سرايا - كتب النائب السابق الدكتور محمد علي العكور :

منسف هوية للأردني … ملوخية هوية للفلسطيني ، كبسة للخليجي….كشري للمصري … شخشوخة للجزائري …. قوزي للعراقي… وهكذا حتى تكتمل سفرة البطون العربية لتتشكل بعدها الانتماءات الطبائخية….

صحيح أن لكل بلد عاداته في الأكل وخصوصيته في الاختيار…ولكننا تجاوزنا ذلك ، فلم نكتفِ بعبثية سايكس بيكو ، وإنما رحنا نصنّف هوياتنا الفرعية الهزيلة التي صارت مرتبطة ببطوننا ارتباطا تافها يدفعنا إلى حدّ التناحر والصراع وفق تنافسية الطبخة…

ثم ما هذه الهوية التي ترتسم مع ملامح الرز والمليحية …؟ وهل تتغير الهوية نزولا أو ارتقاء إذا كان المنسف على دجاج أو لحم؟؟؟
وهل تتحسن نوعية الهوية إذا كان المنسف بجميد بلدي أو كركي…؟

بالأمس رأيت شبابا يأكلون المنسف بالشارع ويطلقون عبارات التحدي بالمنسف لدول أخرى نافستنا في الكرة … ورأيت في تلك اللوحة التافهة وطنا عظيما كالاردن يُختزلُ تأريخه وهويته بسدر طبيخ…

تقول بعض الروايات إن أبا جهل قال لقريش مستنكرا : إن محمدا يعدكم جنّات كجنّات الأردن - يقصد نهر الأردن -…هذا التأريخ العظيم للأردن والراسخ في جذور الجغرافيا والمضمخ بدماء الصحابة وعبق الانتصارات يتم تصغيره اليوم بطبخة لتكون الوطنية بأضعف صورها أنموذجا حيّا للهزيمة الفكرية ، ولتكون الهوية في وطيس معركة مع الوعي الذي استلم زمامه إعلامٌ شكلي ضعيف ، وفضاء الكتروني مريض بالجهل والسطحية والعدمية…فهل نحن ندرك عمق الأزمة وإلى أين نسير…؟