بقلم : كريم عبدالرحمن شوابكه
في عالمٍ يتسابق فيه الناس على الأضواء والمظاهر، يختلط على كثيرين معنى القيمة الحقيقية بالإنجاز الملموس. نعيش اليوم في زمنٍ صار فيه عدد المتابعين على الشاشات معيارًا للنجاح، بينما تتوارى الإنجازات الصامتة التي تُبنى بعرق الجبين وصبر السنين خلف الضجيج.

القيمة ليست فيما نملكه من أشياء مادية، بل فيما نضيفه من أثرٍ باقٍ في قلوب الناس وحياتهم. قد يمتلك المرء ثروةً أو شهرةً، لكنه بلا قيمة إذا لم يسهم في تحسين حياة من حوله أو بناء إرثٍ معرفي وأخلاقي يبقى بعد رحيله. القيمة الحقيقية تُقاس بما نزرعه من خير، وبما نتركه من بصمة تلهم وتُنير.

أما الإنجاز الحقيقي فليس دائمًا ما تُوثّقه الكاميرات أو تُصفّق له الجماهير. أحيانًا يكمن الإنجاز في أن تنتصر على نفسك، أن تتجاوز مخاوفك، أن تبني صرحًا من الإصرار رغم العثرات. هو أن تصل إلى أهدافك دون أن تتنازل عن مبادئك، وأن تحقّق حلمك بطريقة لا تُفقدك إنسانيتك.

الإنجاز الحقيقي لا يشيخ مع الزمن، لأن جذوره ضاربة في الصدق والعمل، لا في المصادفة أو الحظ. والقيمة لا تُمنح بقرار أو منصب، بل تُكتسب عبر رحلةٍ من العطاء، والإخلاص، والمواقف النبيلة.

في النهاية، من السهل أن تصنع لنفسك صورةً براقة، لكن الأصعب أن تصنع لنفسك مكانةً راسخة في قلوب الناس وذاكرة التاريخ. قد تنطفئ الأضواء، وقد تخبو الضجة، لكن الإنجاز الصادق يبقى حيًا، والقيمة الحقيقية تزداد لمعانًا مع مرور الوقت.


بقلم كريم شوابكه