22-08-2025 04:02 PM
بقلم : مريم بسام بني بكار
جاء إعلان سمو ولي العهد عن إعادة خدمة العلم كخطوة تحمل في طياتها أكثر من مجرد تدريب عسكري أو التزام وطني تقليدي؛ إنها في جوهرها مشروع وعي وحصانة اجتماعية وأمنية للأردن وأبنائه.
فالمراقب لما يدور حولنا يدرك أن المنطقة على فوهة بركان، وأن إسرائيل، بما تبديه من تهديدات مستمرة ومحاولات ابتزاز سياسي وعسكري، ليست ببعيدة عن استهداف الأردن أو السعي لإضعاف جبهته الداخلية، خاصة في ظل الموقف الأردني الصلب في الدفاع عن فلسطين ورفض التنازل عن ثوابتها، الأمر الذي يجعل من شبابنا هدفاً مباشراً لمحاولات الإضعاف والتشويه والاختراق ومع استمرار توتر المنطقة والتهديدات المتصاعدة التي قد تهز استقرار الأردن، تراود المخاوف قلوب المواطنين من احتمال اندلاع صراعات مباشرة أو غير مباشرة على حدود المملكة ، وهنا تكمن قوة خدمة العلم في هذا التوقيت الحاسم من خلال تحقيق استراتيجية وطنية استباقية لبناء جيل واعٍ ومستعد لمواجهة أي تهديد. فكل ساعة يقضيها الشباب في خدمة العلم تصنع منهم درعاً يحمي الوطن، وتزرع فيهم القدرة على التمييز بين الخطر الحقيقي والمعلومات المضللة، وتجعلهم صمام أمان يحافظ على استقرار الأردن ويعزز جاهزيته في أصعب الظروف، مؤكدين أن القوة الحقيقية للوطن تبدأ من شباب مدرك، متحد، وواثق بقدراته على الدفاع عن أرضه وقيادته وقيمه.
لم يعد خافياً أن بعض الشباب يواجهون تحديات تتعلق بغياب الانضباط وتراجع الالتزام الجاد، وهو ما يجعلهم عرضة للتأثيرات السلبية والانجراف نحو مسارات خطرة بعيداً عن قيم الانتماء والبناء. خدمة العلم هنا ليست مجرد معسكر أو برنامج تدريبي، بل هي وسيلة وقائية لتحصين عقول الشباب قبل أجسادهم، وغرس قيم المسؤولية والانتماء والوعي الوطني في جيل يُراد له أن يكون درعاً واقياً للوطن لا ثغرة في بنيانه.
جاءت رؤية ولي العهد من عمق ايمانه بأن الاستثمار في الشباب الأردني ليس شعاراً إنشائياً، بل معركة وعي متواصلة. فالتحديات التي يواجهها الأردن اليوم لم تعد تقليدية؛ هناك حروب رقمية، محاولات لغسل الأدمغة والتجنيد الإلكتروني عبر الإنترنت، استهداف مباشر للعقول الناشئة، ناهيك عن الآفات الاجتماعية من مخدرات وعنف مجتمعي. وإلى جانب ذلك، هناك الضغوط السياسية والتهديدات الأمنية التي يتعرض لها الأردن نتيجة تمسكه بدوره التاريخي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وحمايته للقدس والمقدسات، وهو ما يضاعف الحاجة إلى شباب واعٍ ومحصن وقادر على مواجهة هذه المرحلة. لذا فإن خدمة العلم تقدم بيئة محفزة لتعليمهم مهارات التفكير النقدي والوعي بما يحيط بهم، لتصبح هذه الفترة محطة لصقل شخصياتهم الفكرية والوجدانية، مما يجعلهم أقل عرضة للانحراف أو التأثر بالمؤثرات السلبية.
إن ما يميز هذه الخطوة أنها لا تأتي استجابة لضغوط خارجية، بل انطلاقاً من رؤية ملكية وولي عهدٍ يدرك أن الشباب هم السلاح الأقوى، فإذا كان سلاح العدو موجهاً إلى حدودنا، فإن سلاحنا الحقيقي يكمن في عقول شبابنا ووعيهم. ومن هنا تصبح خدمة العلم تقول بوضوح: شباب الأردن لن يكونوا فراغاً تعبث به أيادٍ خارجية، بل جداراً صلباً يحمي الوطن ويصون استقراره.
لم يعتد الاردن أن يقف متفرجاً أمام التحديات، بل كان دائماً سباقاً في ابتكار الحلول الوطنية الأصيلة. وخدمة العلم اليوم ليست مجرد خدمة، بل هي مدرسة تصنع رجالاً ونساءً مؤمنين بوطنهم، مدركين لمخاطر المرحلة، مستعدين للدفاع عن أرضهم وملكهم وهويتهم، ولعلها الرسالة الأقوى بأن الأردن سيبقى آمناً بهمة شبابه وانتمائهم ووعيهم. وهي رسالة واضحة مفادها أن الأردن لن يترك شبابه عرضة لأي مخاطر داخلية أو خارجية، بل يعمل على إشراكهم كشركاء في حماية الوطن وبناء مستقبله. فهي تربط الشباب بالقيادة الهاشمية، وتعزز الانتماء الوطني، وتؤكد أن الولاء للوطن والملك هو الطريق الأمثل لصنع جيل قادر على مواجهة كل التحديات بثقة ووعي.
ان خدمة العلم تساعد الشباب على إدراك قيم الانتماء والهوية الوطنية بعمق أكبر. فمن خلال التدريب المشترك والعمل الجماعي، يشعر كل شاب أنه جزء من كيان وطني أكبر، وأن مسؤولياته تجاه وطنه لا تقتصر على الدفاع عن الأرض فحسب، بل تمتد إلى الحفاظ على الثقافة والتقاليد والقيم الوطنية التي تشكل هوية الأردن. كما أن الخبرات التي يكتسبها الشباب خلال فترة خدمة العلم تشمل تطوير المهارات القيادية والتنظيمية والتواصلية، لتصبح أساسًا لبناء مستقبل مهني ناجح، وتمكنهم من أن يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم، قادرين على المساهمة في التنمية والابتكار، ودعم مشاريع الوطن الكبرى.
في الوقت الذي يركز فيه الجميع على البعد الأمني والتدريبي لخدمة العلم، هناك بعد آخر غالبًا ما يغفل عنه البعض وهو ان خدمة العلم تعد أداة لبناء الوعي النفسي والاجتماعي لدى الشباب. فهي تمنحهم القدرة على مواجهة الضغوط الحياتية والانفعالات اليومية بشكل متوازن، وتعلمهم ضبط النفس في المواقف الصعبة، ما يجعلهم أكثر استعدادًا للتعامل مع تحديات المستقبل بوعي وثقة. هذه التجربة لا تصنع مجرد جندي ملتزم، بل فرداً قادراً على القيادة الذاتية والاجتماعية، على أن يكون مثقفًا ومؤثراً إيجابياً في مجتمعه، قادراً على حماية الوطن ليس فقط بالسلاح، بل بالفكر والمبادرة والقدرة على اتخاذ القرار الصائب في أصعب الظروف.
قبل الإعلان عن تفاصيل إعادة الخدمة، عبّر كثير من الشباب عن مخاوفهم من التحديات المحتملة، من قسوة التدريب إلى احتمال مواجهة مواقف صعبة، بل وحتى من فكرة الانقطاع عن الحياة المدنية والدراسة. لكن هذه المخاوف سرعان ما تحولت إلى حافز للانتماء والاستعداد، إذ فهموا أن خدمة العلم ليست عبئاً، بل فرصة لصقل الشخصية، واكتساب الوعي الوطني، وتعزيز قدرتهم على مواجهة أي تهديد محتمل للأردن وأمنه.
حفظ الله الاردن واحة امن واستقرار وعصيا على جميع الايدي الملوثة واصحاب الاجندات الخارجية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الأمين وبسواعد جنوده وابناءه الأوفياء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-08-2025 04:02 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |