27-09-2025 09:47 AM
بقلم : الدكتور فارس العمارات
مناطق يتم التوافق عليها أو فرضها من قبل أطراف النزاع، وتهدف إلى حماية المدنين الذين ليس لهم صلة بالصراع المسلح، لضمان سلامتهم وتجنب تعرضهم للأعمال العدائية. وتضع هذه المناطق بعض الشروط التي يجب توفرها، كما يعتبر انتهاك تلك الشروط خرقا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ومع ذلك لا يعني إعلان منطقة آمنة أن المدنيين سيكونون فعلا في أمان. فقد أظهرت عدة صراعات، مثل: المجازر التي تعرض لها المدنيون في رواندا عام 1994، وفي 1995 حينما اجتاحت القوات الصربية مدينة سربرنيتسا وأيضا في فترة غزة 2023/2024، حيث أُعلن عن أماكن آمنة للمدنيين، لكن الاحتلال قصفها وأوقع فيها آلاف الضحايا.
ومصطلح "المناطق الآمنة" ليس رسمياً في القانون الدولي، حيث لم تُذكر هذه الفكرة مباشرة في الاتفاقيات العالمية، ولكن هناك مصطلحات أخرى تتقارب معها مثل "المناطق الطبية" و"المناطق المحايدة". ومجلس الأمن أكد على أن المناطق الآمنة يجب أن تكون محمية من الهجمات المسلحة ومن أي أعمال قد تهدد سلامة المدنيين. يجب أن تُضمن مساعدات إنسانية في هذه المناطق، لكن المحتل غالباً ما يتجاهل هذه التصنيفات ولا يلتزم بقرارات مجلس الأمن أو بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش، المناطق الآمنة هي "مساحات يتفق فيها المتصارعون على عدم نشر القوات العسكرية أو تنفيذ هجمات".
وظهرت فكرة المناطق الآمنة لأول مرة عام 1870 خلال الحرب الفرنسية البروسية، حيث أسسها هنري دونان مؤسس الصليب الأحمر الدولي، والذي خصص بعض المدن لرعاية الجرحى، وكان ذلك بداية أنواع مناطق الأمان. ومع ذلك، لم يُنظر إليها بجدية بسبب التطورات العسكرية. وفي عام 1871، حاول دونان تنفيذ نفس الفكرة أثناء "تمرد الكومونة" في باريس بإنشاء مناطق لجوء للحماية المدنية
وفي عام 1929، اتبع الطبيب الفرنسي جورج سانت بول نهج دونان، ووضع خطة لإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين والجنود والجرحى. بعد ثلاثة أعوام، أسس الرابطة الدولية في جنيف. في عام 1934، اجتمع أطباء ومحامون في موناكو لصياغة مشروع اتفاقية دولية لتنظيم احترام الحياة البشرية في النزاعات، وأطلق عليه "مشروع موناكو"، الذي تضمن أحكاماً تتعلق بمناطق الأمان.
كانت اتفاقية جنيف الأولى لعام 1923 والتي تتعلق بـ "تحسين أوضاع الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان" هي الوحيدة التي تناولت إنشاء المناطق الصحية. فيما بعد، الإشارة إلى المناطق الآمنة في اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 جاء بدون تعريف محدد. وكانت الحكومة الفرنسية هي الأولى التي اقترحت مفهوم المناطق الآمنة بتقرير أمام مجلس الأمن الدولي لإنشاءها في البوسنة والهرسك عام 1993.
وعرفت الحكومة الفرنسية المناطق الآمنة في اقتراحها بأنها "منطقة محاطة داخل نطاق محدد، تحت حماية الأمم المتحدة، حيث يتم تأمين المساعدة الإنسانية، ويمنع فيها أي اعتداء". ومع ذلك، لم تتلق دعم النخبة العسكرية الفرنسية وأعضاء المجلس الدائمين. قامت فرنسا بإعادة صياغة اقتراحها وقدمت أفكاراً حول كيفية حماية المدنيين في يوغوسلافيا السابقة، وتركت لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة الفرصة لاتخاذ القرارات وفقاً لإمكانات الأمم المتحدة. ونتج عن ذلك قرار مجلس الأمن رقم 819، الذي دعا إلى إقامة مناطق آمنة في يوغوسلافيا.
اليوم المناطق الآمنة هي مجرد خرائط على ورق لا يعتد بها خاصة في ظل الغطرسة الصهيونية وتعنت كثير من الجهات المتصارعة ، غير معتدين باي قوانين إنسانية او دولية ، وغير ابهين بارواح بريئة لا ناقة ولا جمل لها في صراعات قد تكون كارثية او عبثية لا طائل منها .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-09-2025 09:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |