27-08-2025 08:20 AM
بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
في خضم المشهد الإقليمي المتأجج تتعرض الدولة الأردنية بقيادة ومؤسسات وشعبا لحملات تشكيك وإساءة متعمدة تستهدف النيل من صموده واستقراره الذي بات محط أنظار العالم وفي قلب هذه العاصفة يبرز ملف الجنسية كأحد أهم الملفات الحساسة التي يتم العبث بها واستغلالها مما يستدعي ردا حازما لا يعتمد على الخطاب العاطفي فحسب بل ينبني على أساس متين من الشرعية القانونية والمسؤولية الوطنية والإنسانية
من هذا المنطلق فإن الدعوة إلى تفعيل اللجنة الخاصة بملف الجنسيات ليست مجرد إجراء روتيني بل هي ضرورة وجودية ولكن لكي تؤتي هذه اللجنة ثمارها يجب أن تبنى على أسس سليمة وأهمها تشكيلها من شخصيات وطنية مشهود لها بالوفاء والانتماء والاستقامة بعيدا عن بعض الأصوات النخبوية التي انحرفت عن مسار الخدمة الوطنية وباتت تطلق تصريحاتها وإسقاطاتها التي تسيء للوطن مباشرة أو بشكل غير مباشر متخفية أحيانا وراء شعارات زائفة فالثقة هي عماد عمل مثل هذه اللجنة وشخصياتها يجب أن تكون فوق الشبهات وأهواء المصالح
هنا يلتقي الجانب القانوني بالجانب الإنساني في تناغم عضوي فالدستور الأردني وقانون الجنسية لسنة 1954 وتحديدا الفصل الخامس المادة 18 لم يشرعا في فراغ إنهما يمثلان العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن عقدا قائما على الحقوق والواجبات وهذا القانون بمنتهى الوضوح يحدد الحالات التي يمكن فيها سحب الجنسية ومنها الانخراط في خدمة عسكرية أو مدنية لدولة أجنبية أو معادية دون إذن أو رغم إنذار الحكومة الأردنية والإقدام على أي عمل يشكل خطرا على أمن الدولة وسلامتها
هذه النصوص ليست عقابية بحتة بل هي وقائية حمائية في المقام الأول إنها تحمي كيان الدولة الذي هو وعاء جميع المواطنين وتصون الحقوق المكتسبة للأغلبية الغالية من المواطنين المخلصين فالتهاون في تطبيق القانون على من ينخرط في أعمال تهدد الأمن الوطني هو إهدار لحقوق الملايين الذين يدفعون ضرائبهم وينتمون بصدق ويدافعون عن وطنهم بكل ما أوتوا من قوة
ومن الناحية الإنسانية فإن هذا التفعيل ليس انتقاصا من كرامة الإنسان بل هو حفاظ على كرامة المجتمع بأسره إنه يحمي آلاف العائلات الأردنية التي تدفع ثمن أفعال فرد قد يعرض سمعتها ومستقبلها للخطر كما أنه يرسل رسالة طمأنينة لكل مواطن يشعر بالغصة عندما يرى من يحمل هويته وهو يعمل ضد مصلحة وطنه بأن دولة القانون قائمة وحامية لهويته وانتمائه
وعليه فإن حماية ملف الجنسية الأردنية تستوجب ترجمة عملية واضحة تقوم على أربعة مرتكزات رئيسية وهي التشكيل العاجل للجنة خاصة بمتابعة ملف الجنسيات من شخصيات وطنية مستقلة ومحايدة تتمتع بالكفاءة القانونية والخبرة الأمنية والعمق الوطني لتكون بعيدة عن أي تأثيرات أو أجندات مشبوهة والتفعيل الصارم لنصوص قانون الجنسية وخاصة المادة 18 بطريقة شفافة وحازمة استنادا إلى تحقيقات دقيقة وموثقة لضمان تطبيق القانون على كل من يستحق دون محاباة أو تمييز وحماية سمعة الدولة الأردنية ومؤسساتها الأمنية بالرد القانوني والدبلوماسي على كل محاولة للنيل من استقرار الأردن بما يعزز صورة المملكة كركيزة أمنية في المنطقة وإطلاق حملات توعوية لتعزيز مفهوم المواطنة المسؤولة ترسخ في وجدان الأردنيين أن الجنسية ليست امتيازا فرديا بل مسؤولية جماعية وأن الحفاظ عليها هو حفاظ على الوطن بأكمله
ختاما إن تفعيل القانون في ملف الجنسية ليس فقط مسألة إدارية أو إجراء قانوني بل هو تعزيز متين للانتماء وحماية حقيقية للإنسان الأردني وكيانه إنه الدرع الذي يحمي حاضر الأردن ومستقبله ويقطع الطريق على كل من يحاول العبث بثوابت الوطن أو استغلال صدره الرحب للنيل من مناعته وصموده فالأردن أغلى من أي مصلحة فردية وصون أمنه هو وصاية على أمانة في أعناقنا جميعا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-08-2025 08:20 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |