11-06-2025 09:37 AM
بقلم : نضال أنور المجالي
في زمن ليس ببعيد، في قلب الأردن، حيث تتلألأ الرمال الذهبية تحت شمس الأصالة، وتهب رياح الهِمّة على جبال الشموخ، وُلد طفلٌ يحمل في عينيه بريق المستقبل، وفي قلبه حباً فُطرياً للوطن. لم يكن هذا الطفل كغيره، فقد نشأ في كنف أسرة هاشمية عريقة، وفي حضن بيتٍ يعبق برائحة البطولات والتضحيات.
في إحدى ليالي عمان الباردة، أو ربما في صباحٍ ربيعي دافئ، التقطت عدسة الكاميرا لحظةً أصبحت أيقونةً للزمن. طفلٌ صغير، بابتسامةٍ تملأ وجهه البشوش، وعينين تبرقان بالذكاء، يرتدي زيّاً عسكرياً أصغر من مقاسه بقليل، وكأنّه يرتدي درعاً يستعد به لمواجهة العالم. فوق رأسه، تتدلى الكوفية الحمراء المهدبة، يزينها شعار الجيش العربي، وكأنها تاجٌ يرمز إلى مسؤولية عظيمة قادمة.
لم تكن هذه الصورة مجرد لقطة عابرة، بل كانت نبوءةً صامتة. فمنذ نعومة أظفاره، تشرب هذا الطفل، الذي سيصبح فيما بعد صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، قيم العسكرية النبيلة. كان يسمع حكايات الشجاعة من والده، الملك الباني الحسين بن طلال، الذي كان قائداً أعلى للقوات المسلحة، ويرى في عيني والده الإخلاص المطلق لوطنه وجيشه. كل همسة في ذلك البيت كانت تحمل في طياتها درساً في الانضباط، وفي كل خطوة كان يتعلم معنى الولاء، وفي كل نظرة كان يرى التضحية طريقاً للعز.
تخيلوا معي، هذا الطفل الصغير، الذي لم يتجاوز بضع سنوات من عمره، يرتدي هذا الزي بكل فخر، وكأنه يدرك في قرارة نفسه أن هذا الزي ليس مجرد قماش، بل هو رمزٌ لدولة، ورايةٌ لوطن، ومستقبلٌ لأمة. لقد كانت روحه الصغيرة تتشرب كل هذه المعاني، لتنمو فيه بذرة عسكرية قوية، وتتحول مع مرور الأيام إلى شجرة باسقة، جذورها عميقة في تراب الأردن، وفروعها تمتد لتحمي أبناءه.
لم تكن هذه الصورة مجرد صورة لطفل في زيّ عسكري، بل كانت تجسيداً لعهدٍ مبكرٍ بالولاء والانتماء. كانت إشارةً إلى أن هذا الطفل سيحمل راية القيادة، وسيواصل مسيرة الأجداد في بناء جيشٍ عربيٍ قوي، درعاً منيعاً للأردن، وسنداً لأبنائه.
اليوم، وبعد أن أصبح هذا الطفل ملكاً وقائداً أعلى للقوات المسلحة، لا تزال تلك الروح العسكرية تتدفق في عروقه. يحرص جلالته على أن يبقى الجيش العربي في أبهى حلله، متطوراً ومجهزاً بأحدث التقنيات، والأهم من ذلك، محتضناً لرجاله البواسل، أولئك الذين يقدمون أرواحهم فداءً للوطن.
هذه الصورة، التي التقطت في بدايات الطريق، تذكرنا بأن العظمة تبدأ ببذور صغيرة من العشق والانتماء. إنها تدعونا جميعاً، ليس فقط لتقدير تضحيات جيشنا، بل لتجسيد قيم الولاء والانتماء في حياتنا اليومية، ولنكون جميعاً جنوداً أوفياء في خدمة الأردن، تحت راية قيادته الهاشمية الرشيدة.
حفظ الله الأردن، وحفظ الهاشميين، وحفظ جيشنا العربي الباسل.
الكاتب: المتقاعد العسكري نضال أنور المجالي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-06-2025 09:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |