26-08-2025 03:01 PM
بقلم : موفق عبدالحليم ابودلبوح
أنا والقلم، وحدَنا على ضفّة الحزن، هو يخط ، وأنا أنزفُ...كأنّ بيننا ميثاقَ وجعٍ لا يُنقَض،
كلما ثقلَ الصمتُ في صدري، أسلَمتُه حبرَ روحي، فيميلُ برأسه على الورق، كما يميلُ الجريحُ على رفيقِه في النزف.
هو رفيقي حين تعجز اللغة، هو مرآةُ صدري، إذا اسودّت الحياة في عينيّ وسطرٌ طويل من أنينٍ مكتوم، إذا ضاقت الأرضُ بما رحُبت أمسكه كما يُمسك الغريقُ بقشّة الأمل كلّ حرفٍ يخرج منه، هو شهقةُ روحٍ مثقوبة وكلّ كلمةٍ تنساب، إنما هي جنازةُ حلمٍ لم يُدفن بعد .... أنا والقلم، لا نكتبُ القصص، بل ندفنها، نزرعها بين سطورٍ من وجع .... يا قلمي، أما تعبتَ من حملِ خطايا الحزن؟
حين تعجز الكلمات عن التعبير، ويضيق الصدر بما لا يُقال، لا يبقى لي من رفيقٍ سواك رفيق صامت لا يُعاتب، لا يُقاطع، ولا يَملّ التكرار يُصغي لصمتي، ويُترجم مكنونات صدري إلى سطورٍ من نورٍ باهت أو ظلمةٍ حالكة لطالما جلستُ إليه كما يجلس الغريق على ضفّة الانتظار، أمسكه بيدي المرتجفة، ليخط ما يعجز لساني عن النُطق به فكلما ضاق صدري، وجدت فيه متنفّسًا، وكلما ثقل الحزن على روحي، وجدت في حبره عزاءً.
القلمُ ليس مجرّد وسيلة، بل شاهدٌ على ضعف الإنسان وقوّته،على سُقوطه ونهوضه،هو مرآةٌ تنقل ما في داخلي دون رتوش،
وحنجرةٌ تتكلم حين يختنق الصوت ، كنت أظن أني أُشفى بالحروف، فإذا بها تحفر أكثر حتى أدركتُ أن الكتابة ليست خلاصًا من الحزن، بل عبورٌ آمنٌ من خلاله.
أن أكتب يعني أن لا أدعه يبتلعني ثم أتركه يمضي.
أنا والقلم، نعرف الحزن جيّدًا، لكننا لا نُحب أن نسكنه طويلاً نكتبه، لا لنبكيه، بل لنتجاوزه نسكبه على الورق، لا ليبقى، بل ليغادرنا شيئًا فشيئًا، كما تتسرّب الذكريات من زجاج النسيان.
واليوم، بعد أن اعتدت الكتابة، لم يَعُد القلم رفيق حزني فقط، بل صار شاهد أملي، وسلاح نجاتي، صار وسيلتي لأقول: نعم، أنا تألمت... لكنني لم أنكسر.
موفق عبدالحليم ابودلبوح
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-08-2025 03:01 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |