27-09-2025 03:30 PM
بقلم : المهندس خلدون عتمه
ردا على تصريح توم باراك ان هذا المشروع الذي أرادته الولايات المتحـدة مـن تفتيـت المنطقة العربية , ومن ثم الهيمنة على مقدراتها وذلك تحت ظواهر براقة ، كبنـاء مجتمع مثالي في المنطقة ،وزيادة الفرص الاقتصادية فيها ، وبيـان الأدوات التـي استخدمتها الولايات المتحدة لتهيئة الأرضية المناسبة لايقامة المشروع الصهيوني ومعتقداتهم المكشوفة.
أن مشروع الـشرق الأوسط في السياسة الخارجية الأمريكية ستعترضه الكثير من المعوقـات تحـول دون تنفيذه ؛ لأن هدفه بات مكشوفا يتمثل بالهيمنة على المنطقة من أجل حماية المـصالح الأمريكية أولا وحماية أمن إسرائيل ثانياً.
ان المشاريع التي تصدرها الدوائر الغربية تحمل في ظاهرها خير المنطقة ، ولكنهـا في حقيقتها تحمل في مضامينها سلبيات كثيرة, وتواجه عملية تنفيذها عقبات كثيـرة منها عقبات أيديولوجية تعتقها بعض الحركات الأحزاب والمنظمات وعقبات سياسـية تحمــل لواءها الأنظمة السياسية , وان الأدوات التي تستخدمها السياسة الخارجية الأمريكيـة تفيذ المشروع هي أدوات غير مشروعة في حد ذتها . وهناك العديد من التوصـيات أهمها : العمل على تنفيذالمشروع الوحدوي العربي، وعدم الركون للغرب وتـصديق ما يأتي به , وردم الهوة بين أصحاب التوجهات الأيديولوجة والسياسية في المنطقـة العربية واستقلال رابطة الدين للتقرب من الأنظمة الإسلامية المجاورة , وفضح أبعاد مشروع الشرق الأوسط في كل وسائل الإعلام على اختلافها لنشر الوعي بين سـكان المنطقة العربية من أجل مقاومة المشروع وإحباط محاولات تنفيذه.
ما أثارني واستفزني في تصريح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط توم باراك ، الذي زعم فيه أن “لا وجود لشيء اسمه الشرق الأوسط، وأنه مجرد قبائل وقرى”، وهو قول يجافي الحقيقة ويتجاهل التاريخ العميق لهذه المنطقة.
الشرق الأوسط حقيقة راسخة وعريقة ؛ ويبدو انه يغير الحقائق ولا يعلم أن هنا قامت أقدم الحضارات، من سومر وبابل وآشور في العراق، إلى مصر الفرعونية وعلى ضفاف النيل، مروراً بفينيقيا و الشام، و الجزيرة العربية، وصولًا إلى الدولة الإسلامية بمراكزها الكبرى. هذه الأرض قدّمت للعالم أول كتابة، وأول قوانين، وأول مدينة منظمة، وأعظم الديانات. فكيف تختزلها يا باراك وتقول انها “قبائل وقرى”؟
أما القول بأن القوميات من صناعة سايكس بيكو، فهو جهل بالتاريخ والاتفاقية كانت مشروعاً استعماريًا لتقسيم النفوذ، لكنها لم تُنشئ هوية ولا قومية وازيدك من الشعر بيت يا مبعوث ونقول لك بان شعوبنا قاومت الاستعمار بوعي قومي وديني متجذر، وانتزعت استقلالها بدماء أبنائها لا بقرار بريطاني أو فرنسي.
لتعلم انه منذ آلاف السنين عرفت هذه المنطقة الدولة والسلطة والقانون، من الإمبراطوريات القديمة إلى الخلافة الإسلامية فالدولة العثمانية. لم تكن في أي يوم مجرد “تجمع قبائل”، بل كانت مركز حكم وإدارة سبقت أوروبا الحديثة بقرون.
الخلاصة يا سيد توم ان الشرق الأوسط ليس اختراعاً استعماريًا، بل هو صانع التاريخ الإنساني منذ فجر البشرية، ومهد الحضارات والعلوم والأديان و شعوب هذه المنطقة ستبقى عصية على محاولات التشويه والتبسيط وإذا كان هذا هو موقف المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، فماذا نتوقع منه؟ وكيف يمكن أن ننتظر منه إنصافاً أو تفهماً لقضايانا العادلة؟
الكاتب المهندس
خلدون عتمه
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-09-2025 03:30 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |