حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,2 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 12706

زياد فرحان المجالي يكتب: الدمار الإسرائيلي الذاتي: حين تقود الحربُ إلى تفكك الداخل

زياد فرحان المجالي يكتب: الدمار الإسرائيلي الذاتي: حين تقود الحربُ إلى تفكك الداخل

زياد فرحان المجالي يكتب: الدمار الإسرائيلي الذاتي: حين تقود الحربُ إلى تفكك الداخل

02-08-2025 09:31 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي
في مشهد مقلوب من حكايات الحروب، حيث يظن المعتدي أنه بمنأى عن الخراب، تبدو إسرائيل اليوم كمن يحفر قبره بيده، في سعيه المحموم لسحق غزة، وحماس، وسكانها. فبينما نجحت آلة الحرب الصهيونية في تحويل 60% من القطاع إلى أنقاض يعلوها الغبار، وجثامين الشهداء، وتحتها آلاف المهجرين والمفقودين والمجوّعين، انقلبت نيران الحرب على مشعلها، وانكشف العمق الإسرائيلي الداخلي عن تصدعات كارثية، ليس فقط مادية، بل نفسية، واجتماعية، واستراتيجية.
حربان… وخسارة واحدة
لم تكن نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة في ميزان الربح والخسارة لصالح تل أبيب. فقد كشف ملحق صحيفة "هآرتس" الاقتصادي كلكليست، في عدد 25 حزيران 2025، أن الأضرار الناجمة عن الحرب الإيرانية – الإسرائيلية التي اندلعت مؤخرًا، قد فاقت، خلال أسبوع واحد فقط، أضرار الحرب الطويلة على غزة، بضعفين.
بحسب "أمير دهان"، مدير صندوق التعويضات في مصلحة الضرائب الإسرائيلية، فإن التقديرات تشير إلى ما لا يقل عن 5 مليارات شيكل كتعويضات للممتلكات المتضررة من الحرب مع إيران، مقابل 2.5 مليار شيكل خلال الحرب على غزة. وقال دهان: حتى لو توقفت الحرب غدًا، فسنواجه أكثر من 50 ألف دعوى تعويض، وهناك مصانع كبيرة في الشمال ما تزال تحصي خسائرها، ولا تكفي ميزانيتنا الحالية لتغطية كل المطالبات.
أما تكلفة إيواء مئات آلاف المهجّرين في الشمال والجنوب، فتُقدَّر بمليارات إضافية، إضافة لتعويضات العمال ومراكز الإنتاج المعطلة، والتي بلغت وحدها 20 مليار شيكل منذ اندلاع الحرب الأخيرة. إنها فاتورة مدمّرة تدفعها إسرائيل من أعصابها وجيوبها، بينما تخسر في كل ساعة المزيد من جنودها، واقتصادها، واستقرارها.
الانتحار في صفوف الجيش… الضحايا الصامتة
الحديث عن تدمير النفس البشرية لم يعد محصورًا في غزة. فقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم 11 أيار 2025، تحقيقًا صادمًا للبروفيسور "يوسي ليفي بلز"، رئيس مركز أبحاث الانتحار في الجيش الإسرائيلي، كشف فيه عن أرقام غير مسبوقة في حالات الانتحار بين الجنود منذ السابع من أكتوبر 2023.
ففي عام 2023 وحده، أقدم 17 جنديًا على الانتحار نتيجة التوتر والانهيار النفسي الذي خلفته الحرب، تلتهم 21 حالة انتحار أخرى في عام 2024 – وهو أعلى معدل منذ أكثر من عقد. ووفقًا لهآرتس، فإن هناك 9 جنود إضافيين أنهوا حياتهم في منازلهم بعد عودتهم من الخدمة في غزة، دون تسجيل رسمي لحالاتهم.
وتعترف عائلات الجنود بأن أبناءهم كانوا يعانون من أعراض "ما بعد الصدمة"، ولم يتلقوا أي دعم طبي أو نفسي حقيقي، وسط إهمال واضح من المؤسسة العسكرية التي فضلت الصمت على الاعتراف بالكارثة.
الانهيار النفسي… والمجتمع في حالة رعب
رابطة أطباء الصحة النفسية في إسرائيل أصدرت بيانًا في 13 شباط 2024 أكدت فيه أن أكثر من 620 ألف إسرائيلي يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، منهم 2000 جندي على الأقل، منذ بدء الحرب على غزة.
وأظهرت دراسات ميدانية أن واحدًا من كل خمسة إسرائيليين يعاني من أعراض نفسية خطيرة، في ظل عجز آلاف المواطنين عن تحمّل تكلفة العلاج النفسي، وشحّ الكوادر الطبية المختصة. بل إن 35% من اليهود و40% من العرب داخل إسرائيل صرّحوا أنهم مرّوا بحالات رعب قاسية، وصلت أحيانًا إلى شلل مؤقت أو انهيار عصبي.
الجيش الإسرائيلي يتفكك: التهرّب والتساقط
ليس الانتحار وحده ما ينهش جسد الجيش الإسرائيلي، بل هناك ظاهرة أخرى متسارعة: التهرّب من أداء الخدمة العسكرية.
كتب الصحفي "أمير بوحبوط" في موقع "واللا" بتاريخ 3 تموز 2025 أن أكثر من 60,000 جندي يتهربون سنويًا من التجنيد، وسط تصاعد المطالبات بإعفاء المتدينين، وانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي. اللواء "بار كليفا"، رئيس شعبة القوى البشرية، أقرّ بعجزه عن وقف هذه الظاهرة، مؤكدًا أن الحرب على غزة أدت إلى تزايد التساقط بشكل لافت.
وفي تقرير آخر نشرته "هآرتس" بتاريخ 21 كانون الثاني 2025، أكد الجيش أن آلاف الجنود أوقفوا خدمتهم فجأة بسبب الانهيارات النفسية، وسط تحذيرات من أن الجيش يفقد تماسكه الداخلي، وتمايزه كـ"جيش شعب"، في ظل تصدعات سياسية داخلية، وتجاذبات دينية وقومية متزايدة.
إسرائيل تنهار من الداخل… رغم الخراب في غزة
الدمار في غزة بلا شك هائل، ولكن الحقيقة التي لا يريد الإعلام الإسرائيلي أن يعترف بها، أن "إسرائيل تنهار من الداخل"، بشكل متسارع، ربما يفوق قدرتها على لملمة ذاتها.
حرب غزّة لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، والحرب مع إيران أضافت طبقات جديدة من العجز والخسارة، فماذا بعد؟ هل ما زالت إسرائيل قادرة على تحمّل حروب طويلة؟ أم أن المجتمع الإسرائيلي، الممزق نفسيًا، والمنهك اقتصاديًا، والمتفكك سياسيًا، يقترب من الانفجار؟
ما سبق ليس إلا غيضًا من فيض، من كتاب نادر من 48 صفحة وُثّقت فيه بالأرقام والصحف العبرية خسائر إسرائيل الذاتية… لكنه بحاجة لترجمة كاملة، ليس للغة فقط، بل للواقع أيضًا.
سلسلة: إسرائيل من الداخل – حين يصبح الغزو انتحارًا بطيئًا تابعوا المقالات القادمة التي سنرصد فيها انهيار المنظومة السياسية والأمنية والاجتماعية الإسرائيلية من الداخل، كما لم يُروَ من قبل.











طباعة
  • المشاهدات: 12706
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-08-2025 09:31 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم