24-05-2025 08:29 AM
بقلم : ماجد الفاعوري
في لحظات السكون الخادع حين يبدو أن الدولة ممسكة بزمام الأمور وتوحي للناس أن كل شيء تحت السيطرة يتسلل الخطر من بين أصابع التهاون وتستيقظ ذاكرة الأردنيين على مشاهد قديمة لم يُطوها الزمن بل طُويت عنها فقط عدسات الإعلام والتقديرات السياسية قصيرة النفس ففي الزوايا المعتمة تنمو الأخطاء وفي ركن من هذا الركن تحديدًا تُترك جماعة الإخوان المسلمين لتعيد ترتيب صفوفها تحت غطاء "المسيرات" و"الحرية" بينما الحقيقة التي يراها الناس ويشمّون دخانها من بعيد أن ما يجري هو عودة سياسية مبطنة تسير بخطى محسوبة نحو الفوضى
فكيف يمكن تفسير هذا الصمت الرسمي تجاه جماعة احترفت التسلل وراكمت الخبرة في اللعب على الحبال شعاراتها المعلنة شيء ورسائلها من تحت الطاولة شيء آخر هي لا تخرج إلى الشارع دعما لغزة كما تدّعي بل لتعيد خلق حالة شعبوية مصطنعة توهم البسطاء أن خلاص الأمة يمر عبر خطابها الحزبي القديم المتكلّس خطاب لا يعترف بالدولة إلا حين تكون منصة يستخدمها ولا يحترم المؤسسات إلا حين تُسخّر لخدمة مشروعه الضبابي
والسؤال الذي يُقرع في وجدان الشارع الأردني لماذا تسمح الدولة لجماعة ثبت ارتباطها فكريا وتنظيميا بشبكات عابرة للحدود أن تتحرك بهذا الشكل العلني لماذا تُرفع في مسيراتهم شعارات شكرٍ لميليشيات تهدد أمننا الجوي وتخترق سيادتنا كما لو أن الأردن مجرد ممر أو ساحة لتصفية الحسابات هل أصبح أمن الأردنيين قابلًا للمساومة تحت وهم استيعاب الجماعة أو تهدئتها
في هذا المفصل التاريخي الحرج يجب أن يُقال الكلام الخطير ولو في رمقه الأخير فالتساهل مع الإخوان ليس فقط خطرًا سياسيًا بل هو قنبلة موقوتة تزرع من جديد في قلب المجتمع الأردني ما الذي ننتظره كي نُدرك حجم التهديد عودة الجماعة ليست شأنًا تنظيميًا داخليًا إنها عودة خطاب راديكالي مرفوض من الشارع يلبس عباءة الإنسانية ليمرر رسائل الشكر للمحاور الخارجية ويجس نبض الحكومة ويختبر صبر الأجهزة
إن الشارع الأردني ليس مغفلًا ولن تنطلي عليه هذه المسرحيات فحين يرى الناس من يرفع رايات ميليشيات خارجة عن القانون ويشكر أدوات الحرب الطائفية التي تستهدف جوارنا العربي ويُشرعن خطاب الكراهية الطائفي المسموم تحت لافتة "دعم فلسطين" فإنهم يعرفون أن هذا ليس دعمًا لغزة بل استخدام لغزة لتمرير مشروع بديل عن الدولة
لقد تكلم الناس وعبّروا وأرسلوا إشارات واضحة أن لا رجعة للإخوان ولا قبول لتسامح حكومي يعيدهم إلى الواجهة بصيغة ناعمة ولكن الحكومة لا تزال صامتة وكأنها تنتظر أن يُترجم هذا الغضب الشعبي إلى شيء أكبر من الكلمات وكأنها لم تتعلم من عشرية الارتباك كيف تبدأ الأمور بشعار وتنتهي بانقسام وطني
الدولة إن لم تكن حاسمة الآن فإنها تعطي رسالة خاطئة مفادها أن الصخب يكافأ وأن اختراق الخطوط الحمراء لا يواجهه سوى الحبر الباهت في بيانات وزارة الداخلية إن لم يُحسم الموقف اليوم فإن رمق الكلام قد يصبح رمادًا وحينها سيكون الشارع هو من يُعيد ترتيب قواعد اللعبة لا المؤسسات
هذا المقال لا يدعو إلى قمع ولا إلى حجب التعبير لكنه يدعو إلى حماية السيادة الوطنية من مخالب الذين لا يؤمنون بها أصلًا يدعو إلى أن يُفرّق بين صوت الأمة الحقيقي وصوت الجماعات التي استخدمت معاناة الشعوب مطية لأجندات مشبوهة
إن صمت الدولة على ما يحدث ليس حيادًا بل تواطؤ بالصمت وإن الشارع الذي لطالما التزم سيكون يومًا هو من يُملي كلمته الأخيرة ولكننا الآن نكتب رمق الكلام الأخير عسى أن يُسمع
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-05-2025 08:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |