حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5156

محمد يونس العبادي يكتب: الثقافة التاريخية

محمد يونس العبادي يكتب: الثقافة التاريخية

محمد يونس العبادي يكتب: الثقافة التاريخية

20-09-2025 10:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
الأمية في عصر الرقمنة، لها أشكال وبين ظواهرها الأمية التاريخية، التي يشكل غيابها معضلات في شرح الإنسان لذاته، وهويته، وقصة الجماعة التي ينتمي لها.

عام 1966م، نشرت في جريدة فلسطين مقالة، تتحدث عن معضلة الجهل بالتاريخ الأردني، وهذا الموضوع ما زال مدار بحث لغاية الآن.

وقد جاء في هذا المقال، أن معظم دول العالم تقوم المدارس بتدريس تاريخ البلد كمادة أساسية من مواد الدراسة، وكثير من الدول تبدأ بتدريس تاريخها ابتداءً من المرحلة الابتدائية، أما في الأردن فهناك ضعف كبير في تدريس تاريخ الأردني في مدارسنا، فنحن لا نجد مادة خاصة عن تاريخ الأردن في أي صف من الصفوف الدراسية، وما يرد من تاريخ الأردن في كتب التاريخ الحديث أو القديم إنما هي دراسة عابرة صغيرة لا تتجاوز الصفحات القليلة التي لا تفي بالغرض.

وهكذا نجد أن معظم طلابنا يتخرجون مثقفين بتاريخ الدول الأخرى بينما يجهلون تاريخ بلدهم، وكم من مرة يسأل الطالب الأردني الذي يدرس في خارج بلده عن بعض حقائق ومعلومات عن تاريخ بلده، فلا يستطيع الإجابة وإذا ما أراد هذا الطالب البحث عن معلومات عن تاريخ البلد في تلك الفترة يجد صعوبة كبيرة في ذلك إذ ليس لديه أساس يبني عليه وينطلق منه.

ومن هنا نجد أن لدينا نقطة ضعف كبيرة في تدريسنا للتاريخ في مدارسنا، أحيانا ليس في المادة وحسب، بل في الأسلوب، ولتلافي هذا الضعف علينا إدخال مادة تاريخ الأردن في مختلف العصور كمادة أساسية في ثلاثة سنين دراسية على الأقل، وحينما أقول ثلاثة سنوات دراسية فإنما أعني أن يتم تدريس مادة تاريخ الأردن الحديث منذ عام 1900م إلى وقتنا الحاضر في سنة دراسية، ومادة تاريخ الأردن منذ ظهور الدعوة الإسلامية حتى نهاية الحكم العثماني في سنة ثانية ومادة تاريخ الأردن القديم منذ عصور ما قبل التاريخ حتى ظهور الإسلام في سنة ثالثة وهكذا نضمن أن يتخرج الطالب من المدرسة وهو يملك أساساً قويًا من الثقافة العامة عن بلده.



وفي اعتقادي أن هذه المواد يجب أن لا تعطى في مرحلة الدراسة الابتدائية ولا حتى الإعدادية لأننا في هاتين المرحلتين نحتاج إلى تبسيط المواد لتقريبها من أذهان الطلبة وتبسيط المواد قد يحيلها إلى نوع من الدعاية التي تبعد بالطالب عن الغرض الأساسي من تدريس التاريخ وهكذا نستطيع البدء بتدريس تاريخ الأردن الحديث في الصف الأول الثانوي حيث إنه أسهل من التاريخين الآخرين وتدريس تاريخ الأردن منذ ظهور الإسلام في الصف الثاني الثانوي بفرعيه العلمي والأدبي، وتدريس تاريخ الأردن القديم في الصف الثالث بفرعيه العلمي والأدبي.

وإذا ما سبق تدريس مادة تاريخ الأردن في الصفوف الثانوية، تدريس مادة التربية الوطنية "أي ما يختص بمختلف شؤون البلاد والدولة في المرحلة الإعدادية نكون قد سددنا نقصاً كبيراً في ثقافتنا القومية ونضمن أن يكون طالبنا المتخرج متفهماً لشؤون بلده وتاريخه فهماً يؤهله لأن يكون مواطناً صالحاً بما تتطلبه منه هذه المواطنة من تفهم أوضاع بلده وإفهام الآخرين لهذه الأوضاع.

وقد يقول قائل: ولكننا دعاة وحدة عربية والوحدة العربية تتعارض وتدريس مثل هذه المادة – وأنا أقول إن الأمر هو على العكس تماماً ففي اعتقادي أن الإنسان العربي لا يستطيع تفهم الوحدة العربية حق الفهم دون تفهم أوضاع بلده وتاريخها تفهماً تاماً أولاً ففي تاريخ بلده يستطيع فهم بقية البلاد العربية نظراً للارتباط التاريخي والحضاري التام بينهم منذ القدم.

ومن ناحية أخرى، إن الاتجاه الآن في دراسة التاريخ هو أن الإنسان لا يستطيع درس تاريخ العالم أو على الأقل درس تاريخ منطقة حضارية معينة م لم يختص بتاريخ بلد من البلاد فكلما ازداد تعمق الإنسان بدراسة بلد اختصاصه كلما أتى إلى فهم أكبر لتاريخ العالم أو المنطقة التي فيها بلد اختصاصه، فكل حضارة نشأت في العالم قد اتصلت بالحضارات المختلفة فأخذت عنها أشياء وأعطتها أشياء ومعظم الحضارات قد جاءت على أنقاض حضارات سابقة ومن هنا فإن المختص بتاريخ بلد من البلدان لا يستطيع فهم حضارة بلد اختصاصه دون أن يدرس الحضارات المحيطة بها درساً تاماً ليعرف مدى تأثيرها على حضارة بلد اختصاصه.

وهذا الاتجاه التاريخي ينطبق أيضاً، على دراسة تاريخ الأردن فنحن حين نتجه إلى دراسة تاريخ بلدنا لا نجد مناصاً من الذهاب إلى تفهم حضارات الدول المحيطة به والمرتبطة به برابطة تاريخية، فمن سعينا إلى تفهم تأثير بلدنا على تاريخ البلاد العربية الأخرى أو تأثير حضارة البلاد العربية أو تأثير حضارة البلاد العربية الأخرى على بلدنا نستطيع التوصل إلى حقيقة ما يربطنا بهذه البلاد؛ فالتاريخ في حقيقته ليس الماضي فحسب بل هو الحاضر والمستقبل وهي رواية الوطن عن نفسه.











طباعة
  • المشاهدات: 5156
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-09-2025 10:19 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم