حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,29 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 11704

نضال أنور المجالي يكتب: صُنَّاع المحتوى بين خدمة الوطن وتصدير التفاهة: سؤال للأجيال القادمة

نضال أنور المجالي يكتب: صُنَّاع المحتوى بين خدمة الوطن وتصدير التفاهة: سؤال للأجيال القادمة

نضال أنور المجالي يكتب: صُنَّاع المحتوى بين خدمة الوطن وتصدير التفاهة: سؤال للأجيال القادمة

27-09-2025 10:11 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نضال أنور المجالي
شهد العقد الأخير تحولاً جذرياً في المشهد الإعلامي، حيث انتقلت بوصلة التأثير من القنوات التقليدية إلى منصات التواصل الاجتماعي، ليتربع على عرشها ما يُعرف بـ صناع المحتوى والمؤثرين. ومع تزايد أعداد هؤلاء "النجوم الجدد" وارتفاع مشاهداتهم، يفرض سؤال جوهري نفسه بحدة على الجميع، خاصةً على الأجيال القادمة: هل كان هذا "التأثير" في خدمة الوطن والمجتمع، أم أن التفاهة أصبحت هي العملة الرائجة و"الترند" الأوحد؟
​إن المتابع للشاشات الصغيرة يدرك أن الميزان قد مال بشكل واضح. ففي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يكون صانع المحتوى هو حلقة الوصل الفعّالة لنقل هموم وطموحات ومشاكل الشباب، والمنارة التي تسلط الضوء على كنوز الأردن المدفونة في الثقافة والتراث والاقتصاد، نجد أن الكثيرين قد اختاروا طريقاً أسهل وأسرع للشهرة: تصدير التفاهة.
​حين يصبح الإضحاك على حساب الكرامة وهُوية الدور
​من أكثر الظواهر إيلاماً هو استغلال الروابط الأسرية المقدسة لجلب المشاهدات. أن يتحول الأب أو الأم أو الزوجة إلى مادة للسخرية والضحك، أو "مسخرة" بعبارة أدق، في سياق مقاطع مفبركة أو مواقف مهينة، هو مؤشر خطير على انحدار الذوق العام وتسطيح القيم. إن الإضحاك هدف نبيل، لكن عندما يكون الثمن هو كرامة الآخرين أو استغلال ضعفهم أمام الكاميرا، فإننا نتجاوز حدود الإبداع إلى حدود الإسفاف.
​أما الوجه الآخر لهذا الانحدار، فهو العبث الصريح بالهوية والأدوار المجتمعية. كيف يمكن لصانع محتوى أن يقبل على نفسه أن يقلب شخصيته من رجل إلى دور فتاة بمشاهدات تهدف إلى السخرية، أو أن تختار فتاة تقليد شخصية رجل بأسلوب مسيء ومستغرب؟ هل انتهت أدوار الرجال الحقيقية في المجتمع، وهل استنفدت النساء أدوارهن البناءة ليتحول الترفيه إلى تمييع للحدود وتقويض للأصالة؟ هذه ممارسات لا تجلب فقط المشاهدات، بل تساهم في إرباك مفهوم القدوة لدى النشء.
​وكذلك نرى رواج مقاطع "التخبيص" في الطبخ أو أداء المهام، والتي تهدف فقط لإثارة الفوضى والضحك السطحي. ماذا قدم كل هؤلاء للأجيال القادمة؟ هل قدموا لهم قدوة في العمل الجاد، أو الاحترام المتبادل، أو حتى مهارة حقيقية؟ الإجابة الصادقة هي: لا شيء يذكر.
​المحتوى الهادف.. صرخة في واد التفاهة
​إن دور صانع المحتوى الحقيقي لا يقتصر على الترفيه، بل هو شريك في التنمية والتوعية. كان بالإمكان أن يكون هؤلاء المؤثرون جسراً لنقل:
​هموم الشباب: قضايا البطالة، صعوبات الزواج، تحديات التعليم المهني.
​الطموح والحلول: عرض قصص نجاح شبابية حقيقية، مشاريع صغيرة ملهمة، وطرق للتغلب على التحديات.
​كنوز الأردن المدفونة: الترويج للتراث غير المكتشف، المواقع الأثرية المنسية، الفرص الاستثمارية المحلية، والتعريف بالثقافة الأردنية العميقة.
​لكن للأسف، عندما يكون البحث عن "الترند" بأي ثمن هو الهدف الأسمى، تختفي هذه القضايا الوطنية والمجتمعية تحت ركام من المحتوى الرخيص، تاركة الشباب والأجيال القادمة بلا بوصلة إعلامية حقيقية.
​هنا يجب أن نتوقف لنوجه تحية إجلال وتقدير لكل من كان محتواه مفيداً وبناءً. لكل صانع محتوى اختار الصعوبة على السهولة، والمحتوى العميق على المحتوى السطحي. ولكل من استغل مساحته الرقمية لخدمة قضايا الوطن والارتقاء بوعي الجمهور.
​إن المعركة الحالية ليست معركة محتوى، بل هي معركة وعي. والمجتمع، بجميع أفراده، هو الحكم النهائي. فما دام الجمهور يمنح المشاهدة والانتشار للتفاهة، فستبقى هي "الترند". ولكن متى ما قررنا كجمهور أن نكافئ المحتوى الهادف بالدعم والانتشار، حينها فقط سنرى تحولاً حقيقياً في المشهد الرقمي، وسنضمن أن المؤثرين هم بالفعل في خدمة الوطن والأجيال القادمة.
​حفظ الله الأردن والهاشميين.
​الكاتب: نضال أنور المجالي.











طباعة
  • المشاهدات: 11704
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-09-2025 10:11 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم