حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4946

الملك عبدالله الثاني : صرخة ضمير ضد انحدار العالم الأخلاقي في غزة

الملك عبدالله الثاني : صرخة ضمير ضد انحدار العالم الأخلاقي في غزة

الملك عبدالله الثاني : صرخة ضمير ضد انحدار العالم الأخلاقي في غزة

21-06-2025 10:51 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : امجد بشكار
أطلق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني صرخة ضمير عالمية، لامست جوهر المأساة الإنسانية التي تشهدها غزة في خطابه أمام البرلمان الأوروبي، وفضحت التناقضات الصارخة في المواقف الدولية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، لم تكن كلمته مجرد خطاب دبلوماسي، بل شهادة تاريخية على زمن فقد فيه العالم بوصلته الأخلاقية، وتحول فيه الظلم إلى روتين، والمأساة إلى مشهد يومي لا يحرّك ساكناً.
غزة... المرآة التي تعكس الانحدار الأخلاقي للعالم
قال الملك عبدالله الثاني: "يتجه العالم اليوم نحو انحدار أخلاقي، يتمثل بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها"، بهذا التصريح الجريء لم يكتفِ الملك بتشخيص المأساة، بل وضع المجتمع الدولي بأسره أمام مسؤولياته، محمّلاً إياه وزر الصمت والتخاذل، وموضحًا أن ما يحدث في غزة ليس فقط أزمة إنسانية أو سياسية، بل سقوط أخلاقي مدوٍّ.
غزة، التي صارت عنوانًا للمعاناة، تُحاصر وتُقصف، يُقتل أطفالها وتُستهدف مستشفياتها، في مشهد لا يمكن تفسيره إلا باعتباره تهاويًا لكل القيم التي طالما تغنّى بها العالم المتحضر. فكيف لعالم يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان أن يسمح باستخدام المجاعة كسلاح؟ كيف لمجتمع دولي أن يقف عاجزًا، بينما يُقتل المدنيون وتُدك المدارس والمخيمات، ويُطارد من يسعف الجرحى أو يوثق الحقيقة؟
من الفعل الوحشي إلى "الطبيعي".. كيف وصلنا إلى هنا؟
تساءل الملك في خطابه: "كيف يعقل لما كان يعتبر فعلاً وحشيًا، مثل الهجوم على مرافق الرعاية الصحية قبل 20 شهرًا فقط، أن يصبح الآن أمرًا شائعًا لدرجة أنه بالكاد يُذكر؟" هذه الجملة تختزل مأساة العصر. فما كان محرّمًا بالأمس، صار اليوم مألوفًا. القتل لم يعد يُصدم، والقصف لم يعد يُستنكر، وكأنّ العالم فقد حساسيته تجاه الألم، أو كأنّ المعايير الأخلاقية صارت تُقاس حسب هوية الضحية وجنسية الجلاد.

هذه التساؤلات ليست مجرد استنكار لما يجري، بل محاولة لإيقاظ الضمير العالمي من سباته، ودعوة لإعادة تقييم الأولويات الإنسانية، فحين يُصبح استهداف المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين شيئًا "عاديا"، فإنّ ذلك لا يعني فقط الفشل السياسي، بل الانهيار الكامل للقيم.
الإدانة وحدها لا تكفي.. أين الفعل؟
لطالما عبّر الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، عن مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً أن السلام لا يمكن أن يُبنى على أنقاض الظلم، وأن لا استقرار في الشرق الأوسط دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. لكنّ خطابه في البرلمان الأوروبي لم يكتفِ بالدعوة للسلام، بل أطلق تحذيرًا مدوّيًا: إنّ استمرار الصمت والتقاعس ليس فقط مشاركة في الجريمة، بل سيقود إلى انفجار أكبر لن ينجو منه أحد.
وهنا، يضع الملك المجتمع الدولي، وخاصة القوى الكبرى، أمام خيارين: إمّا أن تتحرك لإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا، أو أن تتحمّل عواقب التخاذل والتواطؤ.
صوتٌ في زمن الصمت
كلمة الملك عبدالله الثاني كانت مختلفة، ليس فقط لأنها جاءت في منبر دولي مرموق، بل لأنها كسرت حاجز الصمت الذي يحيط بغزة. لم تكن الكلمات دبلوماسية ناعمة، بل كانت نداءً صريحًا، كشف التناقضات في خطاب "حقوق الإنسان" الغربي، الذي يغض الطرف عن المأساة الفلسطينية بينما يتحرك بسرعة في قضايا أخرى أقل فداحة.
في زمنٍ صار فيه التنديد مجرّد إجراء شكلي، جاءت كلمة الملك لتعيد تعريف الموقف الأخلاقي، وتؤكد أن الصمت ليس حيادًا، بل خيانة. وأن الدفاع عن الأطفال الأبرياء والعاملين في القطاع الصحي والصحفيين ليس خيارًا سياسيًا، بل التزام إنساني لا يحتمل التأجيل.
هل يصحو الضمير العالمي؟
يبقى السؤال مطروحًا بعد كلمة الملك: هل يصحو الضمير العالمي؟ هل يستيقظ العالم من غفوته أمام المجازر اليومية؟ أم سيواصل تقنين الوحشية وتبرير الظلم؟

إن كلمة الملك عبد الله الثاني لا يجب أن تُنسى، بل يجب أن تُسجّل في التاريخ كواحدة من أقوى المواقف الأخلاقية التي كُرّست للدفاع عن غزة. فقد قال ما يجب أن يُقال، ووضع العالم أمام مرآته، فإما أن يرى نفسه كما هو، أو أن يستمر في خداع نفسه إلى أن يبتلعه الانهيار الأخلاقي الكامل.








طباعة
  • المشاهدات: 4946
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-06-2025 10:51 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم