حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,12 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5444

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: التأمين الطبي ومديونية الجامعات: تجربتي الشخصية

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: التأمين الطبي ومديونية الجامعات: تجربتي الشخصية

د.عبدالله سرور الزعبي يكتب: التأمين الطبي ومديونية الجامعات: تجربتي الشخصية

11-05-2025 10:23 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عبدالله سرور الزعبي
كغيري من أبناء الوطن كنا قد تابعنا الحراك في الجامعات الأردنية الحكومية إثر قرار مجلس التعليم العالي الصادر بموجب كتاب رقم م ع /5175 تاريخ 4/5/2025 والمتضمن وقف الاشتراك في التأمين الصحي في القطاع الخاص، وان يكون الاشتراك في التأمين الصحي الحكومي وهو القرار الذي جاء كإحدى توصيات اللجنة المشكلة لمعالجة مديونية الجامعات، وجاء بعد مقابلة بعض رؤساء الجامعات الذين طالبوا بذلك (كما علمت من احد المصادر الذي طلب عدم ذكر اسمه)، وان كان حصل مثل هذا الامر، فهو يعني نقل مسؤولية مثل هذا القرار من داخل الجامعة الى مستوى اعلى، لتجنب تحمل تبعاته. ان مثل هذا القرار يذكرني بقرار دولة الدكتور عبد الله النسور عام 2014، والذي منع فيه التعيينات الإدارية في الجامعات، وكان ذلك بعد اجتماعه مع رؤساء الجامعات في قاعة المدينة الرياضية وطلبه منهم إيقاف التعيينات الإدارية، قائلاً إذا لم تستطيعوا فسأتخذ أنا القرار، ورحبوا جميعهم بذلك (وكنت حاضرا على ذلك بصفتي مدير عام صندوق دعم البحث العلمي)، الا انهم وبعد صدور القرار اعتبروه تدخلاً في عمل الجامعات، وهي مستقلة وفقاً لأحكام القانون).


ان ما حصل بداية الأسبوع الماضي بعد صدور قرار المجلس يوم 4/5/2025، أعاد الذاكرة الى تجربتي مع ملف التأمين الصحي في جامعة البلقاء عام 2016، وذلك بعد أن تشرفت بصدور الإرادة الملكية السامية بتعيني رئيساً للجامعة، وباشرت عملي يوم 28/6/2016، وما زال في الذاكرة أن أول مواضيع كانت قد وضعت أمامي، عدم صرف رواتب العاملين في الجامعة حتى ذلك التاريخ، ورفض المستشفيات والصيدليات والأطباء استقبال العاملين، بسبب تراكم الديون وعدم قدرة الجامعة على الوفاء بالتزاماتها اتجاه الجهات الطبية.
كانت المفاجأة، استلام الجامعة كتاب معالي وزير التعليم العالي آنذاك بتاريخ 17/7/2016، والمتضمن حصر اتفاقيات التأمين الطبي للعاملين في جامعة البلقاء مع مستشفيات وزارة الصحة ومستشفيات الجامعات الرسمية والخدمات الطبية الملكية، وهو الامر الذي اعتبرته رئاسة الجامعة آنذاك تدخلاً مباشراً في عملها، وسلبها حقها في الاستقلالية التي منحها إياها القانون، مما استدعى إبلاغ معالي الوزير آنذاك، بأن الجامعة ستلتزم بأحكام القانون وبنظام التأمين الصحي فيها، وستعمل على معالجة أزمتها المالية (العجز والديون والمطالبات المالية، والتي قدرت وقتها بحوالي 67 مليون دينار)، ومنها ملف التأمين الطبي، والذي قدرت ديونه التراكمية عبر السنوات بحوالي 17.5 مليون (حسب تقرير مدير محاسبة التأمين الصحي في الجامعة آنذاك)، وان نسبة تحمل الجامعة وصلت أحياناً الى ما يزيد على 4.5 مليون دينار سنوياً.
ان مثل هذا الامر استدعى دراسة ملف المديونية والعجز بكافة عناصره، ومنها ملف التأمين الصحي، للوقوف على الأسباب التي أوصلت مديونية التأمين الصحي الى هذا المستوى من التعقيد.
ان الدراسة التفصيلية بينت ان الأسباب الرئيسة لمشكلة التأمين الصحي في الجامعة آنذاك، كانت بسبب سوء إدارة الملف، وانخفاض قيمة المساهمة المالية للمنتفعين، ووجود اعداد من المشتركين (أكثر من 2600 مشترك، على ما اذكر) كان اشتراكهم مخالفاً لنظام التأمين الصحي، وجود مخالفات من قبل بعض الجهات الطبية ومن بعض المنتفعين.
خلال بضعة أشهر، كنا وفريقي قد وصلنا الى خطة لهيكلة الجامعة، ومعالجة أسباب الخلل، ومنها ملف التأمين الصحي بهدف إنقاذه، والمحافظة على استمراريته وتحسين جودته لما له من أبعاد نفسية واجتماعية على العاملين.
إلا أن القرار كان قد اتخذ من قبل كافة مجالس الحاكمية في الجامعة (مجلس الجامعة بتاريخ 31/10/2016، ومجلس الأمناء فيها) وأصبحت حزمة الإجراءات المتخذة واجبة التنفيذ، والتي منها، إخراج كافة الجهات الطبية المخالفة لعقود الاشتراك من شبكة التأمين الصحي، وإخراج كافة المشتركين الذي اعتبر اشتراكهم مخالفاً لنظام التأمين الصحي من قوائم الاشتراك (اكثر من 2600 مشترك)، ورفع رسوم الاشتراك في التأمين الصحي، واستحداث الدرجة الخاصة لمن يرغب، وانشاء وحدة خاصة بالتأمين الصحي في الجامعة لمتابعة كافة اعمال الإجراءات الطبية، والرقابية، وضبط النفقات، والتدقيق والمتابعة الحثيثة وتقديم التقارير الأسبوعية، مع فتح باب الاشتراك لمن يرغب في التأمين في مستشفيات وزارة الصحة والخدمات الطبية وفقا للأسس المعمول بها والمقرة من قبل الحكومة لهذه الغاية، على أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات اعتباراً من 1/1/2017. تبعها بعد ذلك الدخول في مفاوضات مع الجهات الطبية الدائنة، حيث تم الوصول إلى أنها ملف الديون بقيمة لم تتجاوز 40 % من قيمة المطالبات التراكمية والتي كانت تعود لأكثر من عقد من الزمن آنذاك.
كما أذكر بأن معالي وزير التعليم العالي في شهر تشرين الثاني 2016 كان قد استفسر عن خطة الجامعة لمعالجة أزمتها المالية ومنها ملف التأمين الصحي، وقد تم اطلاعه على خطة الجامعة، والمتضمنة الهيكلة الادارية والأكاديمية، وهيكلة التعليم التقني وتخصصات الدرجة الجامعية المتوسطة، والتأمين الصحي والذي التزمت الجامعة بالمحافظة عليه وتجويد خدماته، وكان ذلك بتاريخ 3/11/2016، وهو بارك الإجراءات على ان تتحمل رئاسة الجامعة تبعات ذلك، وبنفس الوقت لم يتدخل كسابقه، الذي عاد لموقعه فيما بعد، ليتدخل في الترقيات ومنح الرتب الأكاديمية والتعيينات والعقود وإعادة المستغنى عن خدماتهم بسبب الاستلال العلمي، لا بل مارس التحريض وتشويه الحقائق (موثق).
إن هيكلة التأمين الصحي في الجامعة، خفضت نسبة تحمل الجامعة من حوالي 4.5 مليون دينار 2015 الى اقل من 1.5 مليون دينار عام 2017، ولتنخفض الى حوالي 0.5 مليون دينار في السنوات التي تلتها، وأذكر أن نسبة مساهمة الجامعة وصلت إلى مستوى معقول فيما بعد.
ان مثل هذا الاجراء، جعل من شبكة التأمين الصحي في الجامعة من أفضل الشبكات الطبية على مستوى المملكة، وقد ساهم مع بعض الإجراءات المالية الأخرى، مثل هيكلة التعليم التقني وهيكلة الكليات، وتطوير أداء وحدة الرقابة الداخلية (الذي بفضل فعاليتها انتقلت الجامعة من تقيم 46 % في النصف الأول من عام 2016 الى ان وصلت الى واحدة من أفضل 10 مؤسسات حكومية في التقييم الرقابي وبتقدير 98 %، 2020)، جميعها ساهمت في إخراج الجامعة من أزمتها المالية، والتي بدأت تشهد وفراً مالياً سنويا اعتباراً من عام 2017 وحتى نهاية 2021، وأخرجتها من أزمتها المالية، وكان لديها فائض يقدر بأكثر من 8 ملايين دينار مع نهاية 2021 (عند عمل مقاصة بين الذمم الدائنة والمدينة، موثق)، وعلى عكس ما تم الحديث عنه بوجود ديون على الجامعة قدرت بأكثر من 20 مليون دينار بتاريخ 11/4/2022، ثم قدرت مرة أخرى بـ 40 مليون دينار بتاريخ 19/7/2022، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب؟
إن أسباب أزمة مديونية الجامعات، والتي تناقش منذ أكثر من عقدين من الزمن، والتي سبق ان كتبت عنها بتاريخ 5/7/2023، تحت عنوان «مديونية الجامعات الرسمية بين الواقع والتضخيم» والتي يعزيه البعض الى نقص في التمويل الحكومي، أو انخفاض رسوم الساعات المعتمدة، أو إلى تكلفة دراسة الطلبة المستفيدين من قانون التقاعد، وغيرها من الأسباب، إلا أنهم أغفلوا أن السبب الرئيسي يعود إلى القرارات الإدارية الخاطئة أو الاسترضائية، او التردد في اتخاذ القرار في الوقت المناسب، التي لا تظهر آثارها المالية مباشرة عند اتخاذها، بل يكون اثرها المالي السلبي تدريجي ليتراكم، إلى أن تتعمق الأزمة وتصل الى مستويات مرتفعة كما هو في جامعة اليرموك مثلاً، والتي لا يسأل عنها أحد فيما بعد، وهذا ما خلصت إليه النقاشات التشاورية في جامعة اليرموك، ومنها تجربتي الشخصية أيضاً.
على الرغم من أن مديونية الجامعات هي عملية تراكمية، كنتيجة لأخطاء سبق وأن ارتكبت، إلا أن الخروج منها عملية ممكنة في حال توفرت الإرادة والشجاعة في اتخاذ القرارات التي تخدم الجامعة والبعيدة كل البعد عن القرارات الشعبوية والاسترضائية.


الغد











طباعة
  • المشاهدات: 5444
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-05-2025 10:23 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
مع اقتراب انتهاء الدورة العادية الأولى لمجلس النواب العشرين.. ما هو رأيكم في أداء المجلس حتى الآن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم