02-05-2025 10:04 AM
بقلم : موسى الدردساوي
في دولةٍ آمنت بالتعددية، وبنت دستورها على مبدأ حرية الرأي والتعبير، يصبح الحديث عن تهديد صحفي أو ترهيب كاتب أمرًا لا يمكن تجاهله أو تبريره. فالمؤلم في المشهد ليس فقط أن تُستهدف الكلمة، بل أن يُهدَّد حاملها لأنه اختار أن يقول الحقيقة.
تتصاعد في الآونة الأخيرة إشارات خطيرة لا يمكن أن تمر بصمت؛ رسائل تهديد تصل إلى صحفيين بسبب أخبار نشروها، وجهات إعلامية تتعرض للضغط لأن ما تنقله لا يروق لبعض الأطراف. هذه التصرفات – وإن بدت فردية – إلا أنها تفتح أبوابًا لا نُريد أن تُفتح، وتعيدنا خطوة إلى الوراء في مسيرة الإصلاح والديمقراطية.
الصحافة لم تكن يومًا رفاهية، بل ضرورة. هي المرآة التي تعكس صورة الواقع، بألوانه وتفاصيله. وهي الحارس غير المسلح على بوابة العدالة والمساءلة. والصحفي، حين يكتب، لا يطلب امتيازًا، بل يمارس دوره الذي كفله الدستور.
ولأننا نعيش في دولة القانون، فإننا نعود لنص المادة (15) من الدستور الأردني التي تنص صراحة على أن:
"تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يُعبّر بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، ضمن حدود القانون. وتكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون."
من هنا، لا نوجّه الاتهام، بل نرفع النداء. نطالب بأن تكون الدولة، بمؤسساتها كافة، هي الضامن الحقيقي لحرية الإعلام، والحامي الأول للصحفي حين يتعرض للضغط أو التهديد. لأننا إن فقدنا احترامنا للصحافة، خسرنا واحدًا من أهم أعمدة الدولة الحديثة، وارتددنا نحو أنماط لا تليق بتاريخ الأردن ولا بطموحات أبنائه.
الصحفي لا يحمل سلاحًا، بل يحمل قلمًا. وإن أُرعب صاحب القلم، فمن سيكتب؟ وإن أُسكتت الكلمة، من سيحكي حكاية الناس؟
آن الأوان أن نُعيد الاعتبار للكلمة، وأن نُؤمن حقًا بأن الإعلام ليس عدوًا، بل شريك في البناء، ورفيق في طريق الإصلاح.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-05-2025 10:04 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |