حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5283

زياد فرحان المجالي يكتب: زيارة أمير قطر إلى الأردن: تضامن سياسي وأبعاد استراتيجية

زياد فرحان المجالي يكتب: زيارة أمير قطر إلى الأردن: تضامن سياسي وأبعاد استراتيجية

زياد فرحان المجالي يكتب: زيارة أمير قطر إلى الأردن: تضامن سياسي وأبعاد استراتيجية

18-09-2025 10:53 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
جاءت زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر إلى الأردن في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، فهي لم تكن مجرد محطة بروتوكولية عابرة، بل تعبير واضح عن حالة تضامن وتنسيق سياسي بين عمّان والدوحة في ظل تصاعد الأحداث الإقليمية. الزيارة جاءت بعد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة التي عُقدت ردًا على العدوان الإسرائيلي، وبعد الضربة التي استهدفت العاصمة القطرية لتؤكد أن العلاقات الأردنية القطرية باتت أكثر من مجرد علاقات ثنائية، فهي رسالة موجهة إلى الداخل العربي وإلى القوى الدولية بأن هناك مسارًا جديدًا يتشكل. ما يميز هذه الزيارة هو توقيتها الحساس، إذ إنها تأتي مباشرة بعد حدث استثنائي تمثل في قصف الدوحة، ما يجعلها محمّلة برسائل عديدة في أكثر من اتجاه. الرسالة الأولى أن الاعتداء على قطر لا يُقرأ في الأردن كقضية بعيدة أو تخص دولة أخرى، بل يُنظر إليه بوصفه تهديدًا للأمن العربي المشترك الذي لا ينفصل عن أمن الأردن. الرسالة الثانية أن الأردن يريد أن يُظهر دعمه لقطر في المحافل الدولية، وأن أي محاولة لعزلها ستفشل لأن هناك من يقف إلى جانبها في لحظة الاختبار. الرسالة الثالثة أن القمم والبيانات العربية لا ينبغي أن تبقى حبرًا على ورق، بل يجب أن تترجم إلى مواقف عملية وزيارات وتحالفات واقعية. ومن هنا فإن الزيارة تأخذ بعدًا استراتيجيًا أكبر بكثير من بعدها البروتوكولي. القضية الفلسطينية كانت حاضرة في خلفية هذه الزيارة بقوة، فالأردن الذي يرتبط تاريخيًا وجغرافيًا بفلسطين لا يستطيع أن ينفصل عن أحداث غزة والقدس، وقطر التي دعمت المقاومة سياسيًا وماليًا وإعلاميًا ترى أن الوقت حان لتعزيز التنسيق مع عمّان لمواجهة الضغوط الدولية والإقليمية. الجمع بين الدور الأردني بصفته الراعي التاريخي للمقدسات في القدس والدور القطري الذي يملك إمكانيات مالية وإعلامية كبيرة يعكس إمكانية تشكيل ثنائية عربية فاعلة تعيد القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام وتمنع تجاوزها كما تحاول بعض الأطراف أن تفعل من خلال مشاريع التطبيع. العلاقات الأردنية القطرية شهدت في السنوات الأخيرة تقاربًا ملحوظًا بعد فترات من الفتور، حيث استثمرت قطر في قطاعات حيوية بالأردن تشمل الطاقة والعقار والبنية التحتية، كما قدّمت منحًا دراسية وفرص عمل للآلاف من الأردنيين في السوق القطري، والزيارة الحالية تضيف إلى هذا الجانب الاقتصادي بُعدًا سياسيًا واضحًا إذ تلتقي المصالح التنموية مع الرؤى الاستراتيجية لمستقبل المنطقة. ولا يمكن إغفال البُعد الاقتصادي للزيارة، إذ من المتوقع أن تُعلن مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة والاستثمار التنموي، فالأردن الذي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة بحاجة إلى دعم حقيقي، وقطر تملك القدرة المالية على تمويل مشاريع نوعية يمكن أن تُحدث فرقًا في مجالات البنية التحتية والتشغيل. الاقتصاد هنا ليس مجرد تفصيل بل أداة سياسية لتعزيز الثقة وترسيخ الشراكة بين البلدين. أما على الصعيد العربي والإسلامي، فالزيارة تحمل رسالة بأن قطر ليست وحدها في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، بل هناك دول عربية مستعدة للوقوف معها، وأن الأردن يعتبر أن أي تهديد لقطر هو تهديد للأمن العربي. هذه الرسالة موجهة أيضًا إلى الغرب الذي ينظر إلى المنطقة بعين المصلحة البحتة، لتقول له إن العواصم العربية قادرة على التحرك المشترك عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو أمنها الداخلي. في هذا السياق، تبرز أيضًا الرسائل إلى إسرائيل التي أرادت من خلال ضرب الدوحة أن تُظهر قدرتها على كسر الوساطات العربية وتهميش الدور القطري، فجاءت زيارة الأمير إلى الأردن لتؤكد أن العكس هو الصحيح، وأن التحالفات العربية يمكن أن تتعزز بدلًا من أن تتراجع. الرسالة هنا أن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها، وأن أي محاولة لإقامة شرق أوسط جديد قائم على التطبيع من دون فلسطين ستظل ناقصة وهشة. داخليًا، الزيارة لها أثر في تعزيز مكانة القيادة الأردنية التي تظهر بمظهر المدافع الأول عن القدس، كما تمنح القيادة القطرية دعمًا معنويًا في وقت تحاول فيه إسرائيل تصويرها كطرف ضعيف ومعزول. للشعوب في البلدين، هذه الزيارة تعكس أن قيادتهما تتحرك بانسجام مع نبض الشارع الذي يرفض العدوان ويتمسك بالهوية العربية والإسلامية. مستقبل هذه الزيارة مفتوح على سيناريوهات متعددة، فمن المرجح أن نشهد في الفترة المقبلة خطوات أكبر من التنسيق تشمل عقد قمم ثنائية وتوقيع اتفاقيات جديدة وربما تشكيل جبهة أوسع تضم تركيا لدعم القضية الفلسطينية على المستويين الدبلوماسي والإعلامي. اقتصاديًا، قد نرى مشاريع مشتركة تُستخدم كجسر لتعميق العلاقات وتوسيع الاستثمارات. الأهم أن هذه الزيارة تمثل بداية لمسار استراتيجي طويل الأمد لا يقتصر على التضامن اللحظي بل يؤسس لتحالف مستقبلي. في المحصلة، زيارة أمير قطر إلى الأردن ليست مجرد خبر سياسي عابر، بل هي علامة على أن التضامن العربي لا يزال ممكنًا وأن الهوية العربية لا تزال الجدار الصلب الذي يصطدم به أي مشروع يتجاهل فلسطين. في قلب هذه الزيارة تبقى القضية الفلسطينية هي البوصلة التي لا تنحرف، ويبقى الرهان على أن الأردن وقطر معًا قادران على صياغة موقف مختلف في زمن الانقسامات، موقف يربط بين الاقتصاد والسياسة، بين الدعم الشعبي والموقف الرسمي، بين العروبة والإسلام، ليقول للعالم إن العرب حين يتحدون قادرون على حماية أوطانهم وصياغة مستقبلهم.











طباعة
  • المشاهدات: 5283
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-09-2025 10:53 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم