كما فعل بطعون العملية الانتخابية، تاركاً الموضوع لتشريعات اخرى وللفقه الإداري.
وقد يسأل سائل لماذا الكتابة في هذا الموضوع الان؟ وما الجديد؟ في واقع الأمر أن قوانين الانتخاب لمجلس النواب السابقة لم تثر أية إشكالية في كيفية ملء المقاعد الشاغرة، لكن نص المادة 58 في القانون الحالي المتأتي ضمن أطر تحديث المنظومة السياسية، قد أثار إشكالية في ملء المقاعد حين مايز بين المقاعد المخصصة للمرأة والشباب في القائمة على مستوى الدائرة العامة والمقاعد الأخرى، فأقر أن المقاعد المخصصة للمرأة او الشباب يتم ملؤها بالمرشح الذي يليه في القائمة من الفئة ذاتها، ثم أفرد بندا في سياق المادة يعالج فيه مسألة المرشح الحزبي المستقيل أو المفصول من حزبه واقر أنه يتم ملؤه بالمرشح الذي يليه في القائمة، فإذا ما كنا امام حالة يكون فيها المستقيل أو المفصول من الحزب من فئة الشباب أو المرأة فأي النصين ينطبق على حالته؟.
أوضحت المادة 58 الآليات والمكنات والشكل الذي تتخذ به الهيئة المستقلة قرارها وفقها، والسؤال المطروح هنا هو هل من المتاح قانونا الطعن بهذه القرارات ام لا؟ بمعنى آخر او بصياغة أخرى للسؤال هل تعد قرارات الهيئة المستقلة للانتخاب الصادرة بهذا الخصوص قرارات إدارية بالمعنى القانوني يطالها الطعن امام القضاء الاداري ام لا؟ وهل القضاء الاداري لديه الاختصاص لالغاء تلك القرارات ام لا؟.
ان الاجابة عن هذه الاسئلة تستوجب النظر في قرارات الهيئة الصادرة بخصوص ملء الشواغر بهدف التحقق من توافر عناصر القرار الاداري فيها، بمعنى آخر هل قرار الهيئة هو قرار اداري مكتمل العناصر حتى يستطيع القضاء الاداري مد رقابته عليه ام لا؟ ثم لا بد من استعراض مواد قانون القضاء الاداري رقم 27 لسنة 2014 لنرى امكانية أتاحة المشرع من عدمها في قبول الطعن في مثل هذه الحالات.
يعلم الكثير ان القرار الاداري هو تصرف قانوني يصدر عن سلطة إدارية عامة بشكل منفرد يهدف الى إنشاء وضع قانوني جديد او تعديله او الغائه، وهذا الوضع القانوني الجديد يبنى عليه حقوق والتزامات للافراد المتاثرين به دون الحاجة الى موافقتهم، وعند اسقاط هذا التعريف على قرارات الهيئة المستقلة الصادرة بملء المقاعد الشاغرة لمجلس النواب نجده ينطبق عليها تماما، من حيث اكتمال عناصر القرار الاداري كافة في قرارات الهيئة، فهي اي الهيئة سلطة عامة إدارية تصدر قراراتها بإرادة منفردة بشكل نهائي، وكيف لا ونحن هنا امام حالة انشاء مركز قانوني جديد لمترشح كان قد خسر الإنتخابات وأصبح نائبا بموجب قرار الهيئة من تاريخه.
وللتاكيد اكثر فان قانون القضاء الاداري رقم 27 لسنه 2014 اتاح إمكانية الطعن في القرارات الإدارية المكتملة النهائية او اي قرار نتج عن خلل في تطبيق النص القانوني عند ممارسة الاختصاص من قبل سلطة عامة كالوقوع في خطا تطبيق القانون او الخطأ في تاويل نصوصه وهنا يمكن الرجوع لنص المادة 5 الفقرة 6 من قانون القضاء الإداري.
وعلى ذلك فان قرارات الهيئة المستقلة للانتخاب الصادرة بموجب المادة 58 من قانون الانتخاب بخصوص ملء شواغر مقاعد مجلس النواب خاضعة للطعن لدى المحكمة الإدارية خلال 60 يوما من تاريخ العلم بالقرار الاداري، يبقى ان نشير أخيرا إلى توافر شرط المصلحة لصاحب الدعوى المرفوعة بحيث تكون مصلحة شخصية ومباشرة ومتأثرة بقرار الهيئة المستقلة للانتخاب، وهذه المصلحة هي أساس قبول دعوى إلغاء القرار الصادر عن الهيئة، ويجب أن تتوافر لدى المدعي وأن تستمر طوال فترة الدعوى.
د. سعود فلاح الحربي
استاذ القانون العام المساعد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-10-2025 11:11 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |