سرايا - لم يكن عادل إمام يعلم أن الفيلم الذي ظل حائرا لعام كامل حول قبوله أو رفضه، سيحقق نجاحا مبهرا وقت عرضه، في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

وروى الكاتب الراحل مصطفى محرم في مذكراته "حياتي في السينما"، كواليس ما جرى في فيلم "حتى لا يطير الدخان" المأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس.

إذ حضر إليه المخرج أحمد يحيى وأخبره أنه سيقوم بشراء حقوق تحويل القصة إلى فيلم سينمائي، وطلب منه الاستعداد لكتابة السيناريو الخاص بالفيلم.

وتحمس مصطفى محرم من أجل كتابة السيناريو، لكنه ظل يؤمن بأن الفيلم لابد أن يبتعد كثيرا عما جاء في القصة الأصلية، لأن أحداثها لم تعد صالحة لوقت تقديم الفيلم، وهو ما وافقه عليه المخرج، ولكنه أصر على أن تبقى شخصية "فهمي عبد الهادي" هي الشخصية الرئيسية.

وطلب المخرج من الكاتب أن يكون السيناريو مخصصا لعادل إمام، خاصة أن المخرج هو من سيتولى الإنتاج، وسيذهب بالسيناريو لعادل إمام.

عكف محرم على كتابة السيناريو وانتهى منه في عام كامل، ليرسل بعدها المنتج نسخة من السيناريو إلى عادل إمام، وظل يتواصل معه لعام كامل، وفي كل مرة يخبره عادل إمام أنه لم يقرأ السيناريو بعد.

مل المنتج من الانتظار وقرر أن يتوجه بالسيناريو إلى نور الشريف، وذهب بالفعل مصطفى محرم وأحمد يحيى للالتقاء بنور الشريف، من أجل مناقشته، ولاحظ الثنائي أن نور الشريف يحاول إخفاء استنكاره وغضبه، وأخبرهما أنه لا يستطيع الموافقة على الفيلم لأنه يرى أن السيناريو كتب خصيصا كي يقوم ببطولته عادل إمام.

غادر مصطفى محرم وهو لا يعلم إن كانت كتابته توحي للجميع بأنها مكتوبة خصيصا لعادل إمام، أم أن الوسط السينمائي لا تخفى فيه أي معلومة، وهو ما جعل نور الشريف يعرف بما حدث في البداية.

بعد يومين من رفض نور الشريف، عاد أحمد يحيى ليخبر محرم أن عادل إمام عاود الاتصال به، ومنحه موعدا من أجل مناقشة السيناريو، وتوجه الثنائي وقتها إلى منزله.

سألهم عادل إمام بعض الأسئلة الخاصة بالشخصية، وأبدى بعدها قلقه من النهاية، لأن البطل يموت، وهو ما يمثل صدمة للجمهور.

وافق مصطفى محرم على مخاوف عادل إمام، وأبلغه أنه سيقوم بتغيير النهاية، كي يرضي بطل الفيلم، كما اتفق المنتج مع نبيلة عبيد على المشاركة في دور البطولة النسائية.

وقبل أن ينطلق تصوير الفيلم بيومين، فوجئ الجميع باعتذار نبيلة عبيد، بداعي أنها ليست مرتاحة للمشاركة في الفيلم، وعلم بعدها محرم أنها رفضت الفيلم كي تشارك في فيلم "قهوة المواردي".

اتفق المخرج أحمد يحيى مع سهير رمزي كي تحل بديلة لنبيلة عبيد، وانطلق تصوير الفيلم، وكتب محرم أكثر من نهاية بديلة، وطلب من عادل إمام أن يختار النهاية التي يفضلها، لكنه عاد ووافق على النهاية الأولى التي كتبت منذ البداية.

شارك في الفيلم الابن الأصغر لمدير التصوير الشهير وحيد فريد، حيث تخرج وقتها من معهد السيناريو، واحتفل عادل إمام بهذه المناسبة وأقام احتفالا كبيرا في الكواليس، قبل أن تصعق الكهرباء ذلك الشاب الذي كان مساعدا لمدير التصوير، وتوفى خلال تصوير الفيلم. وهو ما أصاب الجميع بالحزن الشديد، وتوقف التصوير لعدة أيام حزنا على رحيل ذلك الشاب الصغير، قبل أن يتم استئنافه، وحقق نجاحا كبيرا حينما عرض للجمهور، كما شارك في أكثر من مهرجان دولي.