25-12-2025 09:21 AM
بقلم : الدكتور عامر عبد الرؤوف السعايده
يشكّل القطاع الرياضي في الأردن أحد القطاعات الاستراتيجية الواعدة التي لم تُستثمر بعد بما يتناسب مع أهميتها الاقتصادية والاجتماعية. فعلى الرغم من الشعبية الواسعة التي تحظى بها الرياضة، ولا سيما كرة القدم، ووجود قاعدة جماهيرية كبيرة قادرة على خلق طلب مستدام، ما يزال إسهام القطاع الرياضي في الاقتصاد الوطني محدودًا مقارنة بتجارب إقليمية ودولية نجحت في تحويل الرياضة إلى صناعة متكاملة تسهم في الناتج المحلي الإجمالي، وتولّد فرص عمل، وتستقطب استثمارات محلية وأجنبية. وفي ظل التحولات العالمية، لم تعد الرياضة نشاطًا ترفيهيًا فقط، بل أصبحت صناعة قائمة على سلاسل قيمة اقتصادية واستثمارية، ما يستدعي إدماج مفهوم الصناعة الرياضية ضمن السياسات العامة بوصفه رافعة تنموية واقتصادية مستدامة.
ويواجه الاقتصاد الرياضي في الأردن تحديًا جوهريًا يتمثل في النمط التقليدي لإدارة الأندية الرياضية، حيث تعتمد معظمها على أساليب شبه تطوعية، وموارد محدودة، ودعم حكومي غير مستقر. هذا النموذج لا ينسجم مع متطلبات السوق الرياضي الحديث، ولا يتيح التخطيط طويل الأمد أو تحقيق الاستدامة المالية. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى إعادة هيكلة الأندية وتحويلها إلى كيانات احترافية، عبر إشراك القطاع الخاص والشركات الاستثمارية، وتطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية، بما يعزز الثقة ويجذب رؤوس الأموال.
كما يُعد تطوير البنية التحتية الرياضية ركيزة أساسية لبناء اقتصاد رياضي قوي. فالملاعب والمنشآت الرياضية تمثّل الأساس لأي نشاط استثماري، إلا أن العديد منها لا يزال يفتقر إلى المعايير الدولية. وفي هذا السياق، يبرز الدور المهم للبلديات بالتعاون مع وزارة الشباب في التخطيط وإنشاء ملاعب حديثة داخل المحليات، بما يضمن عدالة التوزيع الجغرافي، ويوسّع قاعدة الممارسة الرياضية، ويسهم في اكتشاف المواهب وتعزيز التنمية المحلية.
ويحتل احتراف اللاعبين وتطوير الأندية موقعًا محوريًا في معادلة العائد الاقتصادي، إذ يمثّل اللاعبون رأس المال الحقيقي للقطاع. ويتطلب تعظيم هذا العائد تبنّي سياسات واضحة لتطوير المواهب، وإنشاء أكاديميات احترافية، وتنظيم عقود عادلة تحفظ حقوق جميع الأطراف. كما أن تمكين اللاعبين من الاحتراف الخارجي يرفع القيمة السوقية للأندية والدوري المحلي.
ولا يكتمل بناء الاقتصاد الرياضي دون إعادة النظر في الأطر تشريعية بما يواكب التطور الرياضي، واعتماد أدوات الاقتصاد الرقمي والتسويق الرياضي وحقوق البث الحديثة وتجودي الخدمات الرياضية الساندة.
وعليه، فإن طرح الاقتصاد الرياضي وتبنيه بجدية على طاولة السياسات العامة يُعد خطوة أساسية لتحويل الرياضة في الأردن إلى قطاع اقتصادي منتج ورافعة حقيقية للتنمية، لا مجرد نشاط ترفيهي محدود الأثر.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-12-2025 09:21 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||