حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,14 ديسمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 34880

تبّاً لعودتها المدارس .. جعلتني أبكي ؟

تبّاً لعودتها المدارس .. جعلتني أبكي ؟

تبّاً لعودتها المدارس  .. جعلتني أبكي ؟

02-03-2013 09:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د .ظاهر الزواهرة
الموت يا سيدي غيّب عنّا المحبينا
ذهبوا إلى مدارسهم فرحين بالفصل الجديد ، ويمرحون ويلعبون في كل ناحية من بيتهم الثاني ، وبقيت أنت لم تذهبْ ولم تلعبْ ، وبقيتَ أنت بعيداً عن الرفقاء والصحب ، فهل سيذكرونك حين يجدون مقعدك خال ٍ من الوجه الجميل ؟ ومن مشاكسة أودتْ بك أيها الطفل ؟ ولم تدرِ كم مشاكسة وذكاء كانتْ في عيون الحاسدين جمراً وناراً !
حملوا حقائبهم ومضوا إلى غرفة الصف ، يحملون معهم كتبهم ودفاترهم وأقلامهم ، وحملتَ أنت حقيقبة السفر البعيد ، تحمل معك مالا نعلمه ، وحمّلتنا بعد الفراق دمعة تحرق الأجفان ، وغصة في الحلق لا تقلع ، حمّلتنا يوم الفراق مالا نطيق ، والوجع في القلب ، نعتصر الأسى حين تحطّمتْ الآمال والأحلام ، وحل مكانها الألم الشديد ، هي الآلام تطفو فوق منزلنا :
ياربّ لولاك متنا من الحزن ، وابيضت العين ، فلا لنا إلّاك !
آه أيها الطفل كم هي الدنيا تقسو علينا كل عام ! كم هي الدنيا عجيبة ! كم هي الدنيا غريبة !
بالأمس كنتَ هنا تشرب شوارع الحيّ ، وتقفز من هناك ، وصوتك أعلى من الحقد الدفين ، وأغلى من الذهب الثمين ، بالأمس كنتَ هنا تملأ الدنيا نسيماً وابتسامة ، في كل زاوية من البيت أراك حين أنظر ، لم تغبْ عني لحظة واحدة ، ما زلتُ أراك تبتسم وأنا أحدّثك ، وأجدك بابتسامتك خجلاً ، مازلتُ أرى صورتك على سلّم الألعاب في حديقة الحيوان ، أحدّق فيها ، أهذا أنت ؟
واليوم لم تعد لبيتنا ، لقد آثرتَ الرحيل ، وأي رحيل ٍ يا ابن أخي ؟ وقد أخذ قطعة من كبدي وقلبي ؟ أي رحيل ٍ ترك مجرى لدمعي على خدي ؟ أي رحيل ٍ جعل السواد أعظم في المكان ؟ أي رحيل ٍ لم يحمل لنا وقتاً كي نودّعك ، ونلوح لك بيد ٍ تشتاق لك ! أي رحيل ٍ لم يُتحْ لنا فيه أن نراك كما يجب ، قل لي : أي مكان يتسع لمدمعك ؟ لو أن روحي تفتديك لقلتُ لك خذني معك ! أي رحيل لا لقاء بعده أو يجمعك ؟
آه أيتها المدارس لا تفتحي الأبواب بل اغلقيها فإنّ ( رائد ) لم يأتِ إليك ! فإنّ ( رائد ) لم يكن في ساحاتك اليوم ، ومقعده هناك في غرفة الصف ! تبّاً لك أيتها المدارس التي لا تبكيه حين أحبَّها ، ولم يفارقها إلا هناك في روضة الجنة ! تبّاً لك أيتها المدارس بعد ( رائد ) أن تكون !
هناك مقعده ! هناك كتبه ! هناك دفاتره وأقلامه ! وبقيتْ هنا آلامه ! وبقيتْ هنا ذكراه تلمسنا كما قطرات الندى ، وألمحهها كلّما هاجت الذكرى حبيباً يعشقك !
آه يا ابن أخي !لو أستطيع أن أهزم الصخر الأصم ! لو أستطيع أن أبعد الأسمنت من فوقك والتراب لوجدتني عندك أنبش القبر بأسناني إذا خانتني أصابع اليدين ! لو أستطيع أن أفتديك بمال قارون وأملكه لفعلتُ ! لو أستطيع أن أشتريك بمال كسرى كلّه لفعلتُ ؛ لكنه الموت يا سيدي غيّب عنّا المحبينا ، وترك في صدرنا زفرة وأنينا ، هو الموت يا سيدي لا يرحمنا ، ولا يقدّر دموعنا وأنيننا وحنيننا ، هو الموت يا ابن أخي فرّق وبعثر وأبكى ، لم يأخذ الأذن منّا ، بل يمنح القهر والعذاب ، ومن نحن سوى ضعفاء هدّنا التعبُ ؟ لا نملك دفع الضرر عن أنفسنا حتى ندفع عنك الضرر ؟ لن نستطيع أن ندفع الموت عنّا كي عنك ندفعه ؟ وإذا الذي فقد الغوالي كلهم قد صاح مثلي وانقهر :
- ولقد حرصتُ بأن أدافع عنهمُ وإذا المنية أقبلتْ لا تدفعٌ
- وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارها ألفيتَ كلّ تميمة ٍ لا تنفعُ
والله يا ابن أخي ساقني الدمعُ إلى حزن ٍ عميق ، وصرختُ وبكيتُ ، نعم بكيتُ ، وكم سالت الدمعات من عيني على وجنتيّ ! ولبكيتُ لو كانت دموعي تنفعك ! ولصرختُ لو كانت الصرخاتُ قسرا تُرجعك ! ليس بيدي ! فهل تراني أخدعك ؟ وأكون بحزني من يشاهد مصرعك ؟ وكنتُ رغم أوجاعي معك ! أقرأ القرآن وأدعو ربي يشفيك !
آه أيها الصبي ! كم كانت الدنيا غريبة ! تقسو علينا ونحن نعشقها حبيبة ! تُبكي مدامعنا ، وتُقلق مسامعنا ، وتبقى قمة الصرخات حين تفقد غالياً !
ها قد مضيتَ ! وبقيتْ ملابسك البهية تنتظر منا السلام ، وبقيتْ ملامحك الزكية صورة في القلب لا تمّحي بعد السنين ! وبقيتْ دفاترك رهن حقيبة ٍ صماء لم تنصفك ! حين حملتها عمراً ، وحين سقطتَ تخلّتْ عنك ! ( مثل عصفور بنى عشه في غصن الشجر ، أين الوفاء لمّا الغصن انكسر ؟ عصفور الشجر ما بان ؟ ) .
آه يا ابن أخي ! أتعرف كم غصة ٍ في الحلق خلّفها بعدك عنّا والسفر ؟ أتدري كم دمعة ٍ في العين نزفتْ دماً ؟ أترانا لو نستطيع إلى التراب نسلمك ؟ ولو نستطيع ما نمتَ خارج غرفتك ؟ أو سمحنا لأحد يأخذ مقعدك ؟
تبّاً لها الدنيا ! تبّاً لعودتها المدارس أشعلتْ حرقة كادتْ تنطفي ، وفتحتْ جراحاً كادتْ تلتئم ، فجرتْ المقادير برحمة ربنا ، واليوم لن تجري الكرة التي كنتَ تركلها حصاناً في ساحة الملعب ، فحتى الملاعب لم يعد لك فيها لعب !! ولا لك في شارع الحيّ مكان أو قدم ، حتى الدفاتر والكتب !تبّاً لعودتها المدارس حين رأيتُ دمعة حمراء في عين أخي !تبّاً لها المدارس حين رأيتُ قسوتها في وجه أخي !
قف أيها البطل لا تبك ِ على طير يحلّق في الفردوس ، سيأتي – بإذن الله – بالشفاعة لك ، لا تبك ِ ! فأنتَ من علّمني الصبر على الحادثات ، وعلّمني الرجولة في النوازل والمحن ، وكيف أقوى على كسر الألم ! وشجعني على حمل الدفاتر والقلم !
قف ، لا تبك ِ ، فربي يسمعك ، وقل كما قال الحبيب على فراق حبيبه :
" إنّ القلب ليحزن ، وإنّ العين لتدمع ، وإنّا على فراقك يا رائدُ لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضي الربّ : إنّ لله وإنّ إليه راجعون "
• بقلم : .








طباعة
  • المشاهدات: 34880
برأيك.. هل تجر فرنسا وبريطانيا وألمانيا أوروبا لحرب مع روسيا رغم خطة ترامب لحل النزاع بأوكرانيا؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم