حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,9 يوليو, 2025 م
  • الصفحة الرئيسية
  • كُتاب سرايا
  • د. خالد السليمي يكتب: حل المجالس المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان بداية متميزة للانطلاق نحو التصحيح الخدماتي للمواطنين
طباعة
  • المشاهدات: 3894

د. خالد السليمي يكتب: حل المجالس المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان بداية متميزة للانطلاق نحو التصحيح الخدماتي للمواطنين

د. خالد السليمي يكتب: حل المجالس المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان بداية متميزة للانطلاق نحو التصحيح الخدماتي للمواطنين

د. خالد السليمي يكتب: حل المجالس المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان بداية متميزة للانطلاق نحو التصحيح الخدماتي للمواطنين

08-07-2025 01:17 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. خالد السليمي

بين الآمال العريضة والواقع الصادم
حين طُرحت فكرة اللامركزية وإنشاء المجالس المحلية ومجالس المحافظات، كانت الآمال كبيرة، وتعلّق الأردنيون بإمكانية تطوير الخدمات وتوزيع عادل للتنمية، لكن الواقع كشف عن فجوة واسعة بين التوقعات والتنفيذ، أفرزت الانتخابات غالباً مجالس لم تكن على قدر التحدي، حيث طغت الاعتبارات العشائرية والاجتماعية على الكفاءة والاختصاص، فتسلل إلى هذه المجالس أشخاص بلا خلفيات أكاديمية أو مهنية تؤهلهم لصنع التغيير، وهكذا، أصبح صوت المواطن أسير حسابات ضيقة، وتراجعت فكرة اللامركزية من أداة إصلاح إلى عبء إداري بلا نتائج حقيقية.

غياب التخطيط الاستراتيجي وضعف الرؤية
من أبرز ملامح فشل المجالس السابقة أنها لم تستطع أن تضع خططاً تنموية استراتيجية، فالعمل بقي في دائرة التسيير لا التغيير، والمبادرات كانت آنية وردود أفعال أكثر منها رؤى مدروسة، المجالس المحلية والمحافظات لم تنتج سياسات خدماتية فاعلة، ولم تبنِ قاعدة بيانات تنموية ولا أولويات مجتمعية واضحة، هذا القصور يعكس غياب التخصص والخبرة، ويؤكد أن الإدارة العامة لا يمكن أن تُترك للهواة أو الباحثين عن الوجاهة.

مجالس بلا أدوات تنفيذية حقيقية
رغم الآمال التي ارتبطت بها، افتقرت معظم المجالس لصلاحيات تنفيذية حقيقية، وظلت رهينة المزاج الحكومي، والبيروقراطية الإدارية، ما جعل دورها أقرب إلى التشاور لا القرار، ومع أن النصوص القانونية منحتها بعض الصلاحيات، فإن الواقع التنفيذي فرّغها من مضمونها، وبهذا، أصبحنا أمام نموذج إداري مهزوز، مجالس تُحاسب دون أن تُمنح أدوات الفعل، ما أدى إلى تراجع ثقة المواطن وفقدان الأمل في أن تحقق المجالس أي إنجاز ملموس على الأرض.

المحسوبيات والانتخابات غير النزيهة
انتخابات المجالس لم تكن دائماً نزيهة من حيث المعايير الموضوعية، بل طغى عليها النفوذ الاجتماعي والمالي والجهوي، المحسوبيات والوجاهة كانت السمة الأبرز، مما أدى إلى إقصاء الكفاءات الحقيقية، وعليه، أفرزت الانتخابات مجالس عاجزة عن مخاطبة الوزارات أو مساءلتها، ومفتقدة لآليات الحوار التنموي أو الرقابة الجادة، هذا الانحراف عن الهدف الأساسي للامركزية جعل استمرار هذه المجالس في صيغتها الحالية أمراً لا يخدم المصلحة الوطنية.


تجربة أمانة عمان... تكرار الإخفاق الإداري
مجلس أمانة عمان الكبرى لم يكن أفضل حالاً، إذ وقع في نفس فخ الوجاهات والمجاملات، المجلس فشل في تقديم حلول حضرية جادة للعاصمة، وظل يراوح مكانه في ملفات النقل والتنظيم والبنية التحتية، لم تُطرح مشاريع هيكلية حقيقية لإدارة المدينة، ولم تُبنَ شراكات ذكية مع القطاع الخاص، ولم يتم تحديث التشريعات بما يواكب النمو السكاني والعمراني، الإخفاق كان واضحاً، والمطلوب اليوم هو الخروج من دوامة الكلام إلى فعل مؤسسي محكم.

لا ديمقراطية بدون كفاءة
لا يُمكن تحقيق الإصلاح الإداري من خلال صناديق اقتراع تُدار بالمال والنفوذ، الديمقراطية الحقيقية تبدأ ببيئة انتخابية عادلة، وبترشيح أشخاص يمتلكون الكفاءة، والخبرة، والرؤية، استمرار النمط القديم من الانتخابات هو إعادة إنتاج للفشل، المواطن الأردني يحتاج خدمات لا شعارات، تخطيطاً لا علاقات عامة، وقدرات تنفيذية لا وجاهات اجتماعية، لذا فإن خيار التعيين المشروط بالكفاءة والمهنية هو الحل المرحلي الأمثل لتأسيس نموذج ناجح.

التعيين الوطني للكفاءات... نموذج إصلاحي مطلوب
التوجه نحو تعيين كفاءات وطنية متخصصة ونزيهة هو الخطوة الأولى نحو التصحيح، هذا لا يعني إلغاء الديمقراطية، بل إعادة ترتيبها لتخدم التنمية لا الوجاهة، اختيار المتخصصين، والخبراء، وأصحاب الفكر الإداري والخدمي ضمن معايير شفافة سيؤسس لمجالس خدماتية قادرة على استيعاب التحديات وتقديم الحلول، تجربة التعيين لا تعني التفرد، بل التأسيس لمسار احترافي قد يُستعاد من خلال الانتخابات مستقبلاً، عندما تنضج الثقافة الانتخابية ويصبح الاختيار قائماً على الكفاءة.

الحوكمة الرشيدة وتفعيل الرقابة
من دون نظام رقابة صارم، ستبقى المجالس رهينة المزاجية الشخصية، المطلوب اليوم حوكمة حقيقية تشمل تقارير أداء دورية، ومؤشرات تنمية قابلة للقياس، ومساءلة مستمرة لأعضاء المجالس على الإنجاز لا على الحضور، كما أن ربط الأداء بالموازنات والتمويل يخلق دافعاً للإنتاجية، في غياب هذه الآليات، لن تختلف المجالس المعينة عن المنتخبة، لذلك لا بد من بناء إطار تشريعي ومؤسسي جديد يضمن النزاهة والفعالية.

غياب البعد الاستراتيجي... أين الخطط المتوارثة؟
تُظهر تجربة المجالس المُنحلة غياباً كاملاً للفكر الاستراتيجي والتخطيط التراكمي، لم تُسلّم أغلب المجالس خططاً تطويرية ممنهجة تُبنى عليها السياسات المقبلة، كما أنها لم تتسلم من المجالس السابقة برامج أو خارطة طريق يمكن البناء عليها أو استكمالها، هذا القصور يعكس خللاً هيكلياً في آلية انتقال المهام المؤسسية، ويضع علامة استفهام حول دور الحكومة في الرقابة والمتابعة، أين تقارير الأداء؟ وأين المحاسبة على ما أنجز وما لم يُنجز؟ غياب منظومة مؤسسية متكاملة للتخطيط والتوثيق يُفرغ المجالس من مضمونها ويعيدنا إلى نقطة الصفر في كل دورة جديدة.

التجارب الدولية... دروس قابلة للتطبيق
بالنظر إلى تجارب مجالس محلية في دول أخرى يكشف الفجوة الكبيرة بين ما نمارسه وما يمكن تحقيقه، تجربة بولندا مثلاً، بعد خروجها من الشيوعية، تُعد مثالاً حياً على مجالس محلية قوية تُدار بكفاءات متخصصة منتخبة أو معينة ضمن شروط مهنية، مع وجود خطط خمسية قابلة للقياس والتقييم، وفي تركيا، اعتمدت بلديات إسطنبول وأنقرة على فرق مهنية وخبرات متخصصة لإحداث تحول حضري واقتصادي حقيقي، النقطة المشتركة في هذه التجارب الناجحة هي الاعتماد على المهنية، والشفافية، والتكامل بين الحكومة المركزية والمجالس المحلية، ما يُمكّن المجتمعات من تحقيق تنمية مستدامة ذات طابع محلي.

التعيين الكفؤ كاستحقاق وطني في زمن التحولات
في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، ووسط التحديات الاقتصادية والخدمية الضاغطة، يُصبح التوجه نحو تعيين الكفاءات استحقاقاً وطنياً لا ترفاً تنظيمياً، الأردن بحاجة إلى نُخب عملية قادرة على التصرف السريع المدروس، وتحليل المعطيات الإقليمية والمحلية، والتصرف بواقعية ووطنية مسؤولة، إننا أمام مرحلة مفصلية، تتطلب قرارات جريئة، وسرعة استجابة، وإبداعاً في الحلول، المجالس التي نريدها يجب أن تكون أذرع تنفيذية ومراكز تفكير لا مساحات مجاملة أو تسويف، إن روح المرحلة تفرض علينا استثمار كل طاقة بشرية مخلصة ومؤهلة من أجل إعادة الاعتبار لدور الدولة الأردنية في خدمة المواطن.

جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين: تطلعاته للبلديات... رؤية سيادية للتنمية المستدامة
منذ سنوات، وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يضع في سلم أولوياته مسألة التحديث الإداري والتنمية المحلية المُستدامة، باعتبارها بوابة الإصلاح الحقيقي وبناء الدولة الحديثة، في خطبه ورسائله وزياراته الميدانية، لطالما أكد جلالته على أهمية الارتقاء بالخدمات، وتعزيز كفاءة المجالس المحلية، وضرورة الاستثمار في الإنسان الأردني كأولوية تنموية، رؤيته ليست نظرات أو مؤقتة، بل متجذرة في نهج يهدف إلى تمكين المحافظات والبلديات لتكون مراكز قرار وتخطيط لا مراكز شكوى وانتظار، لذلك، فإن أي إعادة هيكلة لهذه المجالس يجب أن تكون على مستوى طموحات جلالة الملك، الذي لا يزال يُطالب بتكريس مفهوم الحاكمية الرشيدة، والرقابة الفاعلة، والتمكين العادل للمواطنين في صنع القرار التنموي المحلي، إنها رؤية ملكية بعيدة المدى، تنشد دولة عصرية بكوادر مهنية ومؤسسات شفافة، تنعكس نتائجها على حاضر المواطن ومستقبل الوطن.

التوصيات وخارطة طريق نحو التصحيح: انطلاقاً من كل ما سبق، نضع أمام صانعي القرار توصيات قابلة للتنفيذ:
1. اعتماد آلية تعيين شفافة تعتمد على المؤهلات والخبرة.
2. تحديد مدة تكليف المجالس المعينة وربطها بتقارير أداء.
3. تفعيل الرقابة المؤسسية والمجتمعية على الأداء.
4. إعداد أدلة إجرائية موحدة لكل مجلس تنظيمي.
5. وضع خطة تنمية استراتيجية لكل محافظة.
6. استحداث وحدة دعم فني ومهني داخل كل مجلس.
7. تمكين الشباب والنساء في مجالس التعيين.
8. تعزيز الشفافية المالية والتقارير السنوية العامة.
9. مُراجعة التشريعات المتعلقة باللامركزية وأمانة عمان.
10. إعداد خارطة طريق للعودة إلى انتخابات قائمة على الكفاءة لا الوجاهة.











طباعة
  • المشاهدات: 3894
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-07-2025 01:17 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم